أزمة الكيان «الإسرائيلي» وتوسّع الساحات…
فاديا مطر
تتعالى حدة الاستهدافات التي تسطرها المقاومة في لبنان لتشمل حدوداً أبعد في المدى والدقة والأهداف الصهيونية بعد الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة.
هذا التوسع العسكري قد حمل رسائل سياسية وأمنية كبيرة خصوصاً بعد خطاب السيد حسن نصرالله في ذكرى يوم الجريح، ثم في ذكرى القادة الشهداء، فقد وضع سيد المقاومة النقاط على حروف أكبر مما حافظت عليه المعركة الحالية في شكلها الحالي، وهو توسع أكبر لساحات الاشتباك وبنك الأهداف للمقاومة، فدخول منطقة صفد إلى عمق الاستهداف جعل من أزمة الكيان «الإسرائيلي» معضلة مضافة إلى التخبّط الحالي في تلك الجبهة، وجعل مراكمة المقاومة لبنك أهدافها وقوتها عاملاً مساعداً لجبهة غزة في الإسناد والدعم…
فقد أكد السيد نصرالله أنّ وقف العدوان في غزة يتبعه وقف النار للجبهة اللبنانية، وهو عنق الزجاجة الذي وضع سماحته العدو في قلبها بكلّ الأشكال العسكرية والسياسية وغيّر النمط العسكري الحالي باتجاه التفكير ملياً قبل أيّ ردّ فعل صهيوني قد تلجأ إليه الإعتداءات العسكرية الإسرائيلية في جبهة لا تخفى على أحد أنها إقليمية بامتياز، بل تتشابك فيها معادلات دولية شملت الولايات المتحدة والدول الأوروبية وبعض الدول العربية التي تدور في فلك واشنطن والغرب، حيث القول بأنّ أيّ اعتداء على لبنان سيقابله ردّ لبناني بنزوح مليوني مستوطن صهيوني هو قول زاد الأزمة «الإسرائيلية» عمقاً جدياً، وهذا بدوره تقرأه واشنطن بنفس القراءة “الإسرائيلية” التي أُتخمت بالخسارات العسكرية في قطاع غزة وتخسر معها المكانة الأميركية في المنطقة، فالقول المقاوم بأنّ أيّ اعتداء سيقابَل بالردّ المناسب في العمق الصهيوني، هو بحدّ ذاته تغيير مكاني وزماني لمعادلات الردع التي تقف حالياً على أعتاب تغيّر المشهد في غزة، وهو تغيّر استراتيجي لما كان بعد عدوان العام 2006 على لبنان أيضاً في قلب المشهد الفلسطيني…
جملة التراكمات التي حققها حزب الله بعد السابع من أكتوبر المنصرم بدأت مفاعيلها الحقيقية في تغيير المشهد من اليمن إلى العراق إلى سورية ولبنان، وهذا كله يضع الكيان الصهيوني ومن ورائه الدول الداعمة في قلب الخيارات أو القرارات التي قد تنعكس عليه في أيّ لحظة تهوّر يبديها…
فالتطورات المتلاحقة مع توسع الساحة العسكرية تشدّ خيارات الكيان الصهيوني نحو خيارين… إما التراجع أو التوسع خصوصاً بعد فشل اجتماعات القاهرة في إحداث أيّ متغير يذكر، ومقابله التعنت الأميركي بعدم وقف الاعتداء على غزة واستمرار المجازر، وهذا بدوره يُرشح الكثير من احتمالات التصعيد التي قد تودي بالساحات إلى الانفتاح الإقليمي على جبهات كبيرة تتصاعد فيها أزمة الكيان الصهيوني نحو انفلات الأمور من عقالها وشمولها متغيّرات جديدة تكتبها تطورات الأحداث في القرأة الأميركية والغربية وبعض العربية التي لم تحدّد حتى اللحظة خياراتها المقبلة في قراراتها…