أولى

مجزرة ملجأ العامرية في بغداد قبل 33 عاماً أحد عناوين التوحّش ضدّ الأمة

 معن بشور

في مثل هذه الأيام، في 13 شباط/ فبراير 1991، قامت القوات الأميركية بقصف ملجأ للمدنيين في بغداد في حي العامرية، ووجهت إليه صاروخين ذكيين من طائرات فـ 17، مما أدّى إلى استشهاد خمسمائة مواطن عراقي بين أطفال ونساء وشيوخ، كانوا يحتمون في ذلك الملجأ في حي العامرية، وهو معروف أنه ملجأ للمدنيين فقط، ذلك تجنباً للقصف الأميركي الذي استهدف بغداد خلال حرب الخليج الأولى عام 1991.
نتذكر هذه المجازر اليوم فيما المجازر تتوالى كلّ يوم في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه، وحيث نرى المجازر بالعشرات كلّ يوم حتى وصل العدد إلى آلاف المجازر خلال هذه الحرب التي عرفت تل أبيب كيف تبدأها قبل خمسة أشهر ونيّف ولن تعرف كيف تنهيها.
حين نستعيد ذكرى مجزرة العامرية فإنما نستعيد أيضاً ذكرى العديد من المجازر ليس في فلسطين وحدها، وإنما على امتداد أمتنا العربية والإسلامية حيث لكلّ قطر عربي مجازره التي ارتكبها المستعمرون وأدواتهم في بلادنا.
فمن ينسى المجازر التي ارتكبت في الجزائر، أو في المغرب، أو في تونس، أو في موريتانيا، أو في ليبيا، وصولاً إلى المجازر التي ارتكبت في مصر والسودان وفي الخليج والجزيرة العربية، وطبعاً في اليمن دون أن ننسى المجازر التي ارتكبت على يد الفرنسيين في سورية او في الحروب الداخلية والإسرائيلية في لبنان، ناهيك عن المجازر البريطانية في فلسطين والأردن وتلك التي ارتكبت في المخيمات الفلسطينية.
نتذكر هذه المجازر لكي ندرك أنّ أمتنا كلها، وفي القلب منها فلسطين، كانت دوما مستهدفة، وانّ تاريخها يمكن أن يُختصر بتاريخ المجازر لكي يعرف الجميع من هم أعداء الأمة العربية، ولكي يدرك الجميع كم عانى أبناء هذه الأمة من المحيط إلى الخليج من هذه المجازر التي لم تتوقف حتى الساعة بهدف إخضاع أمة ترفض أن تخضع لإملاءات أعدائها وأوامرهم، ومن أجل أن تذعن أمة ترفض الإذعان للطامعين فيها.
ولكننا اليوم نشعر بالفخر ونحن نرى المقاومين من لبنان واليمن والعراق وسورية يثأرون لأهلنا في غزة من باب المندب الى إيلات مروراً بالجولان الى الجليل الأعلى، مؤكدين انتماءهم إلى أمة العروبة والاسلام التي ترفض الخنوع كما رفضه العراقيون منذ اليوم الأول لاحتلال بلدهم في نيسان 2003.
33 عاما مرت على مجزرة ملجأ العامرية وهي باقية في ضمائرنا وفي ذاكرتنا وفي وجداننا كعنوان لاستهداف شعب أبيّ كالشعب العراقي، وكعنوان لمقاومة صلبة لم تعرف الرضوخ لمستعمر، والمقاومة البطولية، كما نرى اليوم في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسورية وعلى امتداد الأمة.
نتذكّر اليوم مجزرة العامرية ونحن نتذكر كلّ المجازر التي أدت إلى أن يدفع العراق أكثر من مليوني مواطن من أبنائه في حروب شهدها هذا البلد العربي الشامخ من أجل ضرب إرادته المستقلة، ومن أجل سلب خيراته، ومن أجل تفتيت مجتمعه.
ولكننا اليوم نشعر بالفخر ونحن نرى المقاومين العراقيين يثأرون لأهلنا في غزة من القواعد الأميركية في العراق وسورية، ويؤكدون انتماءهم إلى أمة العروبة والإسلام التي ترفض الخنوع كما رفضه العراقيون منذ اليوم الأول لاحتلال بلدهم في نيسان 2003 وبدأوا مقاومة بطولية أسهمت في إسقاط مؤامرة كبرى كانت تعدّ لأمتنا ظهرت تجلياتها في حرب تموز في لبنان 2006.. وحروب غزة بدءاً من 2008، وحروب سورية وليبيا واليمن وصولاً الى حرب داعش في العراق وحرب تفتيت السودان التي ما زالت دائرة حتى الآن.
33 عاماً مرّت على مجزرة ملجأ العامرية وهي باقية في ضمائرنا وذاكرتنا ووجداننا كعنوان لاستهداف شعب أبيّ كالشعب العراقي، وعنواناً لمقاومة صلبة لم تعرف الرضوخ لمستعمر او لِفتن، بل كمقاومة تتحوّل الى رقم صعب في المعادلة الإقليمية والدولية كما نرى اليوم في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسورية وعلى امتداد الأمة.
رحم الله شهداء العامرية الذين أقيمت لهم مدافن بدون جثامين لتبقى ذكراهم في الذاكرة يتذكرها كل عراقي وعربي ليعرف دور المستعمر الأميركي وأدواته في مذابح شعبنا جنبا إلى جنب مع المحتل الصهيوني الذي يرتكب اليوم محارقه في غزة بدعم غير محدود من واشنطن وشركائها لقتله أطفال فلسطين كما قتل بالأمس أطفال العراق أنفسهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى