مرويات قومية
ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…
تُخصّصُ «البناء« هذه الصفحة، لتحتضنَ محطات مشرقة من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة، وقد سجلت في رصيد حزبهم وتاريخه، وقفات عز راسخات على طريق النصر العظيم.
وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا أي تفصيل، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.
أنّ نكتب تاريخنا،..فإننا نرسم مستقبل أمتنا.
إعداد: لبيب ناصيف
علمات في الحزب السوري القومي الاجتماعي
عرفتْ بلدة علمات الحزب السوري القومي الاجتماعي بدءاً من العام 1950، حين أدّى القسم الرفيق الشاعر نجيب علي حيدر أحمد، ثم عمل على انتماء شقيقه عادل علي حيدر أحمد في الأول من آذار عام 1951.
قبل انتمائه كان الرفيق نجيب ينشط إذاعياً مع عدد من المواطنين، فهو كان أعجب بسعاده عندما وصل الى الوطن عام 1947 وإلقائه خطابه في منزل مأمون أياس في منطقة الغبيري. كان الرفيق نجيب في سلك الدرك، فعندما سرّح من الخدمة، أقسم اليمين.
راح الرفيقان نجيب وعادل يعملان على تأسيس فرع للحزب في بلدتهما علمات. في الأول من آذار 1953 بات عدد الرفقاء يسمح بإنشاء مديرية فكان أول مدير لها الرفيق علي محمود عواد، أول مذيع الرفيق نجيب علي حيدر أحمد والمدرّب الرفيق عادل حيدر أحمد،
ارتبطت مديرية علمات بمركز الحزب مباشرة، ثم أتبعت الى منفذية الكورة في فترة تولي الرفيق نديم جواد عدرة لمسؤولية المنفذ العام.
وإذا كانت علمات قد شهدت حضوراً حزبياً جيداً ومستمراً، عبر انتماء العدد الكبير من أبنائها الى الحزب، فهي قد توَّجت هذا الحضور بارتقاء الرفيق محمد علي عواد الى سدّة الشهادة، بطلاً مغواراً، شهد عارفوه على جرأته وتفانيه واستبساله.
الرفيق الشهيد محمد عواد
من الرفقاء الذين انتموا تباعاً نذكر، الى من أوردنا أسماءهم آنفاً، كلا من:
حسين خليل حيدر أحمد، محمد الحاج رميحي عواد، حسين علي ملحم عواد، ملحم ابراهيم عواد، حسين علي حيدر أحمد، نصرت علي عواد، منير ابراهيم عواد، حسين ابراهيم، جميل غداف، محمود حسين عواد، عارف علي حيدر أحمد، محمد حسين حيدر أحمد، نجيب علي أحمد، علي حسين ابرهيم عواد، جهاد حسين ابرهيم عواد،
ولأنه تميّز من الرفقاء الراحلين، مؤسّس العمل الحزبي الرفيق الشاعر نجيب حيدر أحمد، الأمين عارف حيدر أحمد، الرفيق علي محمود عواد، والرفيق جميل غداف، نورد النبذة المتوفرة عن كلّ منهم:
الرفيق الشاعر نجيب حيدر أحمد
ولد الرفيق نجيب حيدر أحمد في بلدة علمات (جبيل) عام 1925، والدته شملكان حيدر أحمد.
كان في سلك الدرك، وفي مهمة حراسة مع أفراد دوريته لجسر أبو ذيلة في الجنوب عندما هاجمتهم قوة إسرائيلية، فتصدّى لها مع نفر واحد وأصيب بجراح خطرة في كلّ جسمه، فكان ان سرّح على اثرها من الخدمة.
توفي في صيف العام 1985 ودفن في «حوش الرافقة» حيث كان يقيم مع عقيلته فاطمة زيتون بسبب الوضع القائم في بلدة علمات، كان مأتمه حاشداً شارك فيه الآلاف وتمثلت الأحزاب والقوى السياسية.
في ذكرى الأربعين تشكلت لجنة لإحياء ذكراه من الرفيق الدكتور رامز صباغ(1)، الشاعر حسين حيدر، الأستاذ بهجت نور الدين، الشاعر الرفيق فوزي عبد الخالق(2)، الأستاذ أديب نصر الدين، الدكتور عفيف محسن عواد.
كان شاعراً شعبياً ارتجالياً، وركناً في جوقة تألفت من الشعراء الرفيق رفعت مبارك(3)، يوسف حسون، راغب الزاهر والياس نجار، وقدّمت الكثير من حفلات الزجل. قدّم للإذاعة اللبنانية مجموعة من الأغاني.
من مسؤولياته الحزبية: مذيع مديرية علمات (أول مذيع فيها)، وناظر إذاعة في منفذية الضاحية الجنوبية، ومدير مديرية حي السلم.
ترك الرفيق نجيب حيدر أحمد مجموعة كبيرة من القصائد منها تلك القصيدة بمناسبة عيد التأسيس:
تشرين كان يمرّ بحساب السنين
متل الشهور الباقية بعمر الدني
يجسّد خريف الكون ويلمّ الحياة
ويحرم الحلم الهني ع السوسني
ومن ثلث قرن تغيّر من المعطيات
القلبت نظام الكون وحساب السني
وطلّت رسالة حاملة عالزاويات
أربع ركائز غيّرت وجه الزمان
وكانت بداية عمر للعمر الهني
***
كانت هوية شعبنا ووجودنا
ملك اللي فرقنا شيع في كلّ ناح
وكانت حسب رأي الغريب حدودنا
وحق أمتنا لغيرا مستباح
سعاده نبش تاريخ كانوا جدودنا
خطّوا حروف بنور عجناح الرياح
ولمّ الشمل بالزوبعة تا تقودنا
للنصر وبتشرين بلّش بالأساس
وكمل بتموز البناية ع الجناح
***
يا خير أمة موّنت أمجادها
كلّ الدني والحرف رائدها الكبير
حبها الخالد محي أحقادها
ومنها البشر صارت محبة تستعير
ومن بعد ما شبعوا البشر من زادها
رجعت بنور الغير عميا تستنير
طلّ الزعيم من المهاوي قادها
للمعركة البتردّ فيها حقوقها
وبيكون إلها حق تقرير المصير
***
عرفنا السبب تا صار في تشرين عيد
عيد اندحار العتم قدّام النهار
عيد اكتشاف الحق بالعقل الرشيد
عقل الزعيم الردّنا لساح الفخار
وانتفاضة شعب ع حكم العبيد
عيد ثوره قامت تردّ الديار
عيد انطلاقة عزم كبرت ع النهير
وع الدموع وع التخاذل والبكي
ونشرت غبار الزوبعة ع كلّ دار
الأمين عارف علي حيدر
مواليد علمات 1937. والدته زينب حيدر أحمد. انتمى الى الحزب في الأول من اذار 1956 في مديرية غزير، وكان من شهود القسم الرفيق الشهيد الياس شلالا(4).
تولى عدة مسؤوليات حزبية منها: مفوض مفوضية المعهد الزراعي في غزير، وعندما التحق بمنفذية البترون تولى مسؤولية مدير مديرية اسيا، ثم مفوضاً لمفوضية كفرحي، ناظراً للإذاعة في المنفذية، ناظراً للمالية فناموساً للمنفذية.
عرف السجون والاعتقالات مراراً، منها من قبل القوات اللبنانية، وسيق الى المجلس الحربي.
بنى عائلة قومية اجتماعية. معظم بناته رفيقات عاملات. اقترن من المواطنة سهام أسعد.
وافت المنية الأمين عارف في 4 كانون الثاني 2008 وشيّع في بلدته علمات يوم السبت 5/1 بحضور حاشد من رفقائه وأهالي البلدة والجوار، وبمشاركة كثيفة من رفقاء منفذيتي جبيل والمتن الجنوبي.
تقدّم حشد المشيّعين حملة الأعلام الحزبية، سيراً على الأقدام من المنزل الى جبانة البلدة.
قبل ذلك كان تحدث في الحسينية الأستاذ محمد حيدر أحمد معدّداً خصال الأمين الراحل ومناقبيته وتجسيده الصادق لإيمانه القومي الاجتماعي ولقسمه. وفي باحة المنزل القى مدير مديرية برج البراجنة الرفيق اشور، كلمة رفقاء الفقيد قبل ان يحمل على الأكتاف وقد لفّ نعشه بعلم الحزب الذي كان وفياً له طيلة حياته الحزبية الغنية بالنضال والالتزام الصادق.
ـ مُنح رتبة الأمانة عام 2006.
ولاحقاً شهدت حسينية روضة الشهيدين في الشياح، حشداً من الرفقاء والمواطنين من بلدة علمات ومن منفذية المتن الجنوبي في أروع مظاهرة وفاء للأمين الذي عرفوه مناضلاً وقدوة في بيته، في حزبه وفي محيطه.
العريف الأستاذ محمد حيدر أحمد، ثم كانت كلمات لكل من عضو المكتب السياسي لحركة أمل محمد خواجة (النائب حالياً)، نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله محمود قماطي، عميد الإذاعة في الحزب الأمين كمال نادر. صديق الأمين عارف الشاعر مخايل خليفة في قصيدة رثاء وجدانية، والرفيقة أليسار عارف حيدر باسم العائلة.
الرفيق علي محمود عواد
ولد عام 1929. والدته رشيدة عواد. انتمى الى الحزب عام 1953، وبقي عاملاً وملتزماً حزبياً حتى وفاته عام 1995 فأقيم له مأتم حزبي حافل.
تولى عدة مسؤوليات حزبية، وكان أول مدير لمديرية علمات وأول ناظر تدريب في منفذية جبيل.
اقترن من علوية ابرهيم عواد ورزق منها: الرفيق غسان، المرحوم حسان. المواطن حسين وابنتين: وفاء ومنى.
اعتقل عدة مرات، والأخيرة بتاريخ 1/1/1962 وكان صدف يوم عرسه.
عرفت الرفيق علي عواد في ستينات القرن الماضي. كان يقطن بلدة عمشيت، ويعمل مراقباً، موظفاً في وزارة الزراعة.
في تلك السنوات الصعبة، كان أحد ركائز العمل الحزبي في منطقة جبيل متميّزاً برباطة جأشه وتقدّم وعيه القومي الاجتماعي وصلابة إيمانه بالحزب، ومثله الرفيق أنطون سعاده الذي تولى مسؤولية العمل الطالبي ونشط بتميّز. بفضله التحق بالعمل الإذاعي العشرات العشرات من الطلاب وانتمى منهم كثيرون، وكان منزله – وشقيقه الرفيق جورج – في جبيل، مفتوحاً للعمل الإذاعي ولكلّ نشاط حزبي، طالما تردّدنا إليه، والتقينا رفقاء ومواطنين، رغم كلّ أعين المكتب الثاني وعملائه…
الرفيق جميل غداف
ولد عام 1929. والدته زندار حيدر أحمد. انتمى الى الحزب عام 1957، وبقي ملتزماً وناشطاً حتى آخر زفرة من حياته.
تولى مسؤوليات مدير مديرية، مفوض مفوضية قرطبا، ناموس مديرية علمات، ناظر إذاعة منفذية جبيل، وفي المهجر مذيع، ناموس ومدير مديرية ديترويت.
اقترن من جميلة خير الدين. وله منها ثلاثة أولاد: جهاد، فادي ونورما.
تعرّف الرفيق جميل على الحزب في الهرمل حيث كان يدرس، بواسطة الرفيق مشهور دندش. قرأ لسعاده وآمن بفكره وتعاليمه.
عام 1967 غادر الى ديترويت، والتحق بالوحدة الحزبية فيها. عاد الى الوطن واستقرّ لسنوات، قبل ان يضطر للمغادرة الى ديترويت مجدّداً حيث وافته المنية.
كان مولعاً بالقراءة وله كتابات عديدة خاصة في التاريخ وفي الخطر اليهودي على أمتنا، كان ينشرها في صحف الحزب.
هذا ليس كلّ شيء. هي إضاءات مستمدة مما كان سجله رفقاء من علمات، اخصّهم الأمين القدوة، في المناقب والنضال، عارف حيدر أحمد.
تاريخ علمات في الحزب يجدر ان يدوَّن، والى هذا ندعو رفقاء منها الى ان يساهموا في تسجيل معلوماتهم ومروياتهم، فتضمّ الى صور حزبية، لتحكي كلها ما سطرته علمات في تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي.
هوامش
1 ـ كان طبيباً. من النبطية. تولى في الحزب مسؤوليات عديدة وبقي على التزامه حتى آخر زفرة من حياته.
2 ـ شاعر شعبي معروف. من مجدلبعنا.
3 ـ شاعر شعبي معروف من الهرمل. للمزيد عنه الدخول الى أرشيف تاريخ الحزب على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info
4 ـ صحافي عمل في «النهار». اغتيل قرب بلدته غزير.
الأمين عبدالله قبرصي والمؤرّخ نقولا زيادة
لعلّ أطرف لقاء شهدته، هو الذي جمع الأمين عبدالله قبرصي، بالمؤرّخ نقولا زيادة.
المكان: منزل الأمين عبدالله في تلّة الخياط.
الزمان: أواخر أيام عمره المديد.
كنت أتردّد إلى منزل الأمين عبدالله من وقت لآخر؛ أولاً، لواجب زيارته والاطمئنان عنه، ومثلي عدد من الرفقاء الأوفياء، وثانياً لسؤاله عن مواضيع حزبية وعن رفقاء مناضلين كان عرفهم.
ذات مساء، وكنت في زيارة للأمين عبدالله، أتى لزيارته المؤرّخ المعروف نقولا زيادة.
كان المؤرّخ نقولا، كالأمين قبرصي، قد تجاوز التسعين من عمره، ومثله يتمتع بالذاكرة العجائبية والذهن الوقّاد، والروحية المرحة.
جلست معهما، فراح كلّ من الأمين عبدالله والمؤرّخ نقولا، يتحدثان عن مشاريعهما المستقبلية، ماذا سينجزان العام المقبل أو الذي بعده، أيّ كتاب سيصدر، وكنت أتساءل وأنا مأخوذ بالحوار المشبع بالمشاريع المستقبلية ترى، أنا مع شابين في مقتبل العمر، أم مع شيخين تجاوز كلّ منهما التسعين من عمره!
يومئذ تأكدت أنّ الشيخوخة ليست في عمر الكائن الحيّ، إنما في سلوكيّته، فقد تصبح شيخاً وأنت شابٌّ في حال توقفت عن النشاط، عن الحلم، عن العطاء الدائم.
لذلك وقد رافقت الأمين عبد الله قبرصي حتى أواخر أيامه، فقد بقيَ حضرة الأمين شاباً، بذاكرته، ومرحه، والكثير من الصفات الحلوة التي كان يتحلّى بها.
مزيد عن مديرية جل الديب
في النبذة بعنوان «بعض من الأمين مسعد حجل» أوردنا في الجزء الأول بتاريخ 07/06/2017 ما كان أورده الأمين مسعد حجل عن الحزب في منطقة جل الديب.
لمزيد من الإضاءة على بدايات العمل الحزبي في المديرية التي كانت من أولى فروع الحزب، على الإطلاق، نورد ما جاء في الصفحة 219 من الجزء الأول من مجلدات من الجعبة للأمين جبران جريج.
أُنشئت هذه المديرية ولم تتبع منفذية المتن الأدنى، بل بقيت علاقتها مع بيروت وكان ضابط الاتصال الرفيق فكتور أسعد.
كان نقولا بردويل يسكن جلّ الديب وهو من حاصبيا، محافظة لبنان الجنوبي، ويعمل في بيروت. كان يحضر الحلقات التي كان يعقدها جورج عبد المسيح ويبحث فيها أموراً عامة تتعلق بالزراعة وما شابه.
وشاءت التقادير أن ينقطع جورج عبد المسيح عن هذه الزيارات مدة شهر تقريباً، فقصده البردويل إلى بيت مري للبحث معه في ما جدّ من شؤون. وجده في برمانا يحضر محاضرة للدكتور خليل البتروني موضوعها «السوريون في المغتربات». عند انتهائها عادا معاً إلى بيت مرّي. يقول نقولا بردويل في رسالته من «كاراكس» تاريخ 25/07/70: «أخبرته عن نشاطي فسُرّ به جداً، ولكن أخذ هذه المرة يبحث معي شؤوناً بعيدة عن التي كان يطرحها عادة معي، أو في الزيارات إلى جلّ الديب، كان هذا البحث أوضح وأجلى من الماضي. استغرقت هذه الأبحاث طوال الليل وامتدّت إلى بزوغ الفجر. افترقنا وأنا أحمل منه رسالة عنوانها: «رأس بيروت، الأستاذ أنطون سعاده، مطعم جرجس حداد».
أخذت الرسالة، وبعد انتهاء عملي قصدتُ رأس بيروت أفتش عن مطعم الحداد، إذ لم أكن أعرف أحداً. دخلتُ المطعم، فرأيتُ رجلاً كامل السن، سألته عن الأستاذ وعن موعد حضوره. فطلب مني أن أنتظره قليلاً. لم يمضِ أكثر من عشر دقائق حتى دخل علينا رجل أشار لي بأنه هو الذي أسأل عنه. تقدّمت منه بكلّ احترام، وعرضت عليه الرسالة مشترطاً أن يبرز لي هويّته أولاً ففعل.
ذهبنا معاً إلى «الكوخ» حيث فضّ الرسالة وقرأها. راح يبحث معي عن عملي وعن شؤون تختص بمهنتي، طال الوقت وما شعرت به، وعندما غادرتُ المكان كان الليل قد أرخى سدوله وطلب مني أن أتردّد عليه كلما سنحت لي الفرص. وبعد اجتماعين فاتحني بأمر الحزب، وضرب لي موعداً لإنهاء معاملة الانتماء.
حضرت في الأجل المضروب مساءً وكان نعمة ثابت، مأمون إياس، عمر اللبان حاضرين جلسة أداء القسم. ختم الزعيم الجلسة بتوجيهاته عن كيفية العمل بلا خوف ولا وجل، ولكن بتحفظ وتأنٍّ.
أصبح في جل الديب عضوان: إلياس زينون، المعلم في مدرسة «وقف الروم الأرثوذكس»، ونقولا بردويل ما عدا نهاد حنا وميشال حجل (شقيق الأمين مسعد) في معهد «البطريركية» في بيروت، يُضاف إليهم عضوان أدخلهما إلياس زينون وهما نسيبه يوسف ضومط زينون ووكيل الوقف سليم سعدالله، وهناك عضو آخر انتمى على يد زينون هو وليم صعب زميل إلياس زينون في التعليم في مدرسة الوقف الأرثوذكسي.
عُيّن نقولا بردويل مديراً لهذه المديرية، ثم استقال ليفسح المجال للرفيق إلياس زينون، اذ هو غريب عن البلدة من جهة، ومن جهةٍ أخرى فهو منهمك في السعي لتأسيس نقابة لصانعي الأحذية، فصناعة الأحذية مهنته.
ولا بدّ من ذكر معلّم الأدب العربي في معهد «اللاييك» في بيروت رئيف خوري، الذي ما كاد يعرف بوجود الحزب السري حتى أعجبته الفكرة وانتمى إليه بالرغم من ميوله الشيوعية. وقد جاء عنه في إحدى رسائل الزعيم ما يلي:
«متخرّج من الجامعة الأميركانية في أدب اللغة العربية وطالب ظهور وشهرة. دخل الحزب السوري القومي الاجتماعي في سنة 1935، وأراد تنفيذ بعض مآربه وإغفال دستور الحزب وإرادته العامة، فأُهمِل وطُرِد».
«أعود اليوم بالذاكرة إلى اجتماع عقده القوميون الاجتماعيون في جلّ الديب. كان اجتماعاً سرياً جرى في بيت بين البساتين، بيت، لست أذكر الآن بيت من كان. كان الوقت ليلاً. السنة كانت 1935، كنّا فئة قليلة صغيرة، فاجتمعنا في غرفة صغيرة، وأظنّ أن النور كان نور شمعة أو قنديل من الزيت»…