تحية للبرازيل والرئيس لولا دي سيلفا
– بمعزل عن تحليل المشهد السياسي الداخلي في البرازيل والتوازنات التي تنتج معادلات السياسة الخارجية فيه، ومع تقدير العتب الذي يمكن تسجيله لتأخر الموقف المنتظر من البرازيل من موقعها الأخلاقي في مواجهة الهيمنة الأميركية والعنصرية الصهيونية، تستحقّ المواقف التي أطلقها الرئيس البرازيلي لولا دي سيلفا تباعاً حول المشهد الفلسطيني والجرائم الإسرائيلية في غزة، التنويه والتقدير.
– خروج الرئيس البرازيلي بكلمات حاسمة ذات طابع وجداني للشهادة للحق الفلسطيني مهما كانت التبعات، كما ورد في كلامه، هو تأسيس لمرحلة جديدة على الصعيد العالميّ، لأن موقف البرازيل وقبلها موقف جنوب أفريقيا، ومعهما مواقف روسيا والصين، تعني بدء تشكيل جبهة عالميّة مساندة للقضية الفلسطينية تضمّ بالإضافة لأغلبية دول البريكس، بانتظار عودة الهند إلى مكانها الطبيعي، دولاً مثل كولومبيا وتشيلي وبوليفيا إضافة الى كوبا وفنزويلا وعدد من دول أميركا اللاتينية، ودولاً في المنطقة تتقدمها إيران وسورية والجزائر والعراق.
– الأكيد أن مشهد الجرائم الإسرائيلية التي لا يستطيع إنسان تحمّلها، كان لاعباً رئيسياً في صناعة هذا المشهد الجديد على مستوى الحكومات، بعدما أطلق مداً شعبياً وازناً في شوارع العالم وخصوصاً في الغرب، لكن الأكيد أن صمود المقاومة وثبات مواقعها ونجاحها بهزّ صورة القوة الاسرائيلية المبهرة من جهة، ونجاح محور المقاومة بإلحاق الأذى بصورة الردع الأميركي، شكلا أساس القراءة السياسية والاستراتيجية التي سمحت بإخراج هذه المواقف الى العلن.
– إن العناد الأميركي الإسرائيلي وحالة الإنكار التي يجسّدها المسار التفاوضي، يؤكدان أن المقاومة قوية ومقتدرة إلى درجة أن أي اتفاق يعكس موازين القوى الراهنة سوف يكون ترجمة لفشل الحرب الأميركية الإسرائيلية في المنطقة، انطلاقاً من الحرب على غزة، ومحاولة محو آثار طوفان الأقصى. وهذا العناد وهذه المكابرة يتسببان باستمرار الحرب، لكن إحدى الخسائر غير المرئية التي تصيب الجبهة الأميركية الإسرائيلية كلما طال أمد الحرب سوف تتعاظم، والموقف البرازيلي مثال سوف يتكرّر في دول أخرى، وسوف نشهد انتظاماً لهذه الجبهة بحيث يعلو صوتها ويشتدّ حضورها، وتشكل قطباً عالمياً وازناً لن يكون سهلاً تفادي تأثيره في التوازنات الدولية الجديدة التي تتسارع على إيقاع ما تصنعه الحرب الدائرة في غزة وحولها على مستوى المنطقة.
التعليق السياسي