العوامل التي أدّت إلى وقف الحرب على اليمن
حميدي العبدالله
إضافةً إلى تعثر الحرب والمأزق الذي واجهته السعودية وفشلها بعد 27 يوماً من القصف الجوي والبري والبحري في تغيير المعطيات الميدانية اليمنية، هناك عوامل أخرى أدّت إلى وقف «عاصفة الحزم». ومن بين هذه العوامل الكثيرة أربعة عوامل مهمة:
العامل الأول، عدم حماسة الولايات المتحدة منذ البداية لهذه الحرب، وقد عكست مراكز الأبحاث والصحافة الأميركية هذا الموقف من خلال وصفها شنّ الحرب بأنه مغامرة ستؤول إلى الفشل. وعدم الاندفاع الأميركي في مجاراة السعودية في رهاناتها يكمن في حقيقة أنّ الولايات المتحدة التي تمتلك قدرات اقتصادية وعسكرية وسياسية وبشرية وتأييد دولي وإقليمي يفوق أضعاف ما لدى السعودية وحلفائها، فشلت في حروب أقلّ تعقيداًً من الحرب اليمنية، في العراق وأفغانستان، ولهذا لم تمنع واشنطن السعودية من شنّ الحرب على اليمن، على قاعدة «جرّبوا لتروا» ولكنها لم تشاركها الاعتقاد في تحقيق الأهداف التي أُعلنت، وكانت قلقة من تداعيات الحرب، ولم تقطع الطريق أمام الحلّ السياسي، وهذا عاملٌ مهمّ، وكان له تأثير بكلّ تأكيد على موقف السعودية وشركائها في وقف الحرب.
العامل الثاني، رفض حلفاء وشركاء السعودية الذين كانت تعوّل عليهم في احتمال شنّ حرب برية دعم هذا الخيار، فباكستان انسحبت منذ الساعات الأولى على إعلان الحرب، ولم تشارك في أي مرحلة من مراحلها، ومصر اكتفت بمشاركة رمزية، بحراً وجواً، ولكن لم تلتزم بإرسال قوات برية، وحتى عندما أعلن عن مناورات عسكرية مشتركة مصرية – سعودية داخل السعودية، حرصت القاهرة على توضيح أنّ هذه المناورات ليس لها علاقة بعاصفة الحزم.
العامل الثالث، تحرّك 30 سفينة إيرانية بعضها سفن حربية وبعضها سفن تنقل مواد متنوّعة، واتجهت نحو السواحل اليمنية، وثمة تكهّنات بأنّ هذه القافلة تتجه إلى اليمن، وفي حال اعتراضها، فإنّ ذلك سيقود إلى إشعال حرب بين إيران والدول التي تعترض سفنها، ومن شأن ذلك أن يؤثر على الملاحة الدولية في مضيق باب المندب، فضلاً عن احتمال حصول احتكاكات بين الأساطيل الأميركية والإيرانية في المنطقة، نتيجة للفوضى التي تنجم عن وقوع مواجهة بحرية، وهذا ما لا تريده الولايات المتحدة، ولا الدول الكبرى لأنّ تداعياته أخطر من أن يتعايش معها العالم، وقرار حرب بهذا المستوى لا يمكن أن يترك للسعودية أو أيّ دولة أخرى.
العامل الرابع، المعلومات التي تحدثت عن توجيه حركة أنصار الله إنذاراً للسعودية عن طريق طرف ثالث، يتضمّن الإنذار تهديداً بالردّ على الغارات الجوية، باستهداف مواقع ومنشآت حيوية داخل المملكة العربية السعودية، وليس فقط في الشريط الواقع قرب الحدود اليمنية، وهذا ما يفسّر أنّ الملك سلمان أصدر الأوامر للحرس الوطني للمشاركة في الحرب، وبعد مرور أقلّ من 10 ساعات صدر القرار بانتهاء «عاصفة الحزم».
هذه العوامل الأربعة مجتمعة هي التي دفعت السعودية إلى اتخاذ قرارها المفاجئ بوقف «عاصفة الحزم».