وهل حرمة شهر رمضان أشدُّ عند الله من حرمة الشعب في غزة…؟
} خضر رسلان
بعد ما يربو على خمسة أشهر من حرب الإبادة الصهيونيّة الأميركية والغربية وحرب الكثيرين من ذوي القربى في قِطاع غزّة والتي طالت البشر والحجر، حيث شاهد العالم بأسره عبر شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي آلة الحرب والصواريخ الإسرائيلية تقصف البيوت الآمنة وتهدمها على رؤوس قاطنيها وتدمّر المُستشفيات، وتقتل المرضى في أسرّتهم والذين فقد الكثيرون حياتهم صبراً لعدم وجود الحدّ الأدنى من أسباب العلاج فضلاً عن فقدان الدواء والغذاء وانقطاع المياه في ظلّ ظلام دامس كظلمة وقوف مِلياري عربي ومُسلم، مع جيوشهم دون ان يكون لهم تأثير يؤدّي الى وقف حرب، أو فتح معبر، أو ردّ العدوان عن غيّه واستباحته وانتهاكه للشعب الفلسطيني في كلّ فئاته من أطفال ونساء وعجّز ومرضى… هؤلاء الذين تنهال عليهم الصواريخ الفتاكة ليلاً ونهاراً دون ان تستثني الآلاف منهم من الذين احتموا بالصروح الطبّية، كلّ ذلك والعالم يتفرّج، ولم يُحرّك ساكناً، لأنّ القاتل صُهيوني، ومحاط بعناية الأميركيين والأوروبيين الذين امتهنوا زوراً ونفاقاً ولعقود طويلة شماعة الشعارات التي تدّعي الحفاظ على الإنسان وحقه في أسباب الحياة العزيزة والكريمة والحرة.
رغم كلّ الانتهاكات السالفة الذكر يأتي من ينادي بضرورة وقف الحرب أو عقد هدنة احتراماً لشهر رمضان وعدم انتهاك حرمته، بحيث يخال المتابع انّ الشهر الذي فرض على المسلمين أداء فريضة الصوم فيه إنّما شُرّع ليكون شهراً فولوكلورياً من بداية رؤية هلاله إلى آخر ليلة فيه فتتأهَّب المساجد والبيوت والنفوس لاستقباله وتعجُّ الأسواق بأنواع المأكولات والمشروبات التي تجد رواجاً خلاله… صحيح أنه شهر فيه الكثير من البركات وتعزيز ثقافة التراحم والتكافل وصلة الأرحام، إلا أنّ الكثيرين يتغافلون عن انّ شهر الصوم الذي يُعتبر ركناً دينيّاً وعقائديّاً أساسيّاً، هو شهر انزل فيه القران الكريم التي تزخر سوره بالايات التي تحث على دفع الظلم والعدوان والوقوف مع المستضعفين، وهل يعلم المنادون بوقف النار في غزة لعدم انتهاك حرمة شهر رمضان انّ الله أجاز للعباد الإفطار في حالات كثيرة ولم يجز بأيّ وجه من الوجوه السكوت عن الظلم والركون للظالمين بصريح الآية الكريمة «ولا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار»، وهل سمع الذين يتباكون على حرمة انتهاك شهر رمضان ما ورد عن نبي الإسلام محمد بن عبدالله انّ كرامة المؤمن أعز من الكعبة؟! وأيضاً ما ورد حول إعانة المظلوم التي هي أفضل من صيام شهر واعتكاف في المسجد الحرام؟!
فالمعيار هو الإنسان الذي به يعمر الأرض التي ينبغي إعمارها بالعدل والمساواة بين سائر البشر، ما يزيد عن 100 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومفقود في جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة بحق قطاع غزة».
«نحو 90% من الضحايا في غزة من المدنيين، بينهم آلاف الأطفال والنساء، ومئات العاملين في المجال الصحي، وعناصر الدفاع المدني، والصحافة والإعلام، وتدمير متعمّد وإلحاق أضرار جسيمة في مرافق البنية التحتية بقطاع غزة، لجعله منطقة غير صالحة للسكن». ولم تستثن المرافق الصحية أو المدارس أو المساجد والكنائس».
ما يزيد عن مئات آلاف نزحوا قسراً من منازلهم ومناطق سكنهم في قطاع غزة، دون توفر ملجأ آمن لهم، كلّ هذه الانتهاكات بحق الإنسان الفلسطيني ثم يأتي من ينادي بضرورة وقف النار احتراماً لشعور المسلمين وعدم هتك مكانة شهر رمضان وكأنّ حرمة الشهر أعظم وأجلّ من حرمة الإنسان التي تنتهك كرامته ووجوده في غزة وفلسطين…
انها هرطقة مفاهيم ودليل جديد على أننا نعيش في أزمنة قيم لا قيمة لها ولا اعتبار ولا تمتّ للإنسانية بصلة…