نتنياهو ولعبة شراء الوقت بين التفاوض والميدان…
} رنا العفيف
آخر المستجدات وما حوله في مسار مرحلة تفاوض جديدة تبدأ يوم الإثنين المقبل، فما مآلات المراوغة الإسرائيلية للخروج من مأزقها الداخلي والخارجي في ظلّ غياب الإستراتيجية؟
تتوجه الأنظار الاعلامية والسياسية، نحو جولة جديدة من المفاوضات في مطلع الأسبوع المقبل أو خلال الساعات المقبلة، بالتوزاي مع تظاهرات واسعة في الشارع الإسرائيلي في تل أبيب وحيفا والقدس المحتلة، حيث تزداد الضغوطات على الداخل وعلى حكومة نتنياهو من أجل إتمام صفقة تبادل بعد حرب خاسرة دامت لخمسة أشهر، فيما المقاومة الفلسطينية تبدي مرونة وتظهر مناورتها المدروسة لتؤكد ثباتها على المطالب الرئيسية الحقة قانونياً وشرعياً ودولياً، وانطلاقاً من يوم الإثنين الذي يجمع تقريباً كلّ الأطراف للقاء المسؤولين القطريين والمصريين لبحث الفجوات المتبقية كما نقلت «رويترز» يبدو أنّ المشهد واضح كسابقه من المفاوضات من خلال ما يلوح به رئيس وزراء الاحتلال باجتياح رفح الذي يقابله تهديدات بالتشكيك في الأوساط الإسرائيلية من حيث التبعات والمخرجات لهذه الخطوة الخطيرة التي ستطال العلاقات مع الحليف الأميركي وسط التوتر الحاصل في ما بينهما على خلفية كيفية تجاهل «إسرائيل» تحذيرات الولايات المتحدة، في حال مضت على عملية رفح، إلا أنّ الصورة تعكس مشهدية المقلب الآخر من حيث التنسيق والتكتيك في جبهات الإسناد والمراحل المتقدّمة في أحدث تجلياتها في الاجتماع الاستراتيجي الذي جمع ثلة من حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية بحركة أنصار الله، ليبقى الميدان سيد الموقف وشاهد على المراوغة الإسرائيلية والأميركية التي تحظى مآلاتها على المستويات كافة من حيث الإبرام والفشل والتخبط والتورّم في العلاقات في ما بينهما نتيجة لغياب الإستراتيجية الذي يتحكم بها نتنياهو ليواصل لعبة شراء الوقت بين التفاوض والميدان مع تقليص خياراته بالإضافة إلى جملة تفصيلية ملغومة بالتحرك، أي من جهة يعطي إشارة بالموافقات والتسهيلات، ومن جهة ثانية يريد القول للوفد الفلسطيني أنه مستعدّ للاستمرار في المعركة، وبالتالي خلفية هذا التماهي يؤشر على دلالة فشل الهدنة المؤقتة للمماطلة في أوقت أطول في الحرب، وهذا مكسب سياسي يعدّ له نتنياهو هرباً وخوفاً من محاكمته…
الهدف الإستراتيجي الذي يسعى له نتنياهو ومن خلفه أميركا هو التخلص من حماس ومن هؤلاء الفلسطينيين وفشلوا بذلك تمهيداً لحدوث ذات الأمر في الضفة الغربية وربما في مناطق أخرى من فلسطين وجوارها جميعها باءت بالفشل والخسارة والضعف وبالتالي جميع الرهان الخاسر الذي ألحق بها نتنياهو على جميع الأصعدة ستخلق ضغوطات داخل الكيان بين اللوبي الصهيوني وبين الولايات والكيان، أي سنشهد صراعات نتيجة فشل إدارة الاحتلالين الإسرائيلي والأميركي بغضّ النظر عما سيكون الرئيس على اعتبار عدم تمكين أي منهما من تحقيق الدور الوظيفي المطلوب الذي بحجته كانت وما زالت الولايات المتحدة تدفع الضرائب وتقنع المواطن الأميركي بأنّ كلّ ما تقدّمه للكيان الإسرائيلي هو أقلّ كلفة علينا من الوجود وهذه جزئية هامة إذا ألقينا نظرة عن الداخل الإسرائيلي والأميركي معاً، نجد هناك تخبّطات وتعتيماً إعلامياً غربياً على ما يجري في الداخل الأميركي، بينما الداخل الإسرائيلي وما تورده قناة كان العبرية وغيرها من القنوات التي تفصل الواقع الموجود في الاحتلال وتقول بأنّ وزيراً الحكومة هدد بالإنسحاب من الحكومة إذا لم يحضر مجلس الحرب وغيرها من «الفوضى الخلاقة» في كابينت الحرب وما يجري من تظاهرات في أكثر من مدينة،
إلا أنّ نتنياهو يظهر بمظهر تحصيل حاصل على أنه يملك المزيد من الخيارات للاستمرار في الحرب وإفشال الترتيب ربما في الدوحة لأسباب سياسية وشخصية، وبالتالي ما يحصل هو مؤشر لما سيحدث في الأيام القليلة المقبلة، أيّ هذه اللحظات جميعها تعطي دلالة سلبية لما هو متوقع في توسيع دائرة الصراع القائم، فعندما يتصل غانتس وآيزنكوت بنتنياهو ويرفض التحدث بالقضايا المتعلقة بالوفد المفاوض، يعني أن هذا الوفد ذهب ليستمع لا ليتكلم لأنّ خياراته ضيقة وحينما توضحت وتكشفت الخلافات الداخلية التي جميعها ضدّ نتنياهو بما فيها مجلس الحرب يعني أنّ هناك محاولة من نتنياهو بالتهرب من الاستحقاقات، وعندما نرى بأنّ غالانت قام باستدعاء أعضاء مجلس الحرب وعقد اجتماعاً خاصاً به كوزير للدفاع في قضية المفاوضات بعدم إرسال الوفد المفاوض إلى الدوحة نرى أنّ هناك فوضى عارمة تعتلي الاجتماع المقرر داخل الحكومة المصغرة بالرغم من أنّ هناك أصواتاً بالنسبة لنتنياهو هامة ولكن في حقيقة الأمر فارغة في الرأي العام، وطبعاً هذه أصوات اليمبن المتطرف، أيّ بين بن غفير وسموتريتش الذي هدّد وقال لنتياهو عليك أن تفتح باب الهجوم على رفح وليس باب التفاوض وهذه الجملة تحمل دلالة كببرة خاصة في محمل العلاقات التي تتدهور بينها وبين الولايات،
لذلك الإنعكاسات المتوقعة كثيرة ومنها مشابه لما حصل في القاهرة عندما ذهب الوفد المفاوض الإسرائيلي وقال لهم نتنياهو استمعوا ولا تتحدثوا، وبالتالي حدود الوفد المفاوض ضيقة اليوم وسيذهب إلى قطر لأنه لا يستطيع الذهاب بسبب الظروف التي تحدثنا عنها سابقاً وسيعود فارغا، وهذا ما سيعطي لنتنياهو الفرصة ليهرب من الاستحقاقات ولا يريد أساساً التحدث في موضوع عودة النازحين لأنه وضع شروطا لا يمكن التراجع عنها لأنّ في ذلك إنجاز لحماس ما لم يكن إنجازا عسكريا حسب ما يقولون…
في نهاية المطاف التأويلات الإسرائيلية كثيرة ومتخبّطة فعلياً لأنّ الوفد المفاوض محصور بالوقت ولا يستطيع التحدث بعظائم الأمور وسيعود لنتنياهو ليقول في ما بعد انّ هناك عقبة، وطبعاً لهذا انعكاسات وخيمة سترتدّ على رأس نتنياهو لأنّ الحليف الأميركي يبدو أنه متفائل على اعتبار أعطت إيحاء وليس تصريحاً بأنّ ردّ حماس التي معقول ضمن إطار باريس…