بوتين: الناتو في أوكرانيا ونحن عشية حرب عالميّة… التفاوض مع غير زيلنسكي/ بايدن ونتنياهو وربط نزاع: منح مفاوضات الدوحة فرصة وتجميد عملية رفح / اقتحام الشفاء لاغتيال المبحوح ومحاولة اعتداء على صباحي بعد تظاهرة مع غزة
كتب المحرّر السياسيّ
قدّم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صورة الواثق بقوة بلاده وقدرتها على مواجهة التحديات في خطاب الفوز الرئاسي بأغلبية ساحقة تعبر عن قناعة الشعب الروسي بقيادة وفّرت شروط تحقيق تقدّم اقتصادي نوعي في ظل الحصار والعقوبات واستمرار حرب توضع لإسقاط روسيا فيها كل إمكانات حلف الناتو. وفي ظل الإنجازات التي تظلل فوز بوتين كان خطاب الرئيس المنتصر موجّهاً للغرب بقيادة الولايات المتحدة التي يذبل نموذجها الديمقراطي في سباق رئاسي أقرب للتسابق نحو المقبرة الجماعيّة مع التحذيرات المتلاحقة من الحرب الأهليّة. وقال بوتين إن حلف الناتو بات موجوداً بجنوده في أوكرانيا وإن هذا يعني أن العالم يقف عشية الحرب العالمية الثالثة، مبدياً الاستعداد لحل تفاوض، لكن على قاعدة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي ليس الشخص المناسب لصناعة حل بين روسيا وأوكرانيا.
في تطورات الحرب الإسرائيلية الأميركية على غزة، كان الحدث في مجمع الشفاء الطبي حيث اقتحمت وحدات إسرائيلية المجمع واغتالت العميد في شرطة غزة فايق المبحوح انتقاماً من نجاحه في إحباط مخططها بتشكيل روابط العشائر والوجهاء كبديل لحماس. والمبحوح هو الذي نظّم اجتماع العشائر والوجهاء مع المنظمات الأمميّة قبل يومين الذي حسمت فيه مرجعية أجهزة حكومة حماس في ملف المساعدات في شمال غزة.
في مصر، أفادت تقارير إعلامية عن تعرّض أمين عام المؤتمر القومي العربي حمدين صباحي وعدد من النشطاء المصريين لمحاولة اعتداء من مجموعة من راكبي الدراجات المجهولي الهوية إثر قيام صباحي ورفاقه بتنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة الخارجية المصرية مساندة لغزة. وتبعت الحادث مواقف تضامنية دعت الحكومة المصرية والأجهزة القضائية والأمنية في مصر إلى كشف المرتكبين وإحالتهم أمام القضاء المختص لينالوا عقابهم المناسب.
سياسياً، سجل اتصال بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو انتهى الى ما وصفته مصادر في المعارضة “الإسرائيلية” بربط النزاع، قالت إنه تضمن اتفاقاً على منح مفاوضات الدوحة فرصة جدية بالتعامل الإيجابي مع السعي للتوصل الى اتفاق، كما تضمن اتفاقاً على تأجيل عملية عسكرية في رفح. وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان قد تحدث عن الحوار بين بايدن ونتنياهو فقال إن “الرئيس بايدن ونتنياهو ناقشا موضوع الهدف المشترك للقضاء على حماس لكن هناك حاجة لخطة واضحة وإن عدد المدنيين الأبرياء الذين لقوا حتفهم في هذا الصراع أكثر من كل حروب غزة مجتمعة، و”إسرائيل” لم تقدم بعد خطة لحماية المدنيين في رفح”، معتبراً أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار هو السبيل الأمثل لعودة الرهائن، مضيفاً أن نتنياهو وافق على إرسال فريق إلى واشنطن لبحث عملية رفح لأن عملية رفح ستعمّق الفوضى في قطاع غزة، ولأن عملية برية كبيرة في رفح ستكون خطأ، مضيفاً أن “إسرائيل” يمكن أن تحقق الانتصار وتحفظ أمنها دون اجتياح رفح، مشدداً على أن بايدن أكد أن على “إسرائيل” القيام بكل ما في وسعها لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
وسجّلت الجبهة الجنوبية تراجعاً في حدّة العمليات العسكرية وسط ترقب نتائج المفاوضات في قطر التي استُؤنفت بعدما قدّمت حركة حماس مقترحاً لاتفاق هدنة ووقف إطلاق النار.
وعلمت “البناء” أن المجتمعين في الدوحة بمن فيهم رئيس الموساد الإسرائيلي يدرسون مقترح حماس على أن تعلن حكومة العدو موقفها من المقترح، في ظل انقسام يسود الحكومة الإسرائيلية بين من يقبل المقترح مع تعديلات لمصلحة “إسرائيل” وبين من يرفضه لا سيما التيار المتشدّد. فيما استمرّ العدو الاسرائيلي بارتكاب المجازر بحق الشعب الفلسطيني على وقع انطلاق جولة جديدة من المفاوضات في الدوحة.
في المقابل شددت مصادر حركة حماس لـ”البناء” على أن المقترح الذي قدّمته الحركة لا يمسّ الثوابت التي وضعتها الحركة منذ بدء العدوان ولا تفرّط بالمكتسبات والإنجازات التي تحققت في عملية 7 تشرين والصمود الأسطوري الميداني للمقاومة والشعب الفلسطيني خلال أشهر الحرب. ولفتت الى أن المقترح يهدف الى إسقاط المنطق الإسرائيلي الذي يتذرّع بشروط حركة حماس لرفض وقف العدوان على غزة، وتهدف الحركة الى تسهيل المفاوضات للتوصل الى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية لتخفيف معاناة سكان قطاع غزة، لكن ضمن المبادئ والثوابت والحقوق الفلسطينية. لكن هذه المرونة التفاوضيّة لا تعني تراجعاً في الميدان الذي ستبقى يد المقاومة هي الطولى فيه ويبقى هو الفيصل في هذه الحرب. وأشارت المصادر إلى أن المقاومة مستمرّة في عملها الميدانيّ وتكبيد العدو خسائر باهظة ولن توقف النار حتى ينسحب جيش الاحتلال من كامل غزة وفق المقترح الذي قدّمته الحركة وإدخال المساعدات الإنسانيّة وتبادل الأسرى وفق مراحل حتى الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار.
على صعيد الجبهة الجنوبيّة، واصلت المقاومة في لبنان عملياتها النوعيّة، فاستهدفت موقع ”رويسة القرن” في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابةً مباشرة. كما استهدفت تجمعًا لجنود العدو الإسرائيلي في “تلة الطيحات” بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابةً مباشرة. كذلك، استهدفت موقع ”زبدين” في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية، وموقع “بياض بليدا” بقذائف المدفعية وأصابته إصابةً مباشرة.
في المقابل، شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة استهدفت بلدة العديسة. واستهدف القصف المدفعي أطراف بلدة ميس الجبل واستهدفت غارة منزلاً في البلدة قرب مسجد الإمام علي في الحي الغربي.
في غضون ذلك، أشارت أوساط دبلوماسية لـ”البناء” الى أن قناعة لدى الإدارة الأميركية ودوائر القرار الأوروبي بأن الجبهة الجنوبية باتت مرتبطة بجبهة غزة، وأن حزب الله لن يوقف عملياته العسكرية حتى يتوقف العدوان على غزة، وهذا ما أحدث قلقاً وإرباكاً شديدين لدى حكومة العدو ولدى رؤساء الأقاليم لمستوطنات الشمال الذين يمارسون الضغوط على المستوى السياسي الإسرائيلي ويحذرون من أن أغلب مستوطني الشمال لا يريدون العودة في ظل الواقع الحالي في الشمال وتحكّم حزب الله بمصيرهم لفترات طويلة. والمقلق أكثر وفق الأوساط هو إذا ما طال أمد الحرب في غزة ما هو مصير الشمال في ظل الواقع الحالي، وما الذي يضمن عدم دخول حزب الله الى الجليل في مراحل لاحقة؟ ولذلك تضيف الأوساط أن الضغوط الدبلوماسية وجهود الموفدين الذين يزورون لبنان بكثافة تركزت على تخفيف حدة العمليات العسكرية وفتح جولة مفاوضات للتوصل الى اتفاق على الحدود يكون جاهزاً للتنفيذ فور حصول هدنة في غزة ويضمن أيضاً الحؤول دون اشتعال الجبهة مجدداً في مراحل لاحقاً فيما لو عادت الحرب الى غزة.
إلا أن الموفدين تبلغوا من الحكومة اللبنانية ومن حزب الله بأنه لا يمكن فصل الجبهتين وأن حزب الله سيلتزم بالهدنة في غزة وسيوقف العمليات العسكرية في الجنوب مؤقتاً، مع ربط الوقف الدائم لإطلاق النار بأمرين: توقف العدوان على غزة بشكل دائم، والثاني انسحاب قوات الاحتلال من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة وفق القرارات الدولية لا سيما من نقطة بـ1 ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبطبيعة الحال الغجر الشماليّة.
وفي سياق ذلك، اعتبر اللواء احتياط في جيش الاحتلال الصهيوني إسحاق بريك أنَّه “لا يمكنك الكذب على الكثير من الناس لفترة طويلة”، مشيرًا إلى أنَّ “ما يجري في قطاع غزّة وضد حزب الله في لبنان سينفجر في وجوهنا عاجلًا أم آجلًا، وحينها ستنكشف الحقيقة بكلّ خفاياها”.
وفي مقال له في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية أكَّد بريك أنَّه “لا يوجد تفكير استراتيجي ولا معالجة للمشاكل الحقيقية للبلد لأنهم يفضلون العيش في الأوهام”، وأضاف أنَّ “الجبهة الداخلية غير مستعدة لحرب إقليمية ستكون أصعب وأخطر بآلاف المرات من الحرب في قطاع غزّة”.
على الخط الرئاسي، بدأ سفراء اللجنة الخماسية جولتهم على المرجعيات والقيادات السياسية، وكانت عين التينة أولى محطات السفراء، حيث استقبلهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي قال “اللقاء: “كان اللقاء جيداً وسيتكرّر، والتوافق قائم على ضرورة إنجاز التفاهم توصلاً لتحقيق الاستحقاق”.
من جهته، شدد السفير المصري علاء موسى بعد اللقاء على أن “الهدف من هذا اللقاء هو بداية الحديث مع الرئيس بري للتأكيد على ما سبق وأعلنه، سواء أمامنا في اللجنة وفي وسائل الإعلام، أنه ملتزم في بذل كل المساعي من أجل انتخاب الرئيس وتسهيل العملية الانتخابية. والحقيقة تحدّثنا مع دولته بتفاصيل كثيرة وسوف نتناول هذه التفاصيل في لقاءات للخماسية مع مختلف القوى السياسية التي سنلتقيها جميعها من دون استثناء وعلى فترات”. ولفت الى أن “الخرق الملموس الذي تحقق في الملف الرئاسي، هو أن الكتل السياسية عندها قناعة الآن بأن التوافق في ما بينها هو شيء مهم للغاية. وعندما نتحدث عن التوافق معناه، ان الجميع عنده استعداد للحوار والنقاش والتشاور وصولاً إلى أمر يتفق عليه الجميع. وهذا ما نبحث عنه”.
ووصفت مصادر مطلعة لـ”البناء” لقاء الخماسية في عين التينة بالهام حيث دار نقاش مستفيض حول الاستحقاق الرئاسي وإمكانية اختراق جدّي في جدار الأزمة الرئاسية ومدى التوصل الى قواسم مشتركة بين الأطراف السياسية ووضع آلية لإطلاق حوار دعت اليه كتلة الاعتدال وسبق ودعا اليه الرئيس بري. وكان لافتاً الحضور الدبلوماسي المرافق للسفيرة الأميركية والسفير الفرنسي وحضور مستشاري الرئيس بري محمود بري وعلي حمدان، ما يدل على أن النقاش دخل في تفاصيل الملف الرئاسي.
ولفتت مصادر وزارية لـ “البناء” الى ان الحراك الخماسي لا يعني اقتراب التوصل الى تسوية سياسية للأزمة الرئاسية بل هي لقاءات تمهيدية لتحضير الأرضية بانتظار نضوج الظروف الإقليمية والدولية للتسوية في لبنان. لافتة الى ان لا انتخاب رئيس قبل اتضاج المشهد الإقليمي بعد حرب غزة والتداعيات المرتقبة على مستوى المنطقة وموازين القوى الجديدة. ووضعت المصادر تسريب أسماء والحديث عن المرشح الثالث في اطار اللعبة الإعلامية وحرق المرشحين. مجددة التأكيد على تمسك الثنائي حركة امل وحزب الله بدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية.
وكانت اللجنة الخماسية زارت بكركي، حيث اجتمعت مع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي. وقد أكد السفير المصري بعد الزيارة ان “لقاء سفراء “الخماسية” مع البطريرك الراعي بالغ الأهمية وكان الهدف من اللقاء إعلامه واستشارته في الخطوات التي سنبدأ في اتخاذها”. اضاف: “الخطوات مبنية على مراحل عدة والخطوة الأولى هي في الحديث مع الكتل كافة من أجل انتخاب رئيس وفق خريطة طريق سنقدّمها”. تابع: لمسنا مرونة في الفترة الماضية ستساعدنا على خلق الأرضية للتمهيد لبدء خطوات فعليّة لانتخاب رئيس. وقال: “حراكنا سيستفيد من حراك كتلة الاعتدال ونحن نبني على تحرّك الداخل لعلّنا نسهّل خلق الأرضية المشتركة لإنجاز الاستحقاق”. وأوضح “نحن لا نتحدّث عن أسماء بل عن التزام إذا توفّر فإنّ الحديث سيبقى أسهل بين القوى السياسية حول من يرغبون في ترشيحه الى الرئاسة”.
وأشارت مصادر بكركي إلى أن “البطريرك أعرب للسفراء عن استغراب سلوك طريق شائك قد لا ينجح فيما الدستور واضح والمسار الديمقراطي يقضي بفتح المجلس”. أضافت: “البطريرك تمنّى التوفيق للسفراء الخمسة رافضاً تكريس أعراف سابقة للاستحقاقات الدستورية والمتمثّلة بالحوار التقليدي.»
ويزور سفراء اللجنة الخماسيّة اليوم رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع في معراب.