بوتين: الفوز الرئاسي نقطة بداية لانتصارات مقبلة تحتاجها روسيا وسوف تنالها / بلينكن: اتفاق غزة على وشك الإنجاز… ولا فرصة لتحييد المدنيين في معركة رفح / المموّلون الكبار لحملة بايدن وبينهم زعماء اليهود يطالبونه بإنهاء حرب غزة للفوز /
كتب المحرّر السياسيّ
تحدّث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى الشعب مع إعلان النتائج الرسمية للانتخابات التي أكدت فوزه الكاسح بتفويض شعبي استثنائي، وضمنت صورة سلسة للانتخابات الرئاسية، بينما تعاني أميركا من مخاطر تحول انتخاباتها الرئاسية الى بوابة لحرب أهلية كما حذّر المرشح الرئاسي الرئيس السابق دونالد ترامب. وكما يقول الكثير من الخبراء باحتمال أن لا تنتهي الانتخابات الى رئيس منتخب معترف بشرعيته. وقال بوتين إن الفوز الرئاسي هو نقطة بداية لمجموعة انتصارات تحتاجها روسيا وسوف تنالها، معدداً تحديات ومهام أخذ على عاتقه قيادة روسيا لإنجازها خلال ولايته الرئاسية، منها مواصلة النهوض الاقتصادي كدولة صناعية كبرى، ودخول حقل التقنيات الحديثة والروبوتات بصورة خاصة، ومنها مواصلة بناء القدرة النووية وضمان الموقع الأول عالمياً في السلاح النووي، وضمان إدارة التفوق على جبهة الحرب مع الناتو في أوكرانيا بانتظار أن ينضج الغرب لتسوية تضمن لروسيا تطلعاتها ومصالحها الحيوية.
في تطورات حرب طوفان الأقصى تبدو واشنطن في قلب مأزق استمرار الحرب والحاجة الملحة للخروج منها، حيث تحملت إدارة الرئيس جو بايدن مسؤولية الشريك الكامل في جرائم الإبادة التي ارتكبها جيش الاحتلال، بما وفرته من تمويل وتسليح وحماية قانونية ودبلوماسية، جعلت الشارع الأميركي يصبّ غضبه على بايدن وترشحه الرئاسي، بما يهدد فرصه في الفوز كما قال المموّلون الكبار لحملة بايدن وبينهم الشخصيات اليهودية الرئيسية في أميركا، في دعوتهم بايدن للتحرك العاجل لوقف الحرب في غزة لضمان فرص أفضل للفوز في الانتخابات.
على هذا الطريق تبدو مهمة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في المنطقة، وقد بدأها في السعودية وستشمل كيان الاحتلال، حيث استبق بلينكن لقاءاته بقادة الكيان بالحديث عن أن لا فرصة للجمع بين خوض معركة عسكرية في رفح وتحييد المدنيين من المخاطر، مشيراً الى أن المفاوضات للتوصل الى اتفاق تتقدم وصارت على وشك الإنجاز وبدء التنفيذ، وهو ما لم تؤكده أي مصادر أخرى من الوسطاء او من حركة حماس أو من كيان الاحتلال، بما اعتبره خبراء في العلاقات الأميركية الإسرائيلية رسالة مشفرة لقادة الكيان بوجوب إنجاز صفقة اتفاق سريعاً وتحمّل الثمن المؤلم لهذه الصفقة.
وفيما تشير مصادر المعلومات الآتية من الدوحة الى إيجابية تطغى على المفاوضات بين الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني على الرغم من المراوغة والمناورة التي تطغى على سياسة الحكومة الإسرائيلية، لا سيما أن استئناف التفاوض أعقبه الإعلان عن زيارة لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الموجود في جدة، الى «إسرائيل» يوم غدٍ الجمعة. ووفق المعلومات فإن بلينكن سيجمع وزراء خارجية مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات لإجراء جولة مشاورات حول الوضع في غزة.
ولفتت مصادر مطلعة على الملف التفاوضي لـ«البناء» الى أن عدة مؤشرات إيجابية لاحت في الأفق ما يعكس جدية في التفاوض، لكن هناك معوقات وعقبات عدة أمام إنجاز اتفاق هدنة في غزة لأسباب داخلية إسرائيلية وأسباب أخرى تتعلق بالمقاومة في غزة، إذ أن «إسرائيل» لا تستطيع وقف الحرب بشكل دائم في الوقت الراهن وكذلك الخضوع لشروط حركة حماس، وبدورها الأخيرة لا تستطيع التفريط بالإنجازات التي تحققت في عملية طوفان الأقصى ولا التفريط بصمود المقاومين وبسكان غزة الأسطوري. ولا يمكن أمام هذا الصمود والتضحيات إلا انتزاع أثمان تتعلق بالقضية الفلسطينية وبالحقوق الفلسطينية الطبيعية. ما سيطيل أمد التفاوض لا سيما أنه دخل في التفاصيل انطلاقاً من المقترح الذي قدّمته حركة حماس، وعلى وقع استمرار الحرب في الميدان والعمل العسكري الإسرائيلي لاستغلال الوقت لتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات العسكرية والأمنية الوهمية. لكن المصادر ترجّح التوصل الى اتفاق هدنة بدفع أميركي وبالضغط على «إسرائيل» وعلى الوسطاء الذين يتفاوضون مع حركة حماس.
وسجلت الجبهة الجنوبية تراجعاً نسبياً في وتيرة العمليات العسكرية على الحدود، مع تراجع احتمالات توسيع الحرب لأسباب عدة وفق ما يشير مصدر مطلع على الوضعين الميداني والسياسي لـ«البناء» والذي يلفت الى أن لا «إسرائيل» تتحمل توسيع الجبهة مع لبنان في ظل غرقها في وحول حرب الاستنزاف في غزة إضافة الى قوة حزب الله العسكرية والصاروخية والاستخبارية والميدانية والتي أظهر جزءاً بسيطاً منها. وقد وجّه رسائل نوعية عدة تلقفتها «إسرائيل» والتزمت بقرار عدم خوض حرب واسعة النطاق لأن من شأن ذلك إلحاق دمار هائل في كامل أنحاء «إسرائيل» وتعميق الهزيمة الاسرائيلية بعد هزيمة غزة، ولا حزب الله بدوره يريد توسيع الحرب لتجنيب لبنان التداعيات. لكن أي عدوان واسع على لبنان فإن حزب الله سيخوض هذه الحرب بلا أيّ تردد.
وتشير أوساط دبلوماسية مطلعة لـ«البناء» الى أن «إسرائيل أنهِكت خلال شهور الحرب وهي لم تعتدْ على خوض حروب أكثر من 4 أشهر، لذلك وصلت إلى طاقتها القصوى في الحرب ولا تستطيع الاستمرار أكثر، لذلك تريد وقف الحرب لكن بشروط وضمانات وصورة توحي بالعلن على أنّها انتصرت ولم تهزم، أو على الأقل تخفيف حدّة وتداعيات الهزيمة. وكذلك الأمر توسيع الحرب لم يعُد خياراً واقعياً وعملياً. وهذا ما يدركه المسؤولون الإسرائيليون وكذلك الإدارة الأميركية التي تبذل جهوداً كبيرة لمنع توسيع الحرب على الحدود اللبنانية لأنها تدرك عواقبها وتداعياتها على إسرائيل أولاً وعلى معادلات الردع وميزان القوى في المنطقة». واستبعدت الأوساط قيام «إسرائيل» بحرب شاملة على لبنان، مرجحة بقاء الوضع ضمن الوتيرة نفسها، حتى التوصل الى هدنة أو وقف إطلاق النار في غزة، ما ينسحب على جبهة الجنوب.
إلى ذلك واصلت المقاومة عملياتها، وأعلنت في بيانات متلاحقة، استهداف موقع رويسات العلم في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة، وقلعة هونين وموقع زبدين في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابةً مباشرة. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأنه «يتمّ التحقق من سقوط صواريخ في جبل ميرون».
بدورها، زفت حركة أمل في بيان، الشهيد المجاهد محمد علي موسى قميحة «لواء»، مواليد كفرصير : ٨-١-١٩٨٨، الذي استشهد أثناء قيامه بواجبه الوطني والجهادي دفاعاً عن لبنان والجنوب. ولفتت الحركة الى أن «أفواج المقاومة اللبنانية أمل تعاهد الشهيد وجماهيرها بأن تبقى على العهد والقسم للقائد المؤسس وللشهداء بأن نكون فدائيي حدود أرضنا المقدسة مهما غلت التضحيات».
في المقابل أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي في قرية الغجر المحتلة رشقات رشاشة وقنابل باتجاه رعاة الماشية شرقي بلدة الوزاني.
على صعيد آخر، وغداة انتهاء المرحلة الأولى من جولة سفراء الخماسي على القيادات اللبنانية، على أن تستأنف اتصالاتهم «الرئاسية» بعد عيد الفطر، حيث تزور اللجنة رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، على أن ترفع تقريراً الى اللجنة الخماسية في الخارج لتقييم الموقف والخطوة التالية، وما إذا كانت هناك حاجة لإرسال الموفد الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان، وفق ما علمت «البناء».
واشارت مصادر نيابية لـ«البناء» الى أن «حراك اللجنة الخماسية لن ينتج رئيساً للجمهورية في المدى المنظور، وأعضاء اللجنة عبروا عن هذه القناعة خلال اجتماعاتهم مع القيادات السياسية، كما لن يحلوا مكان القوى السياسية والنيابية والقيام بدورها السياسي والدستوري والوطني، لكن دور اللجنة يتمحور حول تقريب وجهات النظر وتقديم أفكار للتوفيق بين القوى السياسية والبحث عن قواسم مشتركة وآلية للحوار لانتخاب رئيس بالتوافق لا بفرض المرشحين والشروط». ولفتت المصادر الى أن حراك الخماسية وكتلة الاعتدال يهدف لتحضير الساحة الداخلية عبر طاولة حوار أو نقاش وطني حتى انتهاء الحرب في غزة وانطلاق المفاوضات على ترتيبات أمنية على الحدود والشروع بانتخاب رئيس للجمهورية عندما تنضج الظروف الإقليمية والدولية».
وعلمت «البناء» أن أحد النواب المستقلين بدأ بجولة على المرجعيات والأطراف السياسية لعرض مبادرة رئاسية لانتخاب رئيس. كما علمت بأن قنوات التواصل غير مقفلة بل مفتوحة بين حزب الله والتيار الوطني الحر عبر عدد من الحلفاء المشتركين في محاولة لتقريب وجهات النظر حول الملف الرئاسي والبحث عن إمكانية التوصل الى مساحة رئاسية مشتركة تسهل التوافق على مرشح. علماً أن الثنائي حركة أمل وحزب الله وفق معلومات «البناء» لم يدخلا بأي بحث أو نقاش حول مرشحين غير الوزير فرنجية. وأوضحت مصادر الثنائي لـ«البناء» الى أن دعوة الرئيس بري للحوار لا يعني التنازل المسبق عن دعم ترشيح فرنجية للرئاسة، بل الحوار على سلة كاملة من ضمنها رئاسة الجمهورية وبرنامج الرئيس ورئيس الحكومة وتشكيلة الحكومة المقبلة وبرنامج عملها وبعض المناصب الرفيعة في الدولة وذلك تسهيلاً لانتخاب الرئيس وتأليف الحكومة ولإنجاز الملفات الأساسية لاحقاً.
وكشف سفير مصر لدى لبنان علاء موسى عن أن ما لمسته اللجنة الخماسية من رئيس مجلس النواب نبيه بري في اللقاء الأول والثاني هو «موقفه الواحد» وقد أبدى كلّ رغبة في إنجاز الاستحقاق، مشددًا على أن اللجنة لا تتحدّث في الأسماء لأنه ليس من دورها بل تبحث عن أرضية مشتركة بين الفرقاء. وقال في حديث تلفزيوني: «ما تهدف اليه الخماسية هو تطبيق الدستور والبعض لديه مخاوف من الحوار».
ورد موسى على البطريرك الراعي بشكل غير مباشر، بقوله: «لم يتم انتخاب رئيس في أي زمن في لبنان بدون حوار والفارق بين الحوارات السابقة والحالية أنها برئاسة بري ويجب ألا نتحدث عن شكل الحوار». وأشار إلى أن «هناك 3 مراحل: الاولى تتطلّب التواصل مع مختلف الكتل والحصول على التزام منهم في الملف الرئاسيّ والثانية القيام بمشاورات ومداولات والثالثة الذهاب الى مجلس النواب والانتخاب. والأهم بين هذه المراحل هي الاولى». وتابع «سنلتقي الكتل كافة والآن يجري تحديد المواعيد ومِن السفراء مَن سيأخذ إجازة طويلة من منتصف شهر نيسان ولهذا السبب أرجأنا اللقاءات الى بعد عيد الفطر». واعتبر موسى أن «المقاربة الأفضل والأكثر منطقية في الموضوع الرئاسيّ هي بالحصول على «الالتزام» من قبل الكتل كافّة».
وكان الرئيس بري استقبل في عين التينة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، حيث جرى عرض لتطورات الأوضاع العامة لا سيما السياسية والميدانية منها وشؤوناً تشريعية. وتابع بري أيضاً المستجدات السياسية خلال استقباله الوزير السابق وديع الخازن الذي قال بعد اللقاء: «تطرّق دولته الى الموضوع الرئاسي واعتبره هاجساً وطنياً بل إنه بمثابة همه اليومي، وما دعواته المتكررة للانتخابات إلا من قبيل وضع الجميع امام مسؤولياتهم الدستورية والوطنية، إذ لا يمكن تجاهل هذا الاستحقاق لأنه يأتي في صلب الواجبات المنوطة بالمجلس، مكرراً دعوته جميع الأفرقاء الى التلاقي والتشاور والتفاهم، لأن التشاور وحده كفيل بعدم إقصاء أحد وبإنهاء هذه المراوحة المتحكمة بالملف الرئاسي».
وأكد الرئيس بري بحسب ما نقل عنه الخازن، «أنه متى لاحت بارقة الأمل لن يتوانى عن تجاوز كل العوائق التي تحول دون ذلك، لأنه مصمم في أي وقت ولحظة لعقد الجلسة، وإذا تم التوافق المذكور فلا بد وأن يَلقى من المراجع الدولية والإقليمية كل الدعم المطلوب، وإلا كنا كمن يستدرج العروض على يد الخارج لإلزامنا بخيار بعيد عن المواصفات اللبنانية لاختيار الرئيس المقبل». وأضاف الخازن «وكرر لي الرئيس بري دعمه الكامل وتقديره لحراك سفراء المجموعة الخماسية وتشجيعه كتلة الاعتدال الوطني وكل الخيرين في البلد للمضي في جهودهم الحميدة عسى أن تثمر كل هذه المساعي خيراً للبلاد».