دبوس

الكيان المصطنع

وسائل الإعلام “الإسرائيلية” والمراسلون والمعلقون والمحللون السياسيون في الكيان في حالة ذهول، بسبب تمكّن مقاتل فلسطيني مزوّد ببندقية قنص من إجبار الجيش الاسرائيلي على الوقوف على “رجل ونصف” لمدة خمس ساعات، ونجاحه وهو في وضع محاصر بمئات من جنود الجيش، الذي أصبح مهزلةً، من تكبيد هذا الجيش سبع إصابات، منها ثلاثة في حالة ميؤوس منها، ولجوء هذا الجيش، المنفوخ إعلامياً الى طائرات الإقلاع الرأسي وصواريخ الجو أرض لقتل هذا المقاتل الأسطوري…
بعض المعلقين قالوا انّ المعطيات المتوفرة تفترض ان هذا الاستشهادي كان يجب الإجهاز عليه خلال خمس دقائق، وليس خمس ساعات، ذلك هو الفرق الجليّ بين من يقاتل في سبيل وطنه فيندفع الى الاشتباك مع العدو، لا يلوي على شيء، ويقاتل وهو طالب للشهادة فلا تهون عزائمه حتى النهاية، وبين جندي زجّ به غصباً الى القتال وهو كاره له، ويحتفظ في جيبه بوثيقة سفر أخرى سيلجأ إليها إذا حمي وطيس الصراع، لن يعوّض التفوّق التقني…
مهما تعاظم، هذا البون الشاسع الواسع بين إنسان يقاتل ويضحي في سبيل وطن عاش فيه أجداده وأجداد أجداده لآلاف السنين، فتجذّرت ذاته في تراب هذا الوطن، وتدفق الدم في عروقه من تكوينات ثرى هذا الوطن، مغموساً بمائه وهوائه وزيتونه وتينه وليمونه وبرتقاله وبهبات النسمات المنبعثة من بحره وعبير ورده وياسمينه وريحانه، فغدا تلخيصاً لهذا الوطن في ذاته، وأصبح هو وهذا الوطن صنوان لا يتباعدان،
وفي المقلب الآخر إنسان أوتيَ به من الدياسبورا لآلاف السنين، وأريدَ ان يُصطنع منه مواطن لوطنٍ اصطناعاً، فتبعثر الاصطناع برمّته وتناثر هذا التكوين عند أول اختبار، وتبدّدت الحقيقة الساطعة بلا التباس، هذا الكيان، وهذه الكينونة لا تحمل في ذاتها مقومات البقاء، فانتظرونا قليلاً، يوماً او بعض يوم، وسنرى بأمّ الأعين، الزوال الحتمي لهذا البنيان الهش المتهاوي…

سميح التايه