عاصفة المهلكة… وسقوط المملكة
د. سليم حربا
ثلاثون يوماً من العدوان السعودي الآثم على اليمن وشعبه العربي الأبيّ، والنتيجة صفر أهداف، وكأنّ ملوك الزهايمر لم يتعلموا من مشكلة استراتيجية «صفر مشاكل» العثمانية، وما زالت شهوة القتل وسفك دماء الأطفال طاغية على طغاة المملكة وما زال الهروب إلى الأمام وصولاً إلى الهاوية هو القرار السعودي الذي لا يمكن الرجوع عنه، لأنّ تحقيق الأهداف الجازمة للعاصفة الحازمة أبعد من الوصول إلى نجم سهيل على ظهر بعير.
وبالرغم من الكذب على الأحياء، فإنّ الواقع ومنطق العقلاء يقول أنّ عبد ربه منصور هادي لم ولن يعود، وحتى المنجمون لا يقامرون بسمعتهم ويقولون أنّ أنصار الله يمكن أن يسلّموا أو يستسلموا، وضرب من المستحيل أن يركع أو يخضع الشعب اليمني. وها هو الجيش اليمني ولجانه الثورية أصبحت تضع أقدامها من صنعاء إلى عدن إلى باب المندب، واليمن بشيبه وشبابه يخزّن الثأر لإطلاق رصاصة الرحمة على عروش بني سعود وينتصر حتى قبل إطلاق رصاصة واحدة، وها هم ملوك الجاهلية والأميّة يغوصون في الرمال المتحركة، فأهداف غزوتهم الجوية لم تتحقق بل بدأت تداعيات الخيبة والفشل والهزيمة تلاحقهم من حيث لا يحتسبون، فبقايا وفلول عبد ربه منصور يتساقطون ودواعش القاعدة والإخونجية يفرّون إلى السعودية ليكتمل صاعق القنبلة الموقوتة في وجه بني سعود في عقر دارهم. فلعنة دماء شهداء أطفال ونساء اليمن تلاحقهم كمجرمي حرب، ورواتب مرتزقتهم من الطيارين من شتى بلدان العالم الذين يتقاضى كلّ منهم 750 ألف دولار على كلّ طلعة طائرة ترهقهم، وها هو حلفهم المزعوم قد تداعى وتفكّك، بعد أن فضلت باكستان العقل على الغريزة وآثرت عدم المقامرة بجيشها كرمى لطويل عمر أصبح عمره قصيراً، وها هي مصر ببصيرتها رفضت القفز في المجهول ولم ترض قواتها الجوية والبحرية غرور وشهوة بني سعود، فأطلق عليها كرندايزر السعودية، وزير الدفاع محمد بن سلمان، أساطيل شتائمه واتهمها بالخسّة والنذالة ونكران المعروف وأسقط عنها شعباً ورئيساً القيم والقيمة والرتب والمراتب وراح يتغنى بعهد مبارك المخلوع. أما تركيا فقد أوصلت السعودية إلى منتصف البئر وقطعت الحبل بها بشيطانية مع قطر التي يقول لسان حالها للسعودية: «درب يسدّ وما يردّ».
لم تنجح عبقرية التهور السعودية في انتزاع صبر إيران الاستراتيجي إلا بالوصول الهادئ إلى الأسطول رقم34 للبحرية الإيرانية ، فزيادة التواجد الإيراني من قطعتين بحريتين إلى ثمانية في باب المندب لتأمين حرية الملاحة، كحقّ مشروع، أحدث تسونامي وصلت أمواجه إلى الرياض وتل أبيب وواشنطن، وراح المرتزقة من جيش بني سعود يفرّون خشية عاقبة المصير، وقد وصلت نسبة الفرار إلى أكثر من 12 في المئة، وقد فكّوا عقودهم بالرغم من المرسوم الملكي الذي أعطى مليون ريال لعائلة كلّ مقاتل سعودي يُقتل و300 ألف ريال لكلّ مصاب، لكنّ مبدأ الروح غالية كان الغالب ولم تستطع المملكة إعطاء أمر بتحريك أي فصيل في العملية البرية، وبدأت التصدعات في العائلة المالكة والشعب السعودي ومجلس التعاون تزداد، ووجد ما تبقى من بني سعود أنفسهم وحيدين في الميدان بوضعهم المأزوم ينتظرون مصيرهم المحتوم، لا سيما أنّ عقلاء العالم يدركون أنّ داعش والقاعدة هما وجهان لعملة واحدة هي الإرهاب، وأنّ السعودية أصبحت كالوباء الذي يجب مكافحته والحجر على مرضاه لحفظ الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وأنّ التهديد للحرمين وحقوق الإنسان يأتي من داخل المملكة وليس من خارجها كما تقول أميركا التي لا تراهن على بعير خاسر، وإنّ الاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي وصياغة خارطة المصالح الجيواستراتيجية في المنطقة أكبر من سموّهم وجلالة أقدارهم، وإنّ روسيا وإيران بحكمتهما ورويتهما أجّلتا انهيار المملكة السعودية، وإنّ غضب وردّ الشعب اليمني آتٍ كالقدر الذي لا مفرّ منه والذي سيؤدي إلى التدمير الثالث لهيكل الوهابية، وربما لن يترك الشعب اليمني للسعودية أذرعاً قادرة على إطلاق عواصف أو تيارات حزم، لا في سورية ولا في العراق ولبنان والبحرين وفلسطين ليصدق منجّمها في الأمم المتحدة، وربما لن يكون لسورية شرف قطع اليد السعودية وعقابها كما تستحق بل ستكتفي بشرف سحق ما تبقى من إرهابييها ومرتزقتها ودواعشها.
نعم… قيدر بني سعود عَقَرَ ناقة اليمن والسعودية أطلقت النار على رأسها عندما أطلقت عاصفة المهلكة التي ستسقط، لا محالة، بني سعود ومملكتهم.