«المعجم التاريخي للغة العربيّة بين الواقع والمأمول» ندوة لأدباء ومفكّرين في مكتبة الأسد ـ دمشق
نظّم مجمع اللغة العربية في دمشق بالتعاون مع مجمع اللغة العربية في الشارقة ندوة فكرية بعنوان «المعجم التاريخي للغة العربية بين الواقع والمأمول» وذلك بهدف الاحتفاء بالمعجم التاريخي للغة العربية ودوره في التوثيق الشامل لمسيرة لغة الضاد عبر العصور.
واقيمت الندوة في مكتبة الأسد الوطنية بحضور شخصيات رسمية وفكرية ولغوية من سورية ومختلف الدول العربية.
حضر الندوة وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح ووزير التربية الدكتور محمد عامر مارديني والمستشارة الخاصة في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان وأمين فرع دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي حسام السمان وعدد من رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة وعدد من السفراء وبعض من ممثلي مجمع اللغة العربية بالشارقة وأعضاء من مجمع اللغة العربية بدمشق وحشد من المفكرين والمثقفين والمهتمين.
وركزت الندوة على الأهمية الكبيرة لهذا المعجم الذي يشرف على إصداره اتحاد المجامع اللغوية العربية بمبادرة من عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وشارك في إعداده 500 باحث ولغوي وأكاديمي من 16 مجمعاً لغوياً، وصدر منه لغاية الآن 67 مجلداً ويشمل آلاف البحوث والدراسات المتعلقة باللغة والنحو والبلاغة والأدب والفكر والفنون وشؤون الاجتماع وجوانب الحضارة وسائر مواطن الإبداع العلمي التي شهدتها اللغة العربية.
واستعرض وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام ابراهيم في كلمته إسهام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في سورية من خلال عدد من أساتذتها في الكليات الجامعية بالتعاون مع مجمع اللغة العربية عبر مسيرته في وضع المصطلحات بالعربية أو تأليف الكتب الجامعية معتمدة على المصطلحات العلمية التي وضعها المجمع مشيراً إلى أن هؤلاء الأساتذة كانوا مثالاً وقدوة في حرصهم على سلامة اللغة العربية حتى غدت سورية مضرب المثل على الصعيد العربي في تعليم جميع مواد المعرفة باللغة العربية مثمنا جهود المجمع الكبيرة في إعلاء شأن اللغة العربية التي تعد من صلب مهامه وأهدافه ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.
وقال رئيس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية الدكتور حسن الشافعي في كلمة له عبر تطبيق الزوم: إن إعداد المعجم التاريخي للغة العربية هو العمل الحضاري العلمي الذي أنجز بالنسبة لسائر اللغات العالمية في عالمنا الحاضر وفكرنا المعاصر وهو عمل قومي بامتياز، مبيناً أهمية أن تشحذ له إمكانات الأمة العلمية والفكرية والمادية على مستوى قومي وعلى صعيد جامع أممي ولا ينفرد فيه فريق دون فريق أو بلد دون آخر أو مجمع دون إخوانه من المجامع الأخرى آملاً بالعمل المتواصل على إتمام المعجم التاريخي خلال العام القادم لتكتمل أجزاؤه.
وأشار الدكتور محمود السيد رئيس مجمع اللغة العربية في دمشق إلى أن المعجم التاريخي للغة العربية جمع كلمات اللغة، وصيغها وتراكيبها من منابعها الحيّة في جميع العصور، وفي ميادين المعرفة كافة، متتبعاً الأصول اللغوية العربية في النقوش العربية القديمة، ولغات الممالك القديمة في بلاد الشام والعراق وغيرهما كالأكادية والآرامية والسريانية، ما يجعل هذا المعجم الذي يختلف عن سائر المعاجم الأخرى من حيث سمة التأريخ للغة العربية مصدراً لدراسات في الدلالات والألفاظ والتراكيب والدراسات المهتمة بإغناء اللغة وزيادة رصيدها ويفسح المجال لإجراء المزيد من البحوث والدراسات.
واستعرض الدكتور محمد صافي المستغانمي الأمين العام لمجمع اللغة العربية في الشارقة خطوات تنفيذ هذا المشروع بالتعاون بين مجمع الشارقة ونظرائه في المجامع العربية وتدريب العاملين فيها على مراحل الإنجاز، وتشكيل لجنتين علمية وتنفيذية تضم كبار الخبراء ووضع خطة محكمة لإطلاق هذا الإصدار الذي سيكون معجم المعاجم ومرجع المراجع للأكاديميين والباحثين واللغويين، مشيراً إلى أن الأجزاء المطبوعة من المعجم تشمل حروف العربية من الألف للضاد، وبقي ثلاثة عشر حرفاً قيد الإنجاز.
وبيّن الدكتور عبد الحميد مدكور الأمين العام لاتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية أن هذا المعجم سيمثل عند اكتماله درة المجامع اللغوية قديمها وحديثها وهو يحقق جمعاً كبيراً لم تشهد اللغة العربية له مثيلاً من قبل، وسيكون مرجعيّة كبرى في مختلف صنوف الإبداع على مستوى العالم.
واعتبر الدكتور مأمون وجيه المدير العلمي للمعجم التاريخي للغة العربية أن المعجم إنجاز القرن الذي انتظره اللغويون والمثقفون العرب في كل مكان، ولا سيّما بعد تعثر عدة محاولات في هذا المجال، قبل أن يتبنّى المبادرة الدكتور سلطان القاسمي الذي رعى هذا المشروع من الألف إلى الياء ودعمه بشتى السبل، لتحقيق هذا الإنجاز الذي جاء ثمرة جهود متواصلة وعمل جماعيّ خلاق شارك بصناعته جميع المجامع العربية ليكون أول إنجاز علمي عربي جماعي.
وقال وجيه: «إن أبرز ما تميز به هذا المعجم تفرّده بالتأريخ، فهو سجل لغوي يؤرخ قصة اللغة ويبين شجرة النسب اللغوية لكل كلمة وكيف تفرعت الأصول وتطورت وأنجبت أجيالاً من الألفاظ والدلالات عبر العصور متتبعاً تواريخ ميلاد تلك الألفاظ ودلالاتها واستعمالاتها في كل عصر، متعقباً آثارها في النقوش القديمة والكتابات الحديثة ليقدم سجلاً تاريخياً دقيقاً لألفاظ العربية وتراكيبها، إضافة إلى تفرده بجمع لغوي جديد للغة العربية معتمداً على اللغة الحية المستعملة الموثقة في مصادرها المدونة منذ بواكير التاريخ».
وتضمنت الندوة التي أدارها الدكتور محمود السيد وشرح فيها مراحل إعداد هذا المعجم مشاركة كل من الدكتور غيث زرزور من مجمع الشارقة وأحد المشاركين في إنجازه الذي تحدث في مداخلته عن التحديات التي واجهها المشاركون في إعداد وإنجاز هذا المعجم الكبير وعن المشاريع المستقبلية التي سيتبناها مجمع اللغة العربية بالشارقة، لافتاً إلى أنه سيكون مرجعاً شائقاً لطلاب العلم على اختلاف اختصاصاتهم وليس حكراً على طلاب العربية، حيث يجد الباحث فيه ضالته بحسب توجهه واختصاصه باعتبار أننا أبحرنا به في كل ميادين المعرفة.
بينما استعرض الدكتور عبد الناصر عساف من مجمع دمشق وأحد المشاركين في إنجاز المعجم جملة من مزاياه الذي يعد إنجازاً كبيراً في اللغة العربية منها السرعة الفائقة في إنجازه الذي استغرق نحو 7 سنوات والذي يقع في مئة وعشرين مجلداً شارك فيه مئات العلماء والخبراء واللغويين من 27 دولة في 16مجمعاً لغوياً ومؤسسة ومركزاً مع التنبيه إلى ما ينبغي عليه في طبعته الورقية والإلكترونية وأن يتمّ تزويده بالصور الموضحة والأشكال.