فرنسا لا تحمل رسائل تهديد للبنان و«المفاوضات» تشمل الردّ الإيراني
روزانا رمال
بعد الحديث عن تكثيف الضغوط لوقف إطلاق النار في شهر رمضان، ها هي ساعاته الأخيرة تختتم… والمنطقة تدخل عطلة عيد الفطر فيما العملية العسكرية الإسرائيلية مستمرّة في غزة بدون أن يتمّ تحقيق أدنى إنجاز دبلوماسي يترجم عملياً أو تنفيذياً على الأرض على الرغم من مساع قطرية «حثيثة» لإنجاح صفقة تبادل بين الرهائن. وقد برز الفشل الدبلوماسي وبلغ أشده أمام تعنت نتنياهو وتمسكه بمواصلة العملية العسكرية بدون فتح نوافذ الحل الإنساني أو على صعيد إنجاح اتفاقية تمرير المساعدات بالحدّ الأدنى، والتي يطالب بها البيت الأبيض بشكل حثيث في هذه الأيام.
وإذ كُشف الشهر الماضي عن توسع الهوة بين إدارة بايدن ونتنياهو فقد تُرجم الإحراج الأميركي في قاعة مجلس الأمن عبر صدور القرار الأممي بتأييد 14 عضواً وامتناع الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت، وقد اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 2728 الذي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف بما يؤدي إلى «وقف دائم ومستدام لإطلاق النار»، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن…
هذه الخطوة التي ستصبح موضع تساؤل حيال إمكانية التوصل لاتفاق نهائي لوقف إطلاق النار ومدى الالتزام الإسرائيلي بالشرعية الدولية أسقطت أيّ رهان على ضغوط سياسية دولية قادرة على تفسير النيات الإسرائيلية وكبح جماحها عبر إمكانية امتدادها وتطويرها كنوع من دعم نتنياهو داخلياً، خصوصاً أنّ المنطقة تنتظر الردّ الإيراني على جريمة استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق واستهداف مسؤولين عسكريين وأمنيين إيرانيين بارزين على صلة وثيقة بملفات المنطقة ومعاركها العسكرية. وهو الحدث الأخطر منذ اغتيال اللواء قاسم سليماني على الأراضي العراقية. من هنا يرتفع منسوب التوتر ليبلغ أشدّه عبر الحديث عن إمكانية توسّع الحرب وشموليتها خصوصاً في ما يتعلق بلبنان الذي حاولت بعض العواصم الأوروبية والدولية إرسال رسائل تحذيرية للحكومة اللبنانية وحزب الله طلباً لإغلاق جبهة الجنوب بغية إمكانية توسعها…
في هذا الإطار أكدت مصادر دولية رفيعة وموثوقة لـ «البناء» أنّ فرنسا لم تكن يوماً بصدد إرسال تهديدات للبنانيين، وهذا ليس الدور الذي تلعبه مع بلد تربطها به علاقات تاريخية كلبنان، وقد توسّعت هذه التقديرات إثر الزيارة الأخيرة لوزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاترين كولونا في بداية الحرب، وهو الأمر العاري عن الصحة تماماً، وليس هذا هو الدور الذي تلعبه في هذه الحرب. وأضافت المصادر «انّ الدور الفرنسي اليوم مستمرّ وباريس بصدد انتظار الردّ الإسرائيلي لمبادرتها أو الورقة الفرنسية التي لم تنته وأبرز ما فيها تطبيق القرار 1701 الموجود أصلاً..».
وتحدثت المصادرعن مسار العملية التفاوضية بين الأميركيين والفرنسيين، معتبرة انّ الفارق بين الدورين يتعلق بطريقة «تفكير» محدّدة، فالأميركيون يعتبرون اليوم أن لا تفاوض منتجاً سوى بعد وقف إطلاق النار، ولهذا السبب لم نعد نرى زيارات لهوكشتاين الى لبنان، أما فرنسا فهي مؤمنة بأنّ الدبلوماسية هي الحلّ الأوحد وانّ هناك إمكانية للتوصل الى نتيجة قبل وقف إطلاق النار وأنّ العمل الدبلوماسي لا يجب ان يتوقف…
وبخصوص إمكانية تطوّر الردّ الإيراني وإمكانية شن حرب كبرى من جهة، او إمكانية التفاوض حول شكل الردّ بما يعني التوصل لمقايضة جدّية مقابل تفادي ضربة إيرانية تفتح طريق الحرب الأوسع أكدت المصادر الرفيعة و»الموثوقة» نفسها انّ إيران دولة عقلانيّة والإيرانيون أناس يفكرون كثيراً. وبالعودة لردّها على اغتيال الواء سليماني فقد كان رداً مدروساً والردً اليوم يدخل ضمن دائرة «المفاوضات».
وبين زيارات وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان الى سلطنة عُمان – صاحبة الوساطة الناجحة سابقا ًبين الإيرانيين والأميركيين، ثم زيارة سورية وتاكيدات حول ردّ إيراني قد يقلب المشهد بإيجابيته التفاوضية أو سلبيته التصعيدية، ما قد يدخل المنطقة في مجهول العوامل السياسية التي تلعب بالطرفين «بايدن – نتنياهو» محلياً، وخصوصاً بما يتعلق بالحسابات الانتخابية الأميركية، وحسب المصادر نفسها إنّ هناك إمكانية لفوز ترامب في الانتخابات المقبلة.
وعلى أنّ الأميركيين وكذلك الإيرانيين ينشطون في مجال حصر رقعة الصراع تختم المصادر الدولية بالتذكير بالسياق العام للسلوك الإيراني بعدم التوجه نحو التصعيد منذ بداية الحرب، وتوقع انّ هذا السياق مستمرّ مع أنّ احتمالية توسّع الحرب قائمة بأعلى نسبها.