حل الدولتين والنفاق الأميركي
تقول إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن إحدى أهم نقاط الخلاف بينها وبين حكومة بنيامين نتنياهو حول حرب غزة هو عدم وجود أفق سياسيّ نحو حل الدولتين في رؤية نتنياهو للحرب، وتسوّق واشنطن لرؤيتها تحت عنوان حل الدولتين بأن السلطة الفلسطينية وليس الاحتلال، هي البديل لحركة حماس وقوى المقاومة.
الصيغة المعروضة على مجلس الأمن الدولي لمنح دولة فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة تمثل نظرياً أفضل ترجمة لحل الدولتين، فهي تمنح السلطة الفلسطينية نقاط قوة في التوازن الفلسطيني الداخلي، وتقول إن هناك دولة فلسطين ودولة الكيان وفقاً لنص قرار التقسيم رقم 181 عام 1949 مع تعديل اعتماد حدود العام 1967 بدلاً من تقسيم الأراضي المحتلة عام 1948 كخط فاصل بين الدولتين. وهذا لا يعني تحديداً نهائياً للحدود والسيادة ومصير اللاجئين والقدس، بل يجعل الخلاف حولها موضوع تفاوض بين دولتين كاملتي العضوية في الأمم المتحدة، وفقاً للنظرة الأميركية لحل الدولتين، فلماذا تستخدم واشنطن حق النقض (الفيتو) بوجه مشروع القرار؟
الحجة الأميركيّة هي أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية من حيث المبدأ وليس فقط لجهة الحدود ومصير القدس واللاجئين، يجب أن يأتي كحاصل تفاوض، بما يعني أنه يحجب أن يكون موضوع قبول إسرائيلي. وهذا يعني التخلي كلياً عن أي فكرة تقوم على الحاجة لممارسة الضغط على “إسرائيل” للقبول بالدولة الفلسطينية وحل الدولتين، لأن “إسرائيل” لن تقبل من تلقاء ذاتها بقيام دولة فلسطينية مهما تنازل الفلسطينيون في ملفات الحدود والقدس واللاجئين، والشكل النموذجي للضغط المنشود هو بالموافقة على مشروع القرار.
تقول واشنطن إن الموافقة الإسرائيلية المسبقة على مبدأ قيام دولة فلسطينية شرط للاعتراف بحقها بالوجود. وهذا لا يعني إلا شيئاً واحداً هو أن واشنطن تمنح لتل أبيب الفرصة لمقايضة القبول بإفراغ الدولة من كل محتوى حقيقيّ، وبدلاً من التفاوض على حدود الدولة والقدس واللاجئين سيصبح التفاوض على مبدأ قيام الدولة مقابل التخلي عن مطالب الطرف الفلسطيني المفاوض في ملفات الحدود والقدس واللاجئين.
عملياً واشنطن تقول إنها لا تريد حل الدولتين، لكنها ترفعه كشعار من باب النفاق السياسي للتغطية على حجم الدعم العملي الذي تمنحه لـ”إسرائيل”، بل للجرائم الإسرائيلية.
التعليق السياسي