بين عملية رفح وصفقة التبادل بوصلة «إسرائيلية» ضائعة
رنا العفيف
نتنياهو أشبه بالضفدع الذي يغرق في المياه ومن ثم يقفز فوق المياه لينتعش سياسياً، إلى أيّ مدى قادر نتنياهو للقيام بالعمل العسكري علماً أنه غارق في وحول غزة؟ وكيف تنظر إيران وجبهات الإسناد إلى هذا الواقع الميداني لـ «إسرائيل» في غزة بوجود الورقة الأخيرة التي يهدّد بها نتنياهو؟
تتجه الأنظار إلى الجداول الزمنية والتوقيت بين بدء عملية عسكرية في رفح وبين إنجاز صفقة تبادل الأسرى، واصلت قضية صفقة التبادل إلى منحدر حرج ومعقد، خاصة أنّ المقترح المصري الحالي يبدو وبحسب مراقبين «إسرائيليين» فرصة أخيرة، وبرغم الاتفاق الواسع حول ضرورة اغتنام هذة الفرصة، إلا أنّ من بيده قرار الحسم لا يزال يتحفظ ويتباطأ لأهداف معروفة أسبابها، تزامناً مع فشل نظرية القيادة «الإسرائيلية» بأنّ الضغط العسكري سيؤدّي إلى تحرير الأسرى، ما أدّى إلى شحذ الخلافات والاتهامات على الصعيد السياسي والعسكري حول التزاحم الحادّ بين أولويات الحرب، وعلى خلفية ضوء التخبّط والتلكؤ بشأن نيات ودوافع بنيامين نتنياهو التي لا تخلو من الاعتبارات السياسية والشخصية وفقاً للمراقبين في ظلّ المخاوف «الإسرائيلية» المتزايدة والمتواصلة من أجل نظرية «مكانك راوح» المرتبطة بغياب الرؤية السياسية التي من المحتمل أن تؤدي إلى خسارتين في الحرب والأسرى…
طبعاً تتعامل «إسرائيل» مع الوسيط المصري هذة المرة على اعتبار أنّ مصر لديها تجربة في إخماد النيران وتعاملها مع حماس لكون لديها خطوط مباشرة معها، بالإضافة إلى طبيعة التعامل مع نتنياهو وحكومته، قد يكون هذا التدخل فرصة أخيرة تقابله موافقة «إسرائيلية» باستثناء نتنياهو الذي يحول حتى الآن دون إخماد الحريق الملتهب وهو يزيد من سعير لهيب النار، وفقاً لتهديده بالدخول إلى رفح ولكن في الحقيقة نتنياهو يريد تعقيد وتشبيك مسائل عديدة سعياً منه للخروج من أزمته النفسية والعقلية والسياسية والعسكرية، والأوساط «الإسرائيلية» ربما لا تخفي هذا وتعلم جيداً أنّ هذا يساعد المقترح المصري لكن نتنياهو تحديداً لديه مشاكل مع نفسه ومع وجوده السياسي، وبالتالي نتنياهو يخلق مشاكل كثيرة على ضوء قطار الأحداث المرتقبه المتعلقة بالأسرى «الإسرائيليين»، ما يفضي إبى أننا أمام مشهد شديد التعقيد، بغضّ النظر عما إذا كان نتنياهو سُيفشل المقترح المصري ومعروفة أسبابه أو في حال اخترقت مصر هذا الجدار، ولكن بطبيعة الحال الموقف الأميركي لا يزال ضعيفاً بالرغم من محاولتها المتكررة بالتحايل على نتنياهو ليوافق أو لا يوافق، وبالتالي هذا الفشل المتراكم سواء في الامتحان أو بآخر ورقة يهدّد فيها نتنياهو وهي رفح، الجدول الزمني سيكون له ترتيب بسقوط كلّ الاحتمالات لماذا؟ لأنّ نتنياهو سقط في عدة اختبارات امتحانية في السياسية والعسكر والميدان كما فشل في تشكيل الحكومة وغيرها…
لكن الأمر الذي ينقذ نتنياهو ويتكئ عليه هو كتلة اليمين الذي يغذي بالاستيطان، والاستيطان مدعوم أميركياً ومن يتحمّل هذة المسؤولية هي الولايات المتحدة الأميركية في حال ذهب نتنياهو وبقي اليمين الذي من خلاله نستطيع أن نشخص نتنياهو وهو عبارة عن حقبة سوداوية من الحقد في تاريخ المنطقة والصراع مع فلسطين، وبحسب مصادر هناك تحرك لليهود في العالم كله باستثناء داخل الكيان، كما أنّ هناك موجة غضب عارمة في الداخل… منهم يريد التخلص من نتنياهو ولا يستطيعون ذلك لأنّ أغلبهم يعيش على ضعف نتنياهو والعكس هو الصحيح، وبالتالي مآزق السياسة والميدان تحاصر تل أبيب وسط تزاحم نتنياهو بالمزيد من الأوراق العبثية الخاسرة بحثاً عن نصر وهمي في غزة للملمة هزائمه العسكرية والاستراتيجية المتبعثرة بين عملية رفح وصفقة التبادل التي كشفت بوصلة «إسرائيل» الضائعة من خلال مقامرته واتهامه بأنه لا يضع في اعتباره بالمطلق أي اتفاق يعيد الأسرى استجداء بهذا قد يتمّ خلع نتنياهو وإجباره على ترك الحكم والحرب وإلا ستبقى الحروب مستمرة ومشتعلة،
أما في ما يخص الموقف الإيراني في هذا الواقع الميداني الهزيل لـ «إسرائيل» ونظرة جبهات الإسناد التي تعدّ نفسها للسيناريوات المقبلة، فهي بكلّ تأكيد النظرة الإيرانية هنا تنطلق من عملية الوعد الصادق في الضربة التاريخية الكبيرة التي وجهتها إيران لـ «إسرائيل» بكلّ اقتدار وتسببت في إرباك الإسرائيلي والمشهد الميداني والعسكري بالعموم على مستوى المنطقة وهنا نتحدث عما قاله مسؤولون إسرائيليون أنفسهم حيال الضربة الاستراتيجية التاريخية التي وجهتها إيران للكيان وقد أثرت بشكل كبير على العامل الجيو سياسي بشكل فاعل من خلال رسم معادلات جديدة في المنطقة، لا سيما تلك المتعلقة بالتطورات الأمنية والعسكرية الجارية على مستوى المنطقة منذ السابع من أكتوبر بين قوسين ملحمة طوفان الأقصى التي كان وما زال لها دور مستمرّ على مستوى التقييم والحسابات الإسرائيلية الخاطئة والمأزومة والقائمة عليها الحرب بالأساس…
وبالتالي فإنّ من الواضح أنّ الكيان في المشهد الفلسطيني والساحة الفلسطينية وأمام صمود فصائل المقاومة الفلسطينية، غارقة ومتوحلة في مستنقع المأزق الاستراتيجي ومحاصرته من عدة محاور سواء كان على مستوى الجبهة الشمالية في لبنان المشتعلة وهي تكشف عن أوراق ضغط جديدة أو تلك الجبهات المتعلقة بالمحور وتحديداً جبهة إيران، فمثلاً الكيان يواجه مسألة الردّ الذي لم يتمكن من توجيه ضربات مناسبة رداً على الضربات الكبيرة وهذا أحد وأهمّ وأبرز مشهد من مشاهد المأزق الإسرائيلي، في مقابل اتخاذ إيران قرار الردّ على أيّ اعتداء يمسّ مصالحها ورموز شخصياتها في المنطقة ويعتبر سياسياً قراراً استراتيجياً له دلالات توحي بمرحلة الكيان الجديد في المأزق الاستراتيجي الميداني والعسكري وهو متشظّ ولا يستطيع نتنياهو الهروب من هذا الواقع أمام الفصائل الفلسطينية والمقاومة الإسلامية في لبنان أو في سورية، وهناك تجهيزات لكلّ الاحتمالات الواردة من نتنياهو والجميع بحالة جهوزية…