لَبِنَة في بنيان الوعي… فلسطين سفينة النجاة
} مختار نمير
أنظر الى المشهد العربي وأحزن على ما وصلنا اليه من بعد ما سُمي بثورات الربيع العربي زوراً وبهتاناً، ربيع عربي يُنَظّرُ له عزمي بشارة عضو الكنيست الاسرائيلي، ويُشَرّعُ له مفتي القتل الذي يقبع في حفرة في قطر الآن، وأردوغان خليفة للمسلمين، وأتعجّب من كمّ التضليل والزيف الذي تملّك العقل العربي الى هذه الدرجة، وأجد حصاد الربيع العربي المزعوم…
ألتفت الى الغرب فأجد ليبيا في حرب أهلية والأميركي يدير لحسابه النفط الليبي وفي هدوء ودون ضجيج ولا أحد يعلن او يوضح ذلك في الإعلام العربي ويستولي علي عائدات النفط الليبي ويحرم الشعب الليبي من ثروته، وتنشطر ليبيا بين مجموعتين ولكلّ مجموعة داعمها الإقليمي، والأميركي يحلب آبار النفط دون أن يذكر أحد سرقته في وضح النهار أمام كل النواطير ولا أحد يرفع الصوت ليصرخ ويقول حرامي حرامي…
أسافر الى الشرق فأجد سورية قلعة العروبة تدخل في عشرية النار وبفتوى من المفتي ودعم من الخليفة وتنظير من عزمي بشارة وبأداة قناة «الجزيرة» تفقد أكثر من نصف مليون من الشعب والجيش ويتمّ الاستيلاء على ثروتها النفطية في التنف وشرق الفرات من الأميركي أيضاً، سورية وقبل عشرية النار وحتى لا ينسى القارئ كانت مكتفية ذاتياً من الغذاء وليس عليها أيّ مديونية للخارج، والكهرباء لمدة 24 ساعة، وكانت ولا تزال رافضة للضغط الأميركي لإدماج الاقتصاد السوري في الاقتصاد العالمي لتدخل في دوامة الخصخصة والديون، فكان أن تكالب عليها الأميركي والأوروبي وبعض أبناء جلدتنا وظهرت هتافات عمياء البصر والبصيرة على طريقة (لبيك يا سورية) وفلسطين على مرمى حجر، فضلاً عن رفضها المطلق للتوقف عن دعم قوى المقاومة حيث هي عمود خيمة محور المقاومة، وعلينا ان نتخيّل لا سمح الله سقوط سورية في عشرية النار في اليوم الثاني كانت ستوقع استسلاماً للكيان، ولعلنا نتذكر انشقاق عبد الحليم خدام الذي كان سيذهب وراء معلمه أنور السادات ويوقع استسلاماً للكيان الصهيوني، وكان بيانه من أحد قصور باريس وعبر قناة «الجزيرة». لا يجب ان ننسى أنّ سورية تُفسد مؤامرة لتبدأ عليها مؤامرة جديدة… نعم فهي قلب محور المقاومة الداعم باختيار وبلا حدود فضلاً عن انها مليئة بالثروات واللصوص ينتظرون…
أذهب الى العراق أجد ثروته النفطية لا يستطيع التصرف بها بأمر من مجلس الأمن تحت الفصل السابع، فممنوع على العراق حتى كتابه هذه السطور استخدام عائدات نفطه في التنمية (محجور عليه غير كامل الأهلية) كلّ هذه الخبرات البشرية ومحجور عليه وبرغم انتهاء نظام صدام حسين وأكذوبه أسلحة الدمار الشامل، بالإضافه الى نظام بريمر للمحاصصة الطائفية ودخول العراق في دوامة الطائفية والمذهبية البغيضة والاختراع العظيم الذي فعله أهل العراق هو المقاومة الحرة للتغلب على ضعف النظام…
أشدُّ الرحال الة اليمن الكرامة فأجد حرباً طاحنة على شعب الكرامة لإخضاعه فهو يمتلك ثروة غازية وبترولية هائلة لا بدّ أن يسلمها للأميركي وأعوانه وشركاته لينهبوها وإلا عليه ان يتحمّل النتائج ويدخل تسعه أعوام من الحرب بواجهة عربية وخلفية صهيوانجلو أميركية…
أتحوّل من اليمن الى الجنوب فأجد السودان تطحنه الحرب الأهلية بتشجيع صهيوأميركي عربي والكيان يتصدّر المشهد هناك وتضيع مقدرات الشعب السوداني ويدخل في دوامة التقاتل من أجل السلطة وبتغذية أطراف عربية ودعم غربي كامل.
في وسط هذا المشهد المأساوي يدخل قطار التطبيع مع الكيان ويدخل محطات يقف فيها ليستكمل قضم الوطن العربي كله ويبدأ في هدم الشعوب مادياً وثقافياً، مادياً بالتهام ثرواته وثقافياً بالاستيلاء على عقله ووعيه، ولا ينسى أحد مقولة أحد رؤساء الموساد السابقين «لقد استولينا على الوعي العربي لمدة 75 عاماً حتى أننا لو قلنا لهم إننا هُزمنا في السابع من أكتوبر لن يصدّقنا الكثير منهم».
وسط كلّ ذلك يأتي طوفان الأقصى بكتائب القسام والجهاد وجميع فصائل المقاومة الشريفة وللمرة الأولى منذ العام 1948 تنتقل الحرب الى أرض فلسطين وتحقق أحلام كانت حتى السابع من أكتوبر وهو ان نجد عدة جبهات عربية تنجح في إعادة القضية الى الواجهة العالمية والضمير والذاكرة العربية قبل ان يدهسها قطار التطبيع ثم نجد هذا الاختراع العربي المسمّى بوحدة الساحات وهو محاولة من الشعوب للحفاظ على كرامتها وشرفها وعزتها، حيث ثُلة من المؤمنين يرفضون التفريط بالقضية والكرامة وتتعمّم وحدة الساحات والتي كان اسمها في ذاكرة طفولتنا وحدة الجبهات، لكن بعيداً عن جيوش نظامية تأتمر بقرارات خارجية، وما فعله السادت ليس ببعيد، لكن هذه المرة الإيمان سيد الموقف، وجدنا اليمن الذي لم يخرج بعد من تلك الحرب العبثية لمده تسع سنوات هو الرقم الأصعب في معادلة المواجهة مع الجمع الصهيوأنجلوأميري وكأنه رزق من الله من حيث لا نحتسب وها هم أنصار الله بدعم من شعب الكرامة اليمن يُحكمون الحصار على الكيان لا سفن من باب المندب او من المحيط الهندي ورأس الرجاء الصالح ويكون حصار بحصار… تلك هي المعادلة وهو ما سينهي جسر البر الإماراتي السعودي الأردني جسر العار!
ولا يمكن إلا ان نؤكد على حكمة المقاومة في لبنان وقدرتها على المساندة لغزة فهي تحجز أكثر من 100 ألف جندي «إسرائيلي» على الجبهة مع لبنان، فضلاً عن مشكلة تهجير ربع مليون مستعمر من مستوطنات الجليل، بالإضافة الى كمّ الخسائر الاقتصادية في شمال «إسرائيل» سواء كانت زراعية او صناعية،
ثم وفي إطار المجازر والدماء والجوع في غزة يخرج علينا الأميركي «الطيب القلب» لإنشاء رصيف بحري على شاطئ غزة وهو ما يسمّى بـ «غزة مارين» وهي تعوم على ثروة غازية هائلة هي ملك للشعب الفلسطيني، ولكن بحجة تقديم المساعدات والغذاء لشعب محاصر يأتي الأميركي والأوروبي وبعض العرب لينهبوا ثروة الشعب الفلسطيني، وكما ذكر البعض انّ من يموّل الحرب في غزة شركات النفط العالمية، وأنا أثق بأنّ قوى المقاومة سوف تسمح بذلك، فالمعادلة المقبلة سوف تكون «لا بترول ولا غاز لنا مقابل لا بترول ولا غاز لكم»، ولعلّ غاز غزة يكون بديلاً للغاز الروسي تتحكم فيه أميركا و»إسرائيل» وأوروبا، ولا أظنّ انّ قوى المقاومه ستقبل بذلك، وحقل كاريش سبق وطالته المقاومة العراقية على طريقة «نحن نستطيع»…
بدأت أوّل كلامي بالحزن لكنني أقول انّ فرصة طوفان الأقصى هي التي سوف تنهي كلّ هذه التشوّهات في الجسم العربي، نحن في طريق التحرير الكامل وبركة دماء أطفال غزة والتمسك بقضيتنا فلسطين، فمنطقتنا بعد الطوفان لن تكون كما قبل الطوفان، ومن أراد من النظم العربية والشعوب العربية النجاة من الطوفان فعليه بسفينة النجاة وهي فلسطين… انظروا الى خارطه فلسطين سوف تجدونها وسبحان الله على شكل سفينة انها سفينة النجاة وكأنها إشارة من ركبها نجا ومن قرّر أن يلجأ الى جبل يعصمه من الماء فلا عاصم اليوم من أمر الله ومصيره الغرق إلا من ركب سفينة النجاة فلسطين من النهر إلى البحر…