حسابات معركة رفح
بقياس النسبة والتناسب مع معارك الشهور السبعة من حرب غزة، تبدو المهمة الأصعب على جيش الاحتلال هي معركة رفح. فرفح التي تمثل كمحافظة خمس مساحة القطاع هي المحافظة المجاورة للحدود المصرية حيث تخزين كل شيء يأتي عبر المعابر ومن خلال الأنفاق، وحيث كما يفترض المنطقة التي تختزن أقوى التحصينات والتشكيلات القتالية وأعمق شبكات الأنفاق، وحيث لا احتياط يجري الحفاظ عليه لما بعد رفح لأن لا شيء بعد رفح. وبالمقارنة مع زجّ الاحتلال لأربع فرق في معركة خان يونس لأربعة شهور قبل أن تنتهي بالفشل، فإن معركة رفح تحتاج إلى ثماني فرق لثمانية شهور، وتنتهي بالفشل.
بالتوازي يعلم جيش الاحتلال أن محور المقاومة الملتزم بمنع هزيمة غزة والمقاومة، وعلى رأسها حماس، لن يتعامل مع معركة رفح من هذه الزاوية الأخلاقية فقط، بل من منطلق أن هزيمة المقاومة في غزة، تعني استرداد جيش الاحتلال قوة ردعه، وإنعاش حالته المعنوية الداخلية بين المستوطنين وفي الجيش، وبالتالي الاستعداد للاستدارة نحو جبهات أخرى، لن يمنعه عنها إلا منعه من إنهاء معركة رفح كما يشتهي. وهذا يعني أنه إذا اقتضى منع سقوط رفح التصعيد وصولاً الى الحرب الكبرى فلن يتورع محور المقاومة عن فعل ذلك، ولو كانت هذه الاحتمالات ضئيلة.
ما يصدر عن قوى محور المقاومة هذه الأيام واضح، فما يجري على جبهة المقاومة العراقية يقول بتصاعد الدور وإيقاعه، وظهور المقاومة البحرانية على الساحة العسكرية مؤشر له أبعاد في التهيؤ لمعارك احتمالية مقبلة، لكن ما يفعله حزب الله على جبهة الحدود دخل مرحلة جديدة هي كما تقول وقائع الاستهدافات تحضير الجبهة لعبور كبير إذا اقتضت الظروف، وقد تمّ تدمير كل العوائق والتحصينات، وتستهدف يومياً كل تموضعات القوات على خط الجبهة، بينما يعلن اليمن المرحلة الرابعة ويستعدّ للخامسة، ويحذر من عواقب معركة رفح، بإشعال المنطقة، حيث كما يقول قائد أنصار الله، لا خطوط حمر، ولا سقوف.
ربما هذا كله ما يفسّر اختيار الاحتلال لحدود معركة محدودة في شرق رفح بين المعبر والمطار، يراهن على استثمارها في المفاوضات، أكثر مما يمكن احتسابها مدخلاً لمعركة عسكرية فاصلة، اسمها معركة رفح.
التعليق السياسي