هل ستترك سورية محور المقاومة وتنضمّ الى محور التطبيع؟ الرئيس بشار الأسد يجيب عن هذا السؤال…
د. اوس نزار درويش*
سيبقى موقفنا ثابتاً من القضية الفلسطينية وسيزداد رسوخاً وسنبقى الداعم الأساسي لأيّ مقاوم يقاوم الكيان الصهيوني، عدونا الأزلي الذي لم يتغيّر ولن يتغيّر لأنّ مقاومة هذا الكيان هي الشرف والعزة الحقيقية،
بهذا الكلام لخص الرئيس بشار الأسد موقف سورية الثابت والراسخ من القضية الفلسطينية ومن مقاومة العدو الصهيوني، وذلك في كلمته أثناء اجتماع اللجنة الموسعة لانتخاب لجنة مركزية جديدة لحزب البعث العربي الاشتراكي.
وقد تطرّق الرئيس الاسد في كلمته إلى الكثير من العناوين والقضايا الداخلية والتنظيمية والإدارية والاقتصادية، وفي نهاية كلمته تحدث عن الوضع السياسي الإقليمي والدولي، وبالتحديد حول موضوع العدوان البربري الصهيوني على غزة وانكشاف بعض الأنظمة العربية والنظام التركي الذين خذلوا أهالي غزة ووقفوا دور المتفرّج على الجرائم الصهيونية ضدّ شعب غزة وفلسطين منذ السابع من اكتوبر.
الرئيس الأسد ردّ في كلمته على كلّ الذين ينشرون اخباراً عن انّ سورية ستترك محور المقاومة وستنضمّ الى محور التطبيع العربي عندما قال إنّ سورية ستبقى تقدّم الدعم لأيّ مقاوم يقاوم الكيان الصهيوني،
وفي الواقع تعتبر سورية العمود الفقري لمحور المقاومة والركن الأساسي فيه، وانّ سبب الحرب الإرهابية والاقتصادية التي تعيشها سورية حتى يومنا هذا هو دعم سورية لحركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية، والرئيس الأسد منذ تسلمه للحكم وهو يحتضن حركات المقاومة، وكلنا نذكر عندما أتى وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول الى دمشق في أواخر نيسان من عام 2003، أيّ بعد سقوط بغداد بأيام قليلة وقام بترهيب وترغيب الرئيس الأسد، وذلك بأن يقطع العلاقة مع محور المقاومة وإيران ويطرد قادة الفصائل الفلسطينية من سورية ويباشر بإجراءات التطبيع مع الكيان ويأخذ في المقابل امتيازات كبيرة في المنطقة، أو أن يكون المقابل احتلال سورية أسوة بما جرى في العراق، وهذا ما جاء في محاضر اجتماع الرئيس الأسد مع الوزير كولن باول…
وهناك أيضاً معلومة كشفت عنها وثائق “ويكيليكس” وهي أنّ السفير الأميركي في مصر قد بعث برسالة الى الإدارة الامريكية عام 2005 تقول، بانّ الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أرسل تهديداً مباشراً إلى الرئيس بشار الأسد بأنّ الطائرات الإسرائيلية قد تقوم بقصف دمشق إذا لم يقم الرئيس الأسد بطرد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس آنذاك وبعض قادة الفصائل الفلسطينية المقيمين في دمشق…
ولكن الرئيس الأسد لم يُعر هذه التهديدات أيّ انتباه بل زاد من دعمه للمقاومة وهذا ما تجلى في حرب 2006 في لبنان عندما حقق حزب الله انتصاراً أسطورياً على العدو في هذه الحرب، والسيد حسن نصر الله أكد هذا الكلام عندما قال في أحد خطاباته بانه لولا الدعم السوري اللامتناهي لنا لما كنا انتصرنا في الحرب، وايضاً الدعم السوري لفصائل المقاومة في غزة عام 2008 في صدّ العدوان الصهيوني على غزة.
وكما أسلفنا في البداية فإنّ السبب الرئيسي لشنّ الحرب الإرهابية الكونية على سورية هو دعمها للمقاومة ومعاداتها الكيان الصهيوني، حتى انه في منتصف شهر أيار من عام 2011 ايّ بعد حوالي الشهرين من اندلاع الأحداث في سورية زار أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني دمشق والتقى بالرئيس الأسد وقام بإيصال رسالة له من الإدارة الأميركية بان يقطع العلاقات مع إيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية مقابل أن تتوقف كلّ الاحداث والاضطرابات في سورية، وهذا ما جاء وقتها في صحيفة “لوموند” الفرنسية، وهذا ما يؤكد بشكل جلي بأنّ افتعال المشاكل في سورية لغرض إخراجها من محور المقاومة، حتى تصريحات قادة الكيان تؤكد هذا الأمر كـ إيهود باراك الذي صرح في نهاية عام 2011 لـ “يديعوت أحرنوت” بأن “إسقاط الأسد سيكون أكبر نصر استراتيجي لنا”، وأفيغدور ليبرمان والذي كان يشغل وقتها وزير خارجية العدو والذي صرّح لصحيفة “هآرتس” بأنه يتحتم علينا دعم المعارضة السورية لإسقاط الأسد.
حتى عندما اجتمعت ما يسمّى بين قوسين “المعارضة السورية” في تركيا، وشكلت ما يسمّى مجلس اسطنبول تعهّد رئيس المجلس آنذاك بقطع العلاقات مع إيران وحزب الله والفصائل الفلسطينية وطرد قادتها خارج سورية وعدم المطالبة بالجولان مستقبلاً وإنقاص عدد الجيش السوري الى 50 ألف .
وفي النهاية ستبقى الجمهورية العربية السورية الدولة التي لن تطبّع مع العدو ولن تتخلى عن مبادئها في دعم المقاومة واحتضان القضية الفلسطينية المقدسة، وفي القريب العاجل ستخرج سورية من محنتها وستعود إلى شغل دورها في قيادة الأمة العربية، فسورية كطائر الفينيق الذي ينهض من جديد، وستكون سورية درّة الشرق لأنّ سورية خلقت عظيمة ولن تكون إلا عظيمة بإذن الله.
*كاتب وباحث سياسي سوري وأستاذ جامعي في القانون العام