مقالات وآراء

من أجل استقلالية القضاء الدولي

‬ معن بشور*

الضغوط التي تمارسها المنظومة الحاكمة في واشنطن من أعضاء في الكونغرس والبنتاغون والأجهزة الأمنية على المحكمة الجنائية الدولية والمدّعي العام من أجل الامتناع عن إصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو ومعاونيه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية وجرائم إبادة جماعية في غزة تكشف أموراً عدة:
أولاً: عمق الارتباط بين الإدارة الأميركية، بحزبيها الديمقراطي والجمهوري، وبين العصابة المجرمة الحاكمة في تل أبيب…
ثانياً: حجم النفاق في المواقف الأميركية من القوانين والمواثيق الدولية التي تدّعي التمسك بها لمعاقبة من تعتبرهم أعداءها، كما تسعى للتهرّب من أحكامها إذا كانت تشكّ في احتمال إحراجها لحلفائها.
فحين تصدر هذه المحكمة قراراً باعتقال الرئيس فلاديمير بوتين او غيره من الرؤساء غير المرتهنين للإملاءات الأميركية تنهال عبارات الثناء والإعجاب على هذه المحكمة، وإذا كانت تتجه لاعتقال موالين كاملي الأوصاف الجرمية كـ نتنياهو تقيم الدنيا ولا تقعدها ضدّ هذه المحكمة…ّ
وحين يزور المدّعي العام كريم خان الكيان الغاصب بعد عملية «طوفان الأقصى» ويشيد بـ «حق» هذا الكيان في الدفاع عن نفسه يصبح كريم خان «أيقونة» العدالة الكونية…! وحين يبدو انّ كريم خان بدأ يعترف بحقائق الإجرام الصهيوني مع انتشار المشاهد والصور ومع تصاعد التنديد الشعبي العالمي بجرائم الصهاينة يبدأ الهجوم عليه وتهديده بشخصه وعائلته واتهامه بالعداء للسامية، وهي التهمة الجاهزة بحقّ كلّ معارض للإجرام الصهيوني.
رابعاً: انّ الانحياز المطلق للمنظومة الحاكمة في واشنطن لصالح تل أبيب يأتي في وقت يتصاعد فيه الاعتراض الطلابي والشعبي الأميركي على العدوان الصهيوني يكشف بوضوح حجم الهوّة بين النظام الحاكم والرأي العام في الولايات المتحدة الأمر الذي يقود الى ان تصبح، وللمرة الأولى، السياسة الخارجية هي العامل الرئيسي في الانتخابات الأميركية وانّ غزة الناخب الأول في هذه الانتخابات.
انّ هذه الحقائق تدعو الى العمل من اجل التالي:
أولاً: ان تبذل حكوماتنا العربية والإسلامية ومنظماتنا العربية والإقليمية قصارى جهدها من أجل ممارسة ضغوط معاكسة للضغوط الصهيونية من أجل تمكين المحكمة الجنائية الدولية Icc ومحكمة العدل الدولية GCj من العمل باستقلالية كاملة في تطبيق القانون الدولي الإنساني…
ثانياً: ان تبذل الاتحادات المحامين والمنظمات الحقوقية الدولية كلّ جهد ممكن لحماية استقلالية القضاء الدولي.
ثالثاً: بناء اجماع دولي حول حق الشعوب في تقرير مصيرها ونيل حريتها ليس كحق وطني فحسب بل كحق إنساني يكرّس حق البشرية جمعاء في العدالة وحقوق الإنسان ايضاً.

*رئيس المركز العربي الدولي للتواصل واالتضامن
(AICCS)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى