أولى

حرب أوكرانيا : أوروبا تحتضر

– سارت أوروبا وراء الأميركي منصاعة بلا حساب لمصالحها، وقد فعل حكامها أسوأ ما يمكن لحاكم فعله ببلده. فهل هناك أسوأ من تدمير أنبوب الغاز نورث ستريم يوم تدشينه، كيداً ونكاية واستجابة لطلب أميركي لتصبح دولة اقتصادية عظمى مثل ألمانيا دون مورد موثوق للطاقة غير أميركا، وتبدأ مصانعها بالرحيل؟ وكيف يمكن تفسير وتقبل الحملة العنصرية التي تم شنها ضد كل ما هو روسيّ وصولاً إلى إلغاء تدريس الأدب الروسي في عدد من الجامعات الأوروبية، وفي بلاد الحريات والحضارة الإنسانية؟
– لم تسقط روسيا بالضربة الاقتصادية المالية القاتلة التي صممتها حزمة العقوبات، ونجحت موسكو باحتواء العقوبات وتمكنت من تحويها من تحد الى فرصة فحققت نمواً غير مسبوق وتقدمت إلى مصاف الدول الخمس الأولى في العالم، مضاعفة إنتاجها الوطني، وكذلك لم ينجح الهجوم الأوكراني المعاكس بالصمود وتحوّل الى مهزلة بعدما انقضى على موعده قرابة السنة، وبدأت موسكو هجومها المعاكس وبدأت تراكم الانتصارات.
– انتهى القوام البشري للجيش الأوكراني، ووحدته صارت تلصيقاً مصطنعاً بين بقايا تشكيلاته ومرتزقة أجانب ومتطوعين محليين بلا خبرة عسكرية، وصار ذلك سبباً للعجز عن القيام بأي هجوم، وسبباً للعجز عن حماية أي موقع من هجوم روسي معاكس، ونفدت موارد الذخيرة اللازمة لإقامة حد من التوازن مع ما يسميه القادة الأوكرانيون بهطول الأمطار الروسية النارية، وبدأ يظهر الفشل في إسقاط الطائرات الروسية المسيرة أو صد الصواريخ البالستية، وما يجري في جبهة خاركيف الشمالية التي كانت أوكرانيا قد استعادتها بعد انسحاب روسيّ منها، ترافق مع الانسحاب من كييف، هو أن روسيا تتقدم بسرعة، ورئيس أركان الجيش الأوكراني يقول إن الوضع صعب ومعقد في خاركيف، وهذه أوصاف يستخدمها رؤساء الأركان قبيل قرار الانسحاب وإعلان سقوط مناطق بيد العدو، فيتحدثون عن إعادة الانتشار التي سيعلنها الأوكرانيون قريباً.
– أحرق الحكام الأوروبيون سفنهم مع روسيا، ورغم انهيار قدرتهم على القتال، يتحدث الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعنجهية عن المواجهة العسكرية، بينما تدق الدبابات الروسية أبواب الأسوار الأوروبية، لكن النقاش الجدي بدأ في أوروبا، وأميركا لن تأتي وتقاتل، وهي لا تمانع المساومة على رأس أوروبا، وفق نظرية حساب المصالح،. وهناك من يقول لماذا لا نسمع نصائح الرئيس الصيني، وبدلاً من انتظار اميركا لم لا تبادر أوروبا الى التفاوض مباشرة مع روسيا، وتستعيدها مورداً للطاقة، فروسيا أوروبية في النهاية. وربما تستطيع أوروبا إذا بادرت برفع العقوبات عن روسيا وإعادة أموالها ان تحصل على تسوية معقولة في أوكرانيا وتفاهماً على حسن الجوار مع روسيا. وطالما أن الناتو هو المشكلة فلم لا تعود فرنسا إلى ديغوليتها واستقلاليتها، بالدعوة للخروج من الناتو، بدلاً من تشدق رئيسها بالحديث عن الاستعداد للعسكرة؟
التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى