أولى

أزمة النازحين… «ما حكّ جلدك إلا ظفرك»

‭}‬ أحمد بهجة

يعقد مجلس النواب اللبناني جلسة عامة بعد غد الأربعاء لمناقشة موضوع النازحين السوريين في لبنان، وما يتصل بالوعد الشفهي الأوروبي بالمليار يورو وانكشاف الدور السلبي للاتحاد الأوروبي تجاه الحلول الجذرية لهذا الملف…
للمرة الأولى ربما في تاريخ لبنان نجد أنّ كلّ المسؤولين والقوى السياسية والكتل النيابية أصبح لديهم الموقف المعلن نفسه من ملف النازحين من حيث المبدأ، لأنّ الدخول في التفاصيل يُظهر أنّ هناك اختلافات جوهرية في النظرة إلى هذا الملف، لا سيما أنّ بعض القوى والأحزاب لا تخفي خلفياتها العنصرية، علماً أنّ هذه القوى هي نفسها التي عملت منذ بدء الأحداث في سورية في آذار 2011 على استقطاب السوريين، وكان الهدف آنذاك (والأرجح أنّه لا يزال هو نفسه إلى اليوم) استغلال هؤلاء النازحين ضدّ دولتهم وذلك في إطار التآمر على سورية وقيادتها وشعبها واستقرارها الذي كان من الأفضل في العالم.
الحرص على لبنان لا يكون بممارسة العنصرية ضدّ الأشقاء السوريين الموجودين في لبنان والمطالبة بترحيلهم قسراً إلى سورية، بل باتخاذ خطوات عملية وقانونية ضمن خطة شاملة ومدروسة تجعل الحلول سهلة ومتيسّرة حتى لو أخذت بعض الوقت.
الخطوة الأولى في هذا السياق، والمدخل الإلزامي الذي يؤمّن نجاح كلّ الخطوات اللاحقة، يتمثل بضرورة التنسيق والتواصل الجدي مع الحكومة السورية، وهذا ما تؤيده دول أوروبية مثل قبرص واليونان وإسبانيا وإيطاليا (ومعلوم أنها دول مشاطئة للبحر الأبيض المتوسط) بينما ترفضه دول أوروبية أخرى لا سيما الدول الكبرى منها، وتحديداً ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، ومن خلفها الولايات المتحدة طبعاً، ويُشار هنا إلى أنّ رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين ليست بعيدة عن سياسة بلدها ألمانيا، وهي قبل تولّيها منصبها الحالي كانت وزيرة للدفاع في ألمانيا، وعُرف عنها أنها من المتشدّدين، لكنها سايرت الرئيس القبرصي وأرادت تبديد مخاوفه من انتقال أعداد كبيرة من النازحين من لبنان إلى قبرص، فأتت معه إلى بيروت في مطلع شهر أيار الحالي وأطلقت خلال الزيارة وعدها الشهير بإعطاء لبنان مساعدة قيمتها نحو مليار يورو، وهو وعد على الورق طبعاً ولم تُكشف كلّ التفاصيل المتعلقة به.
هذه التفاصيل نأمل أن نعرفها خلال جلسة المناقشة العامة في المجلس النيابي يوم الأربعاء، حيث يتوجّب على النواب الأكارم ومعهم الحكومة، وبشكل خاص رئيس الحكومة، امتلاك الجرأة الكافية لمصارحة اللبنانيين بكلّ الحقائق، وأوّلها هذا النفاق الأوروبي والأميركي المتمادي، لأنّ كلّ ما يفعلونه على أرض الواقع هو لإبقاء النازحين في لبنان، إذ كيف يمكن أن يكونوا صادقين في أقوالهم وهم في نفس الوقت يحاصرون سورية بما يُسمّى «قانون قيصر»، وهو حصار للبنان أيضاً…
لذلك فإنّ المسؤولية الأولى والأخيرة تقع على عاتقنا نحن في لبنان، وهذا يحتّم على حكومتنا العلية الاستجابة لمطالب وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، واتخاذ القرار الجريء بفتح الخطوط كلها مع الأشقاء في سورية لمتابعة ما كان بدأه المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم خلال ولاية الرئيس العماد ميشال عون والرؤية الواضحة التي يعبّر عنها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل منذ العام 2011… والتي تشكّل المحكّ الأساسي لمعرفة مدى صدقية المواقف المستجدة لبعض الأطراف…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى