مقالات وآراء

فلسطين تُحيي ذكرى نكبتها في زمن «طوفان الأقصى»

‭}‬ رنا العفيف
تغيّرات كثيرة رافقتها إرهاصات ما بين زمن النكبة وزمن طوفان الأقصى، أيّ مسار لهذه القضية في الصراع العربي مع المحتلّ؟
بعد ستة وسبعين عاماً من النكبة، ها انّ طوفان الأقصى يعيد بوصلة فلسطين إلى تموضعها الطبيعي، بعد رحلة نضال واسعة وشاملة في خضم المشروع الصهيوني، إلا أن المقاومة التي تصنع المعادلات قلبت الموازين بصوابية القرار وقدسية الهدف لمصلحة أصحاب الحق والأرض في العودة، حتى بدأت رحلة الشعب الفلسطيني في نضاله نحو قرار تحرير الأرض وتخطي النكسات والنكبات بتصميم وإرادة في مواجهة مشروع التصفية المتلطي خلف اتفاقيات التطبيع القديمة والجديدة منها، وبينما «إسرائيل» تعيش هاجس البقاء، المقاومة الفلسطينية في غزة تشعل محاور القتال من الشمال إلى الوسط والجنوب في جباليا أيضاً حيث الكمائن المركبة تحوّل المخيم إلى مقبرة للغزاة والمغتصبين للحقوق والأرض والتاريخ، وكذا في حي الزيتون عمليات نوعية تجبر الاحتلال على الانسحاب، كما الوضع في رفح ضربات تؤكد أيّ عملية عسكرية لن تكون نزهة، حيث أكد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية أنّ حماس وكتائب القسام وجدتا لتبقيا وأنّ إدارة القطاع في مرحلة ما بعد الحرب شأن داخلي تناقشه الحركة مع كل الفلسطينيين،
في ظرف استثتائي وتاريخي جديد في محطات الاختبار، حدث ولا حرج عن معادلات جبهات الإسناد ومحور المقاومة، التي خطت بيدها في الميدان مظاهر التأثير فاعلاً ومفعولاً في السياسة الحقة وفي العسكر كانت ولا تزال هناك معادلات لم تظهر بعد ليعيد المحتل في ذكرى تأسيسه وفي ظلّ تآكل الردع والإنقسام والعجز عن تلبية أهدافه إلى الوراء كمقدمة لما هو آت من المقاومة التي تعيد صدارة القضايا في العالم إلى ما هو آتٍ في يوم النكبة الذي له معنى جديد لم يشهد له سابقة من قبل، خاصة أنه جاء في زمن الطوفان وفي زمن المقاومة والبطولات التي تؤكد على ثوابت ومبادئ الشعب الفلسطيني الصامد في ظل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال، إذ يفسّر بأننا نعيش مرحلة جديدة وطنية وتاريخية تحت عنوان من النكبة إلى الانتصار الأعظم المنتظر الذي يفتح بوابة التحرير بعد عقود من التهميش والتضليل، أنه ليس بصدفة أن تمرّ ذكرى النكبة في لحظة طوفان الأقصى الفاصلة بين زمنين لتوحي بإعادة القضية إلى سرديّتها بكلّ تفاصيلها تاريخياً بدءاً من المجازر والمآسي التي زرعها الغرب الاستعماري عبر الكيان «الإسرائيلي» في فلسطين وقلب الأمة وصولاً إلى يومنا هذا، إذ تحوّلت هذه الآلام إلى آمال زرعها مقاومون يحمون إنجازاتهم وحقوقهم وإرثهم التاريخي منذ ولادة المقاومة التي باتت اليوم أمام محور جبهات مساندة لا تخشى الوغى في نظرية العدالة، وفي سياق النكبة كان هناك كلام هام ودقيق لرئيس المكتب السياسي يتعلق بذكرى النكبة اسماعيل هنية الذي قال: بهذه الذكرى أنّ الفلسطينيين يحيون الذكرى وهم يعيشون مرحلة طوفان الأقصى كمقدمة للتحرير، فيما المقاومون يمرغون أنف الاحتلال، أيّ أنّ المقاومة التي يشاهدها العالم بأسره، لديها أدواتها وأدائها الخاص، ظهرت من خلال تراكم القوة والإرادة على الأرض ومن خلال المعارك التي خاضتها وتجاربها العديدة والمتنوعة مع المحتلّ نفسه في سابق الصراع معه، ولا تزال بالرغم من الحصار والإبادة، إلا أنها مكتملة الأركان في ملاحم البطولة وإصرارها لا يمكن أن يحيد عن قضيته، الأمر الذي يؤكد مفاعل هذه الأركان تتناغم مع الثوابت القومية والوطنية للشعب الفلسطيني الذي يصارع حتى الموت من أجل حق العودة، فلا بدّ للعالم أجمع أن يعلم الحقائق والحقيقة، بأنّ هذا الكيان المشؤوم وجد على هذه الأرض بقرار من قبل الإمبريالية العالمية ومن قبل الانتداب البريطاني آنذاك، وبالتالي لولا هذا المرض الخبيث أي الإنتداب البريطاني هو الذي تقيّأ هذه الغدة السرطانية ليقيم في على هذه الأرض التي هي نفسها للشعب الفلسطيني الذي يحيي مناسبته مستذكراً كلّ المعاناة والأوجاع والقهر، ويصارع من أجل إعادة المفتاح إلى جيوبهم بعدما سرقته بلدان الشتات واللجوء ممن لا يزالون يحملون مفاتيح بيوتهم في حيفا ويافا والجليل، أما اليوم هناك حقيقة واحدة لا ثانيَ لها وهي أنّ هذا الكيان الذي أتى بقرار بريطاني ودعم أميركي لا بدّ من اقتلاعه، لاجتثاث وعد بلفور والامبرالية العالمية على اعتبار هو من صنعها، والولايات المتحدة التي تعمل على حمايته وتدافع عنه ضدّ الشعب الفلسطيني وضدّ المقاومة التي تفرض معادلاتها وتسقط اخرى
وبالتالي نحن أمام مرحلة جديدة تنبثق ولادة جديدة من رحم طوفان الأقصى تعبّر عن الشعب الفلسطيني وإرادة مقاومتها لإستعادة الحق للقضية وأصحابها، فمن يعيش زمن المقاومة يفهم فحوى اللغز في هاتين الزمنين بين ما هو آتٍ من تغييرات يحمل رسائل ميدانية استراتيجية في سياسة التفاوض لأهداف جلية، وبين من اختار العمالة والتطبيع على حساب الدماء الفلسطينية التي تُراق من أجل العدالة الإنسانية في وحدة المصير، فضريبة النضال والكفاح لم تقف عند هذا الحد وقد شهدت ساحات القتال انتصارات تتجسّد في الانتفاضة الأولى والثانية حتى سيف القدس الذي منه جنح روح المقاومة المستمرة بوعي وضمير قد يؤثر على مستقبل هذا الصراع مع المحتلّ، فرياح التغيير عاصفة على صعيد العالم العربي والإسلامي فلنترقب جميعاً الآتي في ظلّ مشهدية ما هو لمصلحة السردية الفلسطينية التي فتحت أبواب السابع من اكتوبر أبوابها السبعة في محطة تاريخية قد تكون مفصلية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى