قمة المنامة: ماذا عن الفيتو الأميركي؟
بغض النظر عن واقعية النداءات التي أطلقتها القمة العربية المنعقدة في المنامة، حول وقف الحرب على غزة، وفتح المعابر وتأمين تدفق المساعدات الانسانية، أو ما ورد في الإعلان السياسي حول الدعوة لنشر قوات حفظ سلام دولية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو ما ورد أنه سوف يتم تضمينه لمذكرة يتوجّه بها وزراء الخارجية العرب الى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، طلباً لعقد مؤتمر دولي حول القضية الفلسطينية ولجدول زمني لإقامة الدولة الفلسطينية وصولاً لوضع الفصل السابع على الطاولة لفرض تطبيق القرارات الدولية حول فلسطين، يبقى أن الفيتو الأميركي بالمرصاد لمنع صدور أي من هذه القرارات التي يبدو بوضوح أن القمة العربية تطلبها من مجلس الأمن الدولي.
أكدت شهور الحرب التي مضت، ما سبق وقالته مسيرة كيان الاحتلال مع القرارات الأممية، حيث الحماية الأميركية كفيلة ببقاء الكيان خارج أي نوع من المساءلة، وحيث التعهد الأميركي بمنع صدور أي قرار لا يقبل به قادة الكيان، ساري المفعول، ما يعني أن لا قيمة لقرارات القمة ما لم تجب على سؤال كيف سوف تذلل العقدة الأميركية؟
يضع العرب أموالهم في المصارف الأميركية، وتتولى الشركات الأميركية إدارة ثرواتهم في النفط والغاز، وتتخذ الشركات الأميركية الاستهلاكية من الأسواق العربية مصدراً أول لعائداتها عبر العالم، وتزرع أميركا قواعدها العسكرية عبر البلاد العربية متمتعة بأوسع التسهيلات، ويشتري العرب أغلب ما تنتجه مصانع السلاح الأميركية، وأميركا لا تتردد في الانحياز لكيان الاحتلال تحت عيون العرب الذين يرون المجازر ترتكب بسلاح أميركي وإجازة سياسية أميركية بحق الفلسطينيين، ولا تتردّد أميركا باستخدام قواعدها في الأراضي العربية لحماية الكيان، لكنها تحجم عن تلبية أي نداء لحماية مصالح وأمن أي بلد عربي ولو تعرّض للهجوم بسبب علاقته بأميركا كما حدث مع هجوم أرامكو 2019.
السؤال الحقيقيّ للفاعلين العرب هو هل يريدون استرداد مواقعهم الفاعلة، وقد همّشتهم معارك غزة، ورفعت إلى مرتبة صناعة القرار العربي قوى تنتسب إلى مواقع كانت بالأمس هي الأضعف والأشد فقراً، وهي تمثل أقليات صغيرة مثل حماس في غزة وحزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن، ولو تزامن بيان القمة الختاميّ مع بيان لأبي عبيدة، لكان المواطن العربي في أي بلد عربي، يترك القمة ويلحق بأبي عبيدة.
ثمّة طريق واحد ليكون للقمة طعم ولون ورائحة، وكي يساوي بيان القمة أكثر من قيمة الحبر الذي كتب فيه، وهو الجواب عن سؤال، هل لدى الحكام العرب شجاعة وضع العلاقة بأميركا في كفة ومطالبهم حول غزة وفلسطين في كفة موازية، وتخيير أميركا بين خسارتهم لإرضاء كيان الاحتلال، أو التصرف وفق قانون المصلحة، بتلبية المطالب العربية كي لا تتم خسائر لا يستطيع الكيان تعويضها على أميركا إذا خسرت علاقتها بالعرب؟
التعليق السياسي