قرار المحكمة الدولية إحراج لأميركا والغرب
} وفاء بهاني
ماذا سيفعل الغرب والكيان الصهيوني؟ وضع قرار محكمة العدل الدولية كلًا من الغرب والكيان الصهيوني على حافة الهاوية، فلا حرب بعد اليوم على غزة، ولا ممارسة لانعدام الإنسانية والوحشية، والإطاحة بكلّ القوانين والمواثيق الدولية، لا اعتراض بعد اليوم على عدد الشاحنات، ولا سبيل لمهاجمتها كما سلف من قبل جماعة بن غفير المتطرفة.
هذا القرار الذي صدر عن محكمة العدل الدولية لا مجال لمخالفته، أو الطعن به، أو التراجع عنه، ويرجع الفضل في ذلك لموقف جنوب أفريقيا (أحفاد مانديلا)، حيث إصرارهم على تنفيذ قرار إيقاف الحرب، الذي لم يلتزم به الكيان الصهيوني جعلها تحدّد مدة شهر إذا تخطاها الكيان الصهيوني سيأخذ الأمر مجرى آخر، وهو تقديم ملف الكيان الصهيوني إلى مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع، وذلك من أجل تنفيذ القرار بفرض قوة الأمن الدولية.
استخدام كارت الفيتو من قبل أميركا من أجل الاعتراض على تمرير القرار أمام مجلس الأمن الدولي أمر مستبعد للغاية، وذلك لأنّ هذا القرار سيكون القشة التي قسمت ظهر البعير، فستتجرّد أميركا من ملابس الحرية، والمناداة بالسلام، والعمل من أجل الإنسانية التي تعوي بها ليلاً ونهاراً، ليس فقط أمام العالم بل أمام شعبها الذي تأذى وثار من أجل تدليل أميركا للكيان الصهيوني وتقديم المساعدات له، بدون حسبان، ولذلك هذه الورقة لم تعد متاحة أمام أميركا لاستخدامها.
ولكن لم تنتظر الحكومة الأميركية أن تجد نفسها بين مطرقة الأمن الدولي من وشعبها وأنظار العالم من ناحية وبين تخليها عن الكيان الصهيوني من ناحية أخرى، وبالفعل بدأت تتخذ خطوات فعلية عبر اجتماعات أٌقيمت على الأراضي الفرنسية بين مسؤولين من الكيان، وبين وليم بيرنز رئيس «سي أي آي»، وذلك من أجل اللجوء إلى الوسطاء وتنفيذ خطة تبادل الأسرى وإيقاف الحرب قبل أن يصلوا إلى خيار الأمن.
إنّ الخطوات التي اتخذتها أميركا من أجل حماية كلّ من صورتها أمام العالم، وطفلتها المدللة التي تستحق العقاب الدولي قد ظهرت بشكل سريع وواضح، وذلك عبر مجموعة من اللقاءات التي تناقشت بها عدة وفود حلّ تبادل الأسرى وتوقف الحرب، والتي تتمثل في مسؤولي عدة حكومات عربية مثل قطر ومصر السعودية، وبين الرئيس الفرنسي، ومن هنا نجد ان الساحة الدولية والإقليمية تغيّرت بها مجموعة من العناصر جعلت بالفعل أميركا والكيان الصهيوني يبدون في موقف ضعف، ما عليهم إلا الإسراع.
بداية من تجلد وبأس المقاومة، وإفشالها لكلّ المحاولات التي اتخذها الكيان الصهيوني منذ أحداث السابع من أكتوبر من أجل تحقيق نصر، ولم يجد من المقاومة إلا القوة وردّ الصاع صاعين، وإفشال لكلّ العمليات العسكرية التي يحاول الكيان القيام بها في أرض غزة.
ثم نأتي إلى دور جنوب أفريقيا الذي ساندت ووقفت وتحدّت منذ البداية وسط خضوع من معظم الدول، ذلك الموقف كان له دور أن تتخذ القضية دور محورياً آخر غير السيناريوات التي رسمها الكيان الصهيوني وأميركا، فأمر محكمة الأمن الدولية لم يكن في الحسبان، بل كان بمثابة الصاعقة التي جعلتهم لا يدرون كيف يرتبون أوراقهم.
ليس ذلك فقط بل كشف حقيقة الأكذوبة التي من كثر ما ردّدها الصهاينة باتوا يؤمنون بها، وهي معاداة السامية، وأنّ كلّ القرارات، أو الإجراءات التي تتخذها الدول المساندة لفلسطين يرمونها بهذه التهمة التي بات الجميع يعلم أنها أكذوبة.
الكثير والعديد من التغيّرات التي طرأت على الساحة كان لها دور كبير في تغيير موازين الحرب، وأهمّها هو وعي الشعوب، وعلمها بأنّ الكيان الصهيوني كيام مغتصب، وإزالة رداء البراءة الذي كان يرتديه حتى أصبحت جرائمه مكشوفة، كلّ هذه الأمور تجعل الكيان الصهيوني، وأميركا من خلفه، يركع لأمر إنهاء الحرب وتبادل الأسرى، فلم يعد هناك طريق آخر، فقد وصلنا إلى الحافة…