آخر الكلام
أنطون سعاده ناقداً وأديباً
الياس عشّي
الحلقة السادسة
أنطون سعاده يدعو إلى التجديد في الأدب
1 ـ على مرّ العصور كان ثمّة من يدعو إلى التجديد، ورفض التقوقع في قوالب جاهزة؛ وحتى لا أطيل أكتفي بما قاله “أبو نؤاس” في ذلك:
عاج الشقيُّ على رسمٍ يسائلُه
وعجت أسأل عن خمّارة البلدِ
أو:
قلْ لمن يبكي على رسمٍ درسْ
واقفاً، ما ضرَّ لو كان جلسْ؟
أو:
لتلك أبكي ولا أبكي لمنزلةٍ
كانت تحلّ بها هندٌ وأسماءُ
إنّ روح السخرية واضحة في هذه الأبيات.
*****
2 ـ إنّ الدعوة التي أطلقها سعاده لفتح النوافذ أمام الأدب، كي تتنفس حروفه من رياح التغيير التي تجتاح العالم، وليكون له هُويّة قومية واضحة لم يتنازل عنها سعاده طوال حياته القصيرة التي عاشها. يقول “… إنّ التجديد في الأدب هو مسبّب لا سبب، هو نتيجة حصول التجديد أو التغيير في الفكر والشعور، في الحياة وفي النظرة إلى الحياة. هو نتيجة حصول ثورة روحية مادية، اجتماعية، سياسية، تغيّر حياة شعب بأسره، وأوضاع حياته، وتفتح آفاقاً جديدة للفكر وطرائقه، وللشعور ومناحيه”.
*****
أنطون سعاده شاعراً
كان أنطون سعاده سجيناً عندما ألّف النشيد الرسميّ للحزب السوري القومي الاجتماعي، فاختار مجزوء الرمل، مع مراعاة القواعد العروضية المتعارف عليها، والذي مطلعه:
سورية لكِ السلامْ
سورية أنت الهدى
وسعاده الداعي إلى التجديد، والخروج من طقوسية القوالب الجاهزة، ترك لنا بعضاً من شعر ينتمي إلى القصيدة النثرية حيث نقرأ له في “فاجعة حبٍّ”:
إذا انبثق الفجر وبزغت الغزالة
وفتحتِ عينيك للنورْ
ورأيتِ الأزهارَ تنشقُّ عن أكمامها
وتنشرُ في الفضاء عبَقَ أريجِها
فاذكري زمناً كان لنا ربيعُهْ
في هذا النصّ المقتضب نقع على صور إيحائيّة، وعلى إيقاع داخلي، وهما شرطان أساسان من شروط القصيدة النثرية التي تبنّتها مجلة “شعر” في خمسينيات القرن الماضي، والتي أسّسها يوسف الخال، وكتب فيها أدونيس، ومحمد الماغوط، وغيرهما من شعراء الحداثة.
وغداً: الخاتمة.