آخر الكلام
أنطون سعاده ناقداً وأديباً
الياس عشي
الخاتمة
لو شئت أنّ أعدّد مميّزات سعاده الأدبية والنقدية لما انتهيت، لكنني أرى أن يكون الختام مسكاً، وذلك بالعودة إلى ما جاء في مقالة من مقالات سعاده عن رؤيته المستقبلية لواقع الأدب السوري؛ يقول:
« … إنّ التقليد قد أعمى بصائرهم عن الحقيقة، وإنّي لأعتقد أنه لا بدّ من القيام بجهود جبّارة قبل أن تصبح النهضة الأدبية معبّرة عن حياتنا القومية، ولكني موقن بأنه سيجيء اليوم الذي يتحقق فيه ذلك، وتصير الروحية والعقلية السوريتان الغنيتان بمواهبهما الطبيعية، مَعينين ينهل منهما الأدباء، وأهل الفنون، والعلماء، والفلاسفة الذين يخرجون من صميم الشعب السوري».
ولقد تحقّقت رؤية سعاده، فولدت مجلّة «شعر» على أيدي شعراء قوميين، وما تزال بإبداعاتها، رغم توقفها عن الصدور، تعتبر المرجع الأهمّ في أيّة دراسة تتناول الشعر الحديث.
ألا تستحقّ هذه الرؤية الأًدبية عند سعاده أن نتوقف عندها، فنعقد المؤتمرات، ونكتب كما نفعل عندما نكتب عن عقيدته، وفلسفته، وفكره؟ ألا يستحقّ منّا سعاده طالباً جامعيّاً قوميّاً واحداً يتقدّم بأطروحة حول إبداعات سعاده الأدبية؟
وأخيراً لا بدّ من الإشارة إلى أنّ أنطون سعاده ترك بصمات واضحة على كلّ جيل عاش معه، والأجيال التي جاءت بعد اغتياله، نذكر منهم: صليبا الدويهي، جورج مصروعة، كريم عزقول، علي أحمد سعيد (أدونيس)، كمال خير بك، وليم صعب، خليل حاوي، هشام شرابي، نذير العظمة، غسان تويني، نواف حردان، رشدي معلوف، محمد الماغوط، عبدالله قبرصي، محمد يوسف حمود، فؤاد سليمان، إميل مبارك، محمد شامل، سعيد عقل، توفيق الباشا، زكي ناصيف، عصام العريضي، خالدة السعيد، فايز خضور، غسان مطر، حليم جرداق، أسد الأشقر، عجاج المهتار، دريد لحام… وغيرهم كثيرون.
ويعلّق الدكتور ربيعة أبي فاضل على ذلك قائلاً: «… ولئن رأينا بعض الذين شربوا من بئر هذا الرجل يرمون في البئر الأحجار، ويقلّلون من أهمية الجمرة التي طهّرت أعينهم، وأصابعهم، والمساحات الواسعة أمامهم، فإنّ اعتمادي على النصوص وعلى التاريخ، وعلى الشهادات الحيّة، لا يدع مجالاً للشكّ في أنّ الأدب القومي الملتزم، والغنيّ، والمتنوع الجوانب، ما كان ليكون من دون سعاده الابن حامل رسالة سعاده الأب، رجل التجديد، والتحرر، والعلم، والوطنية، الدكتور خليل سعاده».