أولى

نصرالله والانتخابات الرئاسية وجبهة الاسناد

في كلمته في حفل تأبين العلامة الشيخ علي كوراني تحدّث الأمين العام لحزب الله عن الاتهامات التي يطلقها بعض الأطراف نحو المقاومة بتعطيلها الانتخابات الرئاسية بسبب حساباتها في جبهة القتال جنوباً، فقال إن الانتخابات معطلة أصلاً قبل فتح الجبهة، فكيف تكون الجبهة مسؤولة، وما عطلها لا زال قائماً، سواء الخلافات الداخلية، أو التدخل الخارجي.
المقاومة في تعاملها مع الاستحقاق الرئاسي منذ سنة ونصف وفقاً لثنائية قامت على ركن أول هو ممارسة حقها الطبيعي بدعم مرشح ترى فيه المواصفات المناسبة، وهذا حق دستوري لكل نائب منفرد، فكيف بكتل نيابية وازنة هي الجبهة النيابية الداعمة للمقاومة. والركن الثاني هو الدعوة للحوار طلباً للتوافق في ظل انقسام يملك فيه الطرفان المتقابلان قدرة تعطيل النصاب، وهو حق دستوري آخر يجيزه الدستور أمام النواب والكتل النيابية لضمان مشاركتها في انتخاب الرئيس إذا كانت تمثل نسبة كافية لتعطيل النصاب.
خصوم المقاومة وقعوا في ثلاثة محظورات لم تقم بها المقاومة، الأول أنهم وقد ثبت أنه ليس لديهم مرشح، قد قاربوا الموقف من المرشح الذي دعمته المقاومة بخلفية كيدية وعدائية هي العداء للمقاومة، وليس بخلفية تقييم مدى انطباق المواصفات المطلوبة في شخص الرئيس عليه، وحولوا هذه الكيدية العدائية الى معيار لقبول أو رفض أي مرشح. وهذا هو سبب ربطهم هم للانتخابات الرئاسية بالحرب في الجنوب، لأنهم يقاربون الملفين الرئاسي والجنوبي بخلفية واحدة هي العداء للمقاومة. أما المحظور الثاني الذي ارتكبه خصوم المقاومة وهي لم تفعل، فهو رفضهم للحوار، حتى عندما باتت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري تأخذ طلبهم بمهلة محددة للحوار وربطه بالذهاب الى جلسات انتخاب مفتوحة بلائحة مرشحين إذا تعذر التوافق، بقوا يرفضونه. أما المحظور الثالث فهو أنهم استدرجوا التدخلات الخارجية، خصوصاً بفتح الطريق للدول المناوئة للمقاومة بخلفية حرصها على كيان الاحتلال، واستعداد هذه الدول لاستخدام منصة الخلافات الرئاسية بهدف مساومة المقاومة على خياراتها الاستراتيجية مقابل الاستعداد للبيع والشراء في الملف الرئاسي، لكن المقاومة هي مَن عطّل هذه الفرص التي تمثل انتهاكاً للسيادة وإساءة للرئاسة واستهانة بتضحيات المقاومة بوجه الاحتلال.
إذا فكّر خصوم المقاومة بروح المصلحة الوطنية وقبلوا الحوار والتشاور، وفقاً لمبادرة الرئيس بري غداً، فربما يكون لدينا رئيس جمهورية بعد غد، وتستمرّ جبهة الجنوب بمهامها لإسناد جبهة غزة، وربما تقف حرب غزة غداً، وسوف يكون من المعيب أن نكتشف أن طريق الرئاسة فتحت، ليس لرابط بين الاثنين، بل لأن الخارج الذي عبث بالخلافات الداخلية بنية النيل من المقاومة قد وصل الى اليأس من إضعافها، فيسحب يده ويفتح الطريق لإنجاز الاستحقاق، فنسمع تبدلاً في خطاب بعض الداخل.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى