مدارات هل يحرك دي ميستورا «ريختر» السياسة الدولية؟
فاديا مطر
فيما يقوم المبعوث الدولي إلى سورية ستيفان دي ميستورا بتوجيه الدعوات للحوار الذي سينطلق في جنيف في 4 أيار المقبل، بمشاركة ممثلين عن الحكومة السورية وأطياف المعارضة، إضافة إلى عدد كبير من الدول المؤثرة في الأزمة السورية، أوضح المتحدث باسم الأمم المتحدة أحمد فوزي أن الدعوات لن توجه إلى «داعش» و«النصرة» لتصنيفهم كـ»منظمات أرهابية»، لكن سيكون هناك من هم على صلة بهم. مضيفاً أن المشاورات المنفصلة لممثلي أو سفراء الأطراف المدعوة والخبراء ستستمر ما بين أربعة وستة أسابيع تجري في مبنى الأمم المتحدة في جنبف، فقال دي ميستورا في الدعوة التي وجهها أنه على رغم المبادرات الأخيرة المتعلقة بتجميد القتال في بعض المناطق فأنه لم يتم تحقيق تقدم يذكر باتجاه الحل السياسي، بل كان التفاقم سيد الموقف في أزمة الشعب السوري، إضافة الى المخاطر التي تشكلها هذه الأزمة على المنطقة والعالم، فعتبة الحوار المقبل تم تأسيسها على اللقاءات التشاورية التي جرت في «موسكو- 1 و موسكو- 2»، والتي قال مندوب روسيا في الأمم المتحدة ورئيس وفدها الحكومي المفاوض بشار الجعفري في مؤتمره الصحافي عقب لقاءات «موسكو- 2» في 10 نيسان الجاري أنه أستطعنا الوصول إلى ورقة موحدة عنوانها «تقييم الوضع الراهن لبلدنا» من خلال تقييم خطر الأرهاب وضرورة توحيد الجهود كافة لمحاربته ومؤازرة الجيش العربي السوري، وهي الورقة المتعلقة بالبند الأول فقط ولم يتم التوافق على باقي بنود وثيقة موسكو بسبب أشكاليات سبّبتها المعارضة.
كلام الجعفري جاء بعد موافقة المعارضة التي شاركت في «موسكو-2» على البند الأول، والتي تلقت دعوة حالياً من دي ميستورا لحضور الحوار المفترض عرضه في جنيف في مطلع أيار المقبل، والذي أشار إليه فيتالي نعومكين منسق لقاء «موسكو-2» التشاوري في مؤتمره الصحافي في 10 الجاري بأن «موسكو- 2» يشكل قاعدة للقاءات المقبلة أينما كانت ستنعقد، فجنيف القادم سينعقد في ظل تغيرات دراماتيكية ربما تهز «ريختر» السياسة الدولية والجيواستراتيجية، وسيتم توجيه الدعوة لإيران بالحضور فيه لأنها طرف رئيسي في المنطقة ولها تأثير في سورية كما قال دي ميستورا الجمعة الماضي، مضيفاً انه يملك والأمم المتحدة الحق بذلك. يأتي هذا فيما يتوجه اليوم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والفريق النووي المفاوض إلى نيويورك للمشاركة في مؤتمر إعادة النظر في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، فالتحولات والتغيرات تستبق الإحداث على ضوء ما منها عسكري وسياسي تتقارب أجنداته من تحصيل الورق الميداني الذي سيتم صرفه سياسياً على طاولات التفاوض القادمة، فالدور التركي ليس غائباً عن المشهد السياسي الإقليمي والدولي خصوصاً بعد الدعم اللوجستي والعسكري لـ «جبهة النصرة» الإرهابية في الدخول إلى محافظة أدلب الحدودية ومن بعدها جسر الشغور بمشاركة أستخباراتية سعودية ـ قطرية ليست مختبئة في محاولة للحصول على ورقة ميدانية كبطاقة تدخلها وحلفاءها من البوابة الامامية لـ»جنيف- 3»، ولكن حلفاء أردوغان الجنوبيين يفقدون هذه الورقة تدريجياً بعد سيطرة الجيش العربي السوري على مناطق وتلال استراتيجية في القطاع الجنوبي من خلال عمليات مباغتة في ريف درعا والقنيطرة ودمشق، أفقدت إرهابيهيم من «نصرة» وغيرها العمق الحدودي باتجاه الأردن والجولان المحتل، فيما المعارك مستمرة في تلك الأرياف والتي تدور رحاها على أساور «الإحكام العسكرية السورية» للجيش العربي السوري، فهذه المعارك في أطارها الإستراتيجي أيضاً تحصد أوراق تقدم وسيطرة في المفاوضات، وتُخرج السموم الأردنية «الإسرائيلية» من دماء أي تفاوض مقبل وتنقي المعادلة التكتيكية على الأرض من أي شوائب، لترجح كفة الإمساك بدفة الميدان الجيواستراتيجي الذي يقود خيوط المحادثات السياسية في أي حوار، فهذه الأوراق الردعية هي من تقي سورية من العواصف التي يقودها ملوك الدم والإرهاب في المنطقة والتي أشاروا إلى استخدامها باتجاه الحدود السورية التي لم يستطيعوا تحقيق تقدم عسكري احتلالي من خلالها، الأمر الذي رفضته مصر عبر مسؤول مصري سياسي كبير، وأدرجته برفض التلويح بهكذا ورقة ضد سورية، مؤكدة أن الموقف المصري من الأزمة السورية ثابت ومحدد والحل الوحيد ينطبق على المسار السياسي بحوار وطني بين الحكومة والمعارضة المعتدلة «الوطنية»، وبمواجهة الإرهاب الممول دولياً وإقليمياً وعربياً، وأن الرئيس بشار الأسد يجب أن يكون جزء من الحل، فهل سنرى أهتزازاً لـ»ريختر» السياسة الدولية… كما يهتز «ريختر» الجيواستراتيجيا على الأرض تحت أقدام الجيش العربي السوري؟