مذبحة النصيرات في صحراء مظلمة!
} عمر عبد القادر غندور*
تزامناً مع وصول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الى المنطقة ابتداء من الأسبوع الحالي ثمة أسئلة كثيرة أبرزها كيفية طرح «المشروع الإسرائيلي» بلسان الرئيس الأميركي جو بايدن؟ والارتداد «الإسرائيلي» عليه!
ولأنّ الرئيس الأميركي يعوّل كثيراً على حلفائه العرب من أجل انتزاع تنازلات «حمساوية» ترضي الصهاينة ولا يحصل عليها حتى الآن وسط تخبّط واضح بين نتنياهو ومعارضيه الذين تشاكلت عليهم الأمور فانعدمت ملامح ايّ حلّ يقبلونه في عتمة وقف الحرب واستحقاقات اليوم التالي؟
ولا شك انّ بايدن يواجه ضغطاً كبيراً من داخل حزبه الديمقراطي أكبر من الضغط الذي يواجهه من نتنياهو وحلفائه، في ضوء صور المعاناة الإنسانية التي يواجهها من بقيَ على قيد الحياة في غزة في ظلّ الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين والمناهضة للإجرام الصهيوني في الجامعات الغربية، وأبرزها صور في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية توثق بكاء إمرأة تبكي ابنها المقطع الأشلاء في غزة وتقول إنها أقوى من كلمات لتقنع الآخرين بأنّ الوقت حان لإنهاء هذه الحرب!
وبدوره اقترح المؤرّخ والديبلوماسي «الإسرائيلي» السابق إيلي بارنافي في مقاله لصحيفة «لوموند» على أصدقاء «إسرائيل» التحرك دون تأخير للاعتراف بالدولة الفلسطينية منتقداً الفيتو الأميركي، كما اعتبره خطأ أخلاقياً وديبلوماسياً…
وختم جازماً بأنّ «حق الشعوب في تقرير مصيرها لا يُمنح من العدو».
وفي حين انّ خطة بايدن تحوم حولها الشكوك وقد رفضها اليمين المتطرف في كيان الاحتلال، وهي تتعلق بدور حماس التي تريد «إسرائيل» القضاء عليها قبل وضع خطة لليوم التالي او اي نهج اوسع لقيام دولة فلسطينية.
إذن خطة الرئيس بايدن يشوبها الكثير من المعوقات وتراوح مكانها، بينما الحرب على حالها وأشدّ على غزة وشمال فلسطين!
وترى الأوساط المتابعة ضرورة سقوط نتنياهو وضرورة هرولته الى الأمام منذ ثمانية أشهر وبالتالي مطالبة الرئيس الأميركي بالوقف الفعلي لتزويد «إسرائيل» بالأسلحة، وتقول صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية في افتتاحيتها انّ حكومة «إسرائيل» يجب أن تسقط من أجل بقاء «إسرائيل».
بينما نشرت صحيفة « جيروزواليم بوست» تصريحاً لوزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر المتطرف قبيل زيارته لواشنطن قال فيه ان الجيش سينفذ اجتياح رفح حتى ولو عارض العالم أجمع و فُرضت عزلة دولية على «إسرائيل»!
وفي ضوء هذه المستجدات والمتناقضات يبقى شيء واحد يجب أن يقوله الرئيس بايدن وهو إجبار دولة الاحتلال على الانصياع وليس غيره… فهل يفعل؟
وفي جديد المستجدات في الأيام القليلة الماضية، ما نقلته «سي أن أن» الأميركية، وبشكل واضح، انّ الولايات المتحدة دعمت وشاركت في العملية الاسرائيلية لإطلاق أربع رهائن، وعملت مع القوات الإسرائيلية عندما زوّدتها بشاحنة مواد إنسانية تعمل في الميناء الأميركي العائم في مياه غزة، الى جانب الدعم الاستخباري والمراقبة والاستطلاع! وتقول «نيويورك تايمز» انّ البنتاغون ووكالة المخابرات الأميركية قدّما معلومات من خلال الطائرات بدون طيار العاملة في غزة واعتراض الاتصالات ومصادر اخرى حول الموقع المحتمل للرهائن، وانّ الولايات المتحدة وبريطانيا وفرتا معلومات استخبارية من الجو والفضاء الالكتروني لا تستطيع «إسرائيل» جمعها بمفردها.
ويقول مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ان الولايات المتحدة تدعم كافة الجهود الرامية إلى إطلاق جميع الرهائن المتبقين مع وقف إطلاق النار المطروح على الطاولة.
وبعد ذلك لا يتبقى لـ «اسرائيل» ان تعتقد أنها حققت ما يجعلها تشعر بالانتعاش بعد إطلاق الرهائن الأربع لا بل هي في قعر أزمتها، بدليل المظاهرات الضخمة التي خرجت في الليلة نفسها للمطالبة بوقف إطلاق النار، لأن ما تحقق يجعل حالة الأسرى الـ 120 الآخرين في حالة أكثر خطورة من ذي قبل .
والمعيب في هذا العالم المتحضّر ان يتجاهل المذبحة التي ارتكبها الصهاينة خلال العملية والتي ذهب ضحيتها 274 شهيداً وما فوق الـ 400 جريح معظمهم بحالة حرجة، من دون أيّ حرمة أو اعتبار لكلّ ما يمتّ بصلة إلى عالم الإنسانية!
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي