مقالات وآراء

التهديد «الإسرائيلي» في ميزان الردع العسكري ومأزق نتنياهو

‭}‬ نمر أبي ديب
بلغت التطورات الميدانية على الجبهة الشمالية لدولة فلسطين المحتلة، مرحلة اشتباك عسكري، لا يمكن لكيان الاحتلال «الإسرائيلي»، «التكهُّن بنتائجه الميدانية مسبقاً»، نظراً لقدرات الردع الاستراتيجي التي تملكها اليوم جبهة المقاومة الممتدة من اليمن البحر الأحمر، مروراً بكلّ من سورية والعراق ولبنان وفلسطين، التي أظهرت من خلال «حرب غزة» عاملين: «دموية كيان الاحتلال»، كما قدرته التدميرية، ثانياً هشاشة القدرة الاسرائيلية على الحسم، وتسجيل الضربات العسكرية القاسمة، كما الحاسمة، في هذه المرحلة، وهذا ما يفترض أن تتقدَّم عليه المقاومة بأشواط ضمن أيّ اشتباك عسكري مستقبلي مع لبنان، ما يشكل على مستوى الردع الاستراتيجي العنوان الأول، ضمن الفصل الأول، في كتاب تفوّق المقاومة، على أكثر من مستوى وعامل، في مقدمتها «المفاجآت» التي باتت تشكل عصب الحروب الحديثة، كونها بوابة الانتصارات، كما مفتاح التحوّل الأمني وحتى العسكري، في أي حرب إقليمية أو دولية مقبلة، وتلك مادة ردع أساسية وضعت كيان الاحتلال الاسرائيلي بجميع مكوناته السياسية كما العسكرية والاقتصادية، أسيراً لمعادلات التهويل، المرفق اعلامياً بكثير من التهديد والوعيد، مقابل «صفر إنجاز» على مسرح المواجهات العسكرية المحتملة في المنطقة.
من يقرأ جيداً في أبعاد العمليات الاستثنائية التي قامت بها وما زالت المقاومة اللبنانية مؤخراً، يدرك جيداً حجم الدقة العسكرية، التي باتت تتحرك بها وأيضاً من خلالها وحدات المقاومة على اختلاف شعبها، تحديداً الجوية من خلال سلاح المُسيّرات العادية، وحتى الانقضاضية، وأيضاً من خلال القوة الصاروخية، التي أكدت سابقاً كما اليوم على مركزية الدور، ومفصلية المشاركة.
يدرك أيضاً حجم التضخم السلبي كما الانقسام السياسي الذي بلغه «كيان الاحتلال الاسرائيلي»، والحديث يتناول الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال من موقع المأزق الأمني العسكري حتى السياسي الذي يعيشه اليوم رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو، على جميع الاحتمالات، بما فيها الحرب الفتوحة، وما تمثل على المستوى الميداني من احتمالات التمدد، وتحقيق الترجمة العسكرية لمبدأ تكامل الجبهات، في مرحلة يدرك فيها الجميع المخاطر الوجودية لعامل «الاستفراد العسكري»، ما يؤشر ويؤكد أنّ زمن الاستفراد «الإسرائيلي» بجبهات المقاومة، انتهى إلى غير رجعة، وأن «التكامل»، لم يعد محصوراً بجبهات المنطقة، انطلاقاً من صدام المحاور الذي تخطى بأبعاده الاستراتيجية «صراع الجغرافيا الدولية»، كما أن النتائج المترتبة على «حرب غزة» يضاف إليها «حرب أوكرانيا» على سبيل المثال العسكري لا الحصر، جزء لا يتجزأ من نتيجة «المحور»، بالرغم من الفوارق الكثيرة، والأهداف المختلفة، وهذا يطرح على بساط البحث السياسي كما الأمني والعسكري، متدرجات المأزق «الإسرائيلي» من جهة و»الأريحية الميدانية»، التي ترسل من خلالها المقاومة «رسال صاروخية» تؤكد، أنّ العمق الاسرائيلي في مرمى الحرب المقبلة، وما تعتقد «إسرائيل» اليوم أنه خارج قدرة المقاومة على الاستهداف سقط، ومعه نقاط أكثر من استراتيجية، إصابتها تعني بشكل واضح وصريح نهاية الزمن «الإسرائيلي».
لا شك أن «جنون المأزق»، الذي يحيط برئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو قادر على إدخال «إسرائيل» بما تمثّل في «حرب وجودية مع لبنان»، ضمن مراحل يفتقد فيها كيان الاحتلال بمعزل عن الدعم الأميركي إلى أدنى مقومات الحماية الداخلية، أقله «حماية المستوطنات»، في حين يدرك الجميع، بمن فيهم الولايات المتحدة أن «طوفان الأقصى» صورة مصغرة عن «طوفان الجليل»، وما يمكن أن يزيل في طريقه من قوى حليفة وأنظمة صديقة لكيان الاحتلال الاسرائيلي.
في سياقٍ متصل، يعتبر التهديد «الإسرائيلي» المستمر للبنان «مغالاة عسكرية» لكيان الاحتلال، نتيجة النقص المستمر في العديد، وأيضاً في الذخيرة، بالتالي لا قدرة «إسرائيلية» اليوم على «شن الحروب الكبرى»، أو فرض الحسم العسكري في حرب غزة على أقلّ تقدير، وهنا يجب التوقف ملياً أمام «مأزق الجنون» الذي يسيطر على تفكير وأداء ومواقف رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو، وأيضاً حول حاجته المعلنة لاحداث متغيّرات قضائية، يعيد من خلالها بلورة إطاره الداخلي، بعيداً عن المحاكم، ومفاعيل الإدانة…
ما تقدَّم يشكل حالة استثنائية، قادرة على تمديد أمد الحروب الحالية، وإدخال الكيان «الإسرائيلي» في حرب مدمّرة قد تتخبّط في نتائجها فرضية «التغيير المحتمل في قواعد الاشتباك السياسي والعسكري» لتشمل إعادة صياغة جديدة للمشهد الإقليمي العام، وفق موازين قوى مختلفة، يمكن أن تقود إلى إحداث متغيّرات جذرية في خارطة التوازن الاقليمي، الذي يشمل إضافة لـ «إسرائيل» جميع القوى المنتجة والفاعلة في دول المنطقة، إضافة إلى جميع الأنظمة السياسية والقوى العسكرية الصديقة والحليفة في المحورين.
مما لا شك فيه أن مأزق نتنياهو القضائي، كما الأمني والسياسي، ساهم من حيث محدودية الخيارات، في وضع المنطقة مع جميع مكوناتها السياسية والأمنية كما العسكرية، على أبواب حرب إقليمية كبرى، لا يمكن التكهّن بمساحتها كما بحجمها التدميري وكلفتها البشرية وحتى الاقتصادية، لذا تجدر الإشارة إلى الانتشار الأميركي كما الروسي في المنطقة، وللتوضيح أخذت الإشارة شرعية الإضاءة عليها والطرح من خلال إعلان الولايات المتحدة الأميركية، التزامها المطلق بحماية «إسرائيل» وأيضاً الدفاع عنها، ما قد يضع مجمل القواعد الأميركية البرية والبحرية، على مسار الاشتباك الإقليمي المحتمل، ضمن تطورات عسكرية متسارعة، ينزلق من خلالها الكيان الاسرائيلي إلى الدرك الوجودي الأسفل.
«لمقاومة منتصرة، حقيقة فرضها الواقع وكتبها التاريخ في جميع ومختلف مراحله، بالتالي رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو كما كيان الاحتلال، إلى السجن الحتمي والزوال المحتَّم، وتلك نهاية كلّ محتل، مهما بلغ جبروته وتعاظمت قوّته وطال به الزمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى