أولى

المشروع الأميركي ـ الدولي تعبير عن رغبه أميركية واستجابة لضغوط المعارضة

‭}‬ سعادة مصطفى أرشيد*
خرج بيني غانتس وغابي ايزنكوت من حكومة نتنياهو (حكومة الوحدة)، وذلك بعد عجزهما الكامل عن التأثير على قراراتها، ولكن كان باستطاعة نتنياهو بدخولهما الحكومة القول إن لديه حكومة وحدة وطنية، ولكن دون السماح لأي منهما بأن يمارس دوراً بها فقد بقي اللاعب الوحيد الممسك بتلابيب قراراتها، وهكذا لم يكن لدخول الثنائي غانتس وايزنكوت اي تأثير كما لم يحدث خروجهما اي تأثير، فلا يزال نتنياهو يملك 64 مقعداً في الكنيست وهي أغلبية عالية في مقاييس السياسة (الإسرائيلية) قد تسمح للحكومة بالبقاء حتى عام 2026 ما لم يحصل شيء من خارج الصندوق، لا بل إن فرصها في الثبات والبقاء سوف تتعزز في حال نجاح الجمهوريين في الانتخابات الرئاسية الأميركية في شهر تشرين الثاني القريب.
في هذا السياق جاء وزير الخارجية الأميركي للمنطقة محاولاً تسويق ما أعلنه بايدن في خطابه وتبناه مجلس الأمن فتحوّل من مشروع ذي جذر اسرائيلي الى مشروع أميركي ثم الى مشروع أممي صادر عن مجلس الامن دولي مطالبا الحكومات العربية وخاصة مصر وقطر بالضغط على قيادة المقاومة للقبول بالمشروع، فمصر تستطيع ممارسة ضغطها من خلال ديكتاتورية الجغرافيا وقطر تستطيع الامر نفسه من خلال استضافتها لقيادات حركة حماس واستعدادها لاستقباله قيادات الجهاد الإسلامي في عاصمتها، ويريد بلينكن شد عصب هذه الحكومات التي أصبحت ترى أن استطالة الحرب امر قد اصبح يهدد بقاءها ومشروعيتها.
اما في ما يتعلق بدولة الاحتلال فلم يأت بلينكن ليؤكد دعم بلاده للعدوان، فهذا امر لا يحتاج الى تأكيد وانما جاء لتقديم إغراء للحكومة (الإسرائيلية) بإبداء شيء من المرونة مع الخطة الدولية بخاصة ان هذه المرونة حسب ما يقول الوزير الأميركي ستحقق للحكومة في تل ابيب أمرين… الاول هو الهدوء بالشمال مما يعني عودة الشاردين من نيران المقاومة اللبنانية في الجليل الى اماكن استيطانهم، والثانية في تسريع الاندماج بالنظام الاقليمي وهو الامر الذي يمكن ترجمته بلسان عربي فصيح بالقول تسريع التطبيع السعودي مع دولة الاحتلال.
جاء الرد الاسرائيلي بقبول الخطة الأميركية – الدولية ولكنه ترافق مع اعلان نتنياهو ان حكومته وجيشه ماضيان في تحقيق اهداف الحرب مما افقد القبول أي مضمون، وترافق ذلك مع رفع منسوب القتل في غزة وفي ضرب مواقع في بعلبك وشرق لبنان وتسعير الهجوم على الضفة الغربية خاصة بشمالها.
اما رد المقاومة فقد تسلمه وزير الخارجية القطري وجاء الرد ليقول نعم للمشروع الدولي، ولكن مع تعديلات وملاحظات تشمل خمسة مطالب أولها وقف إطلاق النار الشامل وآخرها تبادل الأسرى، في حين يضع المشروع الدولي قضية الأسرى باعتبارها النقطة الاولى، والأكثر أولوية، وقد ترافق رد المقاومة المكتوب مع نجاحها في غزة بإلحاق خسائر بشرية بالجيش (الاسرائيلي) فيما وصلت مُسيّرات المقاومة اللبنانية الى حيفا وطبرية مصيبة أهدافها بدقة بردود من العيار الثقيل ذاته مع رشقات صاروخية هي الأكثف والأعنف منذ عام 2006.
هذا يعني ان الحرب لا زالت طويلة وقد تمتد لسنوات تتلقى (اسرائيل) خلالها الدعم الدولي غير المسبوق بالسلاح واللوجستيات والسياسة وفي المحافل الدولية مترافقة مع تهافت النظام العربي الرسمي المتحالف معها مما يؤكد صوابية رأي المقاومة وفعلها ومع انها لا تملك مثل هذا الدعم، ولكنها تملك القدرة على التصدي له بإمكانياتها المتواضعة لا بل وهزيمته، بغض النظر عن عدم التكافؤ في موازين القوى اذا تم النظر اليها بالطريقة التقليدية والحسابات العددية.
إنها جاهزية عالية، اذ كلما زاد الوهن العربي الرسمي زادت صلابة هذه الأطر المقاومة (من احزاب ومنظمات) من اليمن الى العراق الى لبنان والتي تقول اننا لسنا في مشروع دعائي ترويجي لبضاعة تجارية، وانما في حالة انخراط ومشاركة كاملة للمقاومة الفلسطينية في غزة والتي نترك لها حرية ان تتخذ القرار الذي يلزمنا.
هكذا تصنع الأخبار التي يهتمّ بها العالم في اليمن وفي لبنان وفي غزة وفي قرية كفر دان غرب جنين وهي تفوق في أهميتها واثرها ما يعقد من مؤتمرات يشارك بها الرؤساء والملوك في المنامة والبحر الميت التي لا تلقى لا القبول و لا الاهتمام.
*سياسي فلسطيني
مقيم في الكفير – جنين – فلسطين المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى