أخيرة

دبوس

أنا أولاً…

ما أطلق عليه إسم التطبيع هو خدعة كبرى، أريدَ من ورائها إعطاء الانطباع بأنّ العلاقات مع الكيان بين دول التطبيع والكيان قد بدأت للتوّ، مع بدء عملية التطبيع، وئيدةً بطيئةً متردّدةً وخاضعةً للحراك السياسي والحلول السلمية…
العلاقات مع الكيان أيها السادة، خاصةً بين الممالك السبعة هي قديمة قِدم سايكس بيكو وبلفور، وهي متينة، قوية، متجذّرة، وجودية، متماهية لدرجة انّ الممالك السبعة ستزول بالحتم مع زوال الكيان، وهي أوجدت قبل ومع ولادة هذا الكيان القميء لتدعم بعضها بعضاً، أماً نكتة التطبيع، والإعلان عن هذه العلاقات فهي للتمويه والمراوغة، ولمحاولة الظهور لكأن العلاقات قد بدأت للتوّ، مع بدء التطبيع، علاقتهم بفلسطين كانت وما زالت، ومنذ مئة عام، هي علاقة تخلٍّ وتنازل في مقابل المحافظة على عروشهم، وعلاقتهم بشعوبهم هي علاقة بطش وقمع وتسلّط، من أجل أيضاً المحافظة على العروش، والبقاء في الحكم ونهب الثروات، وآخر همومهم، النهوض بالشعوب والارتقاء بها الى مصاف الدول الناهضة المتقدمة المكتفية…
حطّوا فلسطين على جنب، ودعونا نمشي معكم في مقولة، مصر أولاً، أو الأردن أولاً، أو لبنان أولاً، ولننظر الى أداء هذه الأنظمة لشعوبها، كيف وصلت أرقام القروض، على سبيل المثال، الى هذه الأرقام الفلكية؟ وهل ساهمت هذه الأموال التي اقترضوها في القضاء على البطالة!
مثلاً في مصر 130% من الناتج المحلي الإجمالي هي الديون المتراكمة على مصر، هل زادت الإنتاجية في الاقتصاد المصري؟ ماذا حدث للبنية التحتية؟ هل زاد معدل الرفاهية أو متوسط دخل الفرد؟ أما الأردن على سبيل مثال آخر، والذي يبلغ الدين العام فيه 95% من الناتج المحلي الإجمالي، هل قلّت البطالة او زادت؟ ماذا عن متوسط دخل الفرد؟ هل ارتفع؟ وماذا حدث للقوة الشرائية؟ هل الأردنيون هم في أحسن حال؟ هل زاد الإنتاج في الأردن؟ هل زادت المصانع؟ هل زاد الفقر أم تناقص؟ وكم أصبحت نسبة الذين هم تحت خط الفقر؟ الشيء الوحيد المؤكد في هاتين الحالتين هما أمران…
الأول: أنّ احداً لا يعرف أين ذهبت أموال هذه القروض والديون.
الثاني: انّ الشعب هو من سيتولّى سداد هذه الديون، ثم ماذا عن التسليح؟
لقد أنفقت دول الأعراب ما يربو على 140 مليار دولار العام الفائت على التسليح، أين يستخدم هذا السلاح؟ وما هي الحروب التي تخوضها أمة الانبطاح والأمن القومي المستباح حتى تنفق كلّ هذه الأموال على التسليح.
سيبكم من فلسطين، ودعونا نرى كيف انّ بلادكم وشعوبكم هي أولاً، هل هي فعلاً بالنسبة لهذه الأنظمة أولاً؟ نقول لهذه الشعوب، ما قاله الرسول الأعظم، والذي لا ينطق عن الهوى، انْ هو إلا وحي يوحى، كيفما تكونوا يولّى عليكم، الفلق هو عملية كيميائية ربّانية، إذ يفلق الله الشيء فيستخلص الخير من هذا الشيء، فيترسّب الشر مركّزاً، مطلقاً، مستطيراً، وينكشف، لقد استخلص الله من جسد هذه الأمة مقاومةً تنضح خيراً ونقاءً وصفاءً وإيثاراً واندفاعاً نحو التضحية وبذل الروح في سبيل الله وذوْداً عن الأوطان والمقدسات، فانكشف العهر العربي فاقعاً بائناً من دون أقنعة وتساقطت أوراق التوت، فتجلّت عوراتهم بدون مواربة وبدون غطاء، فاستعيذوا أيها الناس، من شر ما خلق…

سميح التايه

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى