روسيا وكوريا والشراكة الاستراتيجية
لم ترتكب كوريا الشمالية وهي جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، أي خطأ بحق الاتحاد السوفياتي وجمهورية الصين الشعبية، ولاحقاً بحق روسيا والصين، ما يبرر المشاركة بفرض العزلة الدولية عليها، والانضباط بالكثير من العقوبات التي فرضت عليها، وحصر التعاون معها ضمن الحد الأدنى الذي يمنع سقوطها.
الموقفان الروسي والصيني كانا ترجمة لحسابات ومصالح، وليسا لمبادئ وقيم، وقد انخرط البلدان في معادلات العلاقات بالغرب تحت سقوف الاستعداد لضبط العلاقات مع كوريا الديمقراطية الشعبية، بما لا يتسبّب بإزعاج العلاقات مع الغرب الذي نجح بفرض كوريا الجنوبية دولة وحيدة في المجتمع الدولي تحمل اسم كوريا.
بنت كوريا الديمقراطية لنفسها طريقاً خاصة منحها فرصة التحوّل الى قوة عسكرية مهابة الجانب، وليس البعد النوويّ من قوتها إلا جانباً من جوانب هذه القوة، فهناك نموذج من راجمات الصواريخ يُسمّى بالراجمات الكورية، وهناك تقنيات متقدمة في الصناعات العسكرية تتفوّق فيه كوريا، وتحولت كوريا الى صادع أميركي مع امتلاكها قدرة نووية وصاروخية قادرة على تهديد البر الأميركي، حتى واشنطن، ما اضطر رؤساء أميركيين متعاقبين على دخول المفاوضات معها، وفي كل مرة تجري كوريا تجربة صاروخية جديدة يشعر البيت الأبيض بالقلق.
أثبتت العقوبات الغربية والأميركية خصوصاً ضد روسيا بعد حرب أوكرانيا، وبعد تمويل وتسليح تايوان، أن كل المراعاة الروسية والصينية لما يريده الغرب لا يقابل بالمثل، وأن الغرب بقيادة أميركية يستخدم المراعاة الروسية والصينية لتعزيز عناصر إحكام الطوق على روسيا والصين، ولذلك تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى بيونغ يانغ ولقائه الزعيم الكوري كيم جونغ اون، والإعلان عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية تتيح تقديم كل ما يلزم عند تعرّض أحد البلدين للهجوم، خطوة في الاتجاه الصحيح ويمثل تصحيحاً لمسار خاطئ.
كسر نظام العقوبات المفروضة على كوريا، ومثله نظام العقوبات المفروض على سورية، وعلى إيران، واجب مصلحي وسياسي وأخلاقي على كل من روسيا والصين.
التعليق السياسي