مانشيت

نتنياهو يربط النصر في غزة والردع في لبنان بتلبية طلباته من السلاح الأميركي/ هنية: محور المقاومة عمق استراتيجي من لبنان والعراق وسورية واليمن وإيران/ المقاومة منفتحة لكنها متمسكة بشروطها ومستندة إلى ربط تهدئة الجبهات بجبهتها

‬ كتب المحرّر السياسيّ

رغم استمرار حملة الترويج والتسويق لنظرية الاستعداد لحرب كبرى يشنها جيش الاحتلال على لبنان، بينما هذا الجيش يحصد المزيد من الفشل على جبهتي غزة ولبنان، وهو يواجه أوضاعاً داخلية ولوجستية ومعنوية، تجعل الأمل بفوزه في حربه على الجبهتين أقرب للاستحالة، ومن خلفه حكومة تترنّح وشارع منقسم ورئيس حكومته بنيامين نتنياهو يحذر من خطر حرب أهلية، جاء حديث نتنياهو عن ربط القدرة على تحقيق نصر حاسم في غزة والنجاح بفرض معادلة الردع على جبهة لبنان بالحصول على طلباته من السلاح الأميركي، بما وصفه متابعون لأوضاع الكيان، جدول أعمال زيارة نتنياهو إلى واشنطن وموضوع خطابه أمام الكونغرس، وتمهيد لمضمون بند جديد في حملة الرئيس السابق دونالد ترامب، المرشح المنافس رئاسياً للرئيس الأميركي جو بايدن، بحيث بات لدى نتنياهو نص وخطاب يبرر به تأخر النصر في غزة والحرب على لبنان.
عن مسارات الحرب والمفاوضات، تحدّث رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، خلال استضافته كضيف شرف في منتدى التفكير الاستراتيجي، وقد شرح هنية في مداخلته كيف صنع صمود الشعب في غزة وصبره من جهة وبسالة المقاومة ومهارتها وثبات مجاهديها، من جهة مقابلة، معادلة جعلت التفاوض طريقاً وحيداً لاستعادة الأسرى الذين تحتجزهم المقاومة، بعدما فشلت الحرب في القضاء على المقاومة كما فشلت في استعادة الأسرى. واستخلص أن هذا هو الأساس الذي أفضى لتقديم العرض المصري القطري برعاية أميركية، وهو الأساس الذي جعل المقاومة قادرة على إعلان موافقتها على هذا العرض، مما أربك الجانبين الأميركي والإسرائيلي، وبالرغم من تسبب الرفض الإسرائيلي بإطاحة الفرصة لوقف الحرب وإنجاز التبادل، إلا أن هذا الرفض أظهر المقاومة كطرف حريص على إنهاء النزيف الدموي الذي تسببت به الحملة الحربية الإجرامية التي شنها جيش الاحتلال على الشعب الفلسطيني خلال شهور طويلة دون جدوى، وبقيت خلالها أهدافه عصيّة على التحقيق.
ميّز هنية بين مفردات المقاومة في القول بالموافقة على العرض التفاوضي والنظر بإيجابية نحو كلام الرئيس الأميركي جو بايدن، والترحيب بقرار مجلس الأمن الدولي، حيث النظر بإيجابية، والترحيب تعبير عن فتح الطريق للتفاوض، بينما أبدت المقاومة استعداداً للتوصل الى اتفاق، معتبراً هذا الاستعداد بمثابة التعامل مع النصف المليء بالكوب وقطعاً للطريق على محاولات فرض الحصار على المقاومة وتحميلها مسؤوليّة إطاحة فرص التوصل إلى حل، وتوقف أمام النص الذي وصل إلى المقاومة بعد كلام الرئيس بايدن، وقال إنه الملاحظات الإسرائيلية على العرض الذي قبلته المقاومة، وليس فيه كل الكلام الذي قاله بايدن عن وقف الحرب والانسحاب الكامل من قطاع غزة، لكن المقاومة أبقت موقفها في دائرة الإيجابية وجاء قرار مجلس الأمن يترجم بقوة أكبر مطالبها عن إنهاء الحرب والانسحاب وإعادة الإعمار، وحتى الآن حكومة الكيان لم تقل كلمة واحدة عن قبولها بالقرار ولو كأساس صالح للتفاوض، بحيث لم يعد ممكناً حشر المقاومة في الزاوية، فخرجت المقاومة أقوى سياسياً بمثل ما هي أقوى في الميدان، وشعبها موحّد حولها مقابل تفكك الكيان وتحذير رئيس حكومته من خطر الحرب الأهلية. وقال هنية إن المقاومة في غزة تشعر بأهمية ما مثله لها محور المقاومة، من لبنان الى سورية والعراق واليمن وإيران من عمق استراتيجي، وأهمية ما قدّمه الالتزام الثابت لقوى المقاومة في جبهات الإسناد باعتبار أن التهدئة على كل الجبهات ترتبط بالنجاح في إنهاء العدوان على غزة عبر الاتفاق مع المقاومة فيها، بحيث أصبح التفاوض الوحيد المتاح للتهدئة في كل الجبهات التي تضغط على الكيان وحلفائه وتسبّب لهم الألم والإحراج، مرتبطاً حصراً بالنجاح في التفاوض مع المقاومة في غزة.

وطغت حملات التسويق الدبلوماسية والإعلامية لحرب إسرائيلية واسعة على لبنان، على المشهد الداخلي، وضعتها مصادر معنية في إطار الحرب النفسية على المقاومة وبيئتها وللضغط على الحكومة اللبنانية. ولفتت المصادر لـ»البناء الى «أن احتمال العدوان الإسرائيلي الشامل على لبنان بات مستبعداً الى حدٍ كبير بعد خطاب الردع للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي شكل منظومة من معادلات الرد في البر والجو والبحر، حيث إن القادة الإسرائيليين يفهمون ما كشفه السيد نصرالله من معادلات، والتي تتلخص بأن المقاومة استعدّت للحرب الشاملة ولم تعد تتجنب حصولها وتخشى تداعياتها، بل باتت لديها جرأة بخوضها وثقة بالانتصار فيها».
وحذر رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو المسؤولين الأميركيين من أن إعاقة إرسال الأسلحة لـ»إسرائيل» سيقود إلى وضع يقرب الحرب مع «حزب الله». وأشارت صحيفة «إسرائيل هيوم» إلى أن التحذير الخطير الذي أطلقه رئيس الوزراء جاء في محادثات مغلقة مع كبار مسؤولي الإدارة بشأن حرب محتملة في لبنان، لكن رئيس الوزراء وفق الصحيفة حذر أيضاً صراحة في المحادثات مع الأميركيين من أن التأخير في الأسلحة لن يؤدي إلا إلى تقريب الحرب الشاملة مع حزب الله».
وعلمت «البناء» أن مسؤولين أوروبيين رفيعي المستوى أجروا سلسلة اتصالات بمسؤولين لبنانيين لاحتواء أي تصعيد يؤدي الى انفجار الوضع الأمني على الحدود، كما أجرى مسؤولون أميركيون اتصالات بمسؤولين إسرائيليين للغاية نفسها. ولفتت أوساط دبلوماسية لـ»البناء» الى أن انفجار الوضع ليس من مصلحة أحد سوى حكومة بنيامين نتنياهو الذي من مصلحته أخذ المنطقة الى الحرب لخلط الأوراق و»تكبير الحجر» لتقليص حجم التداعيات على الكيان الإسرائيلي وقد تشكل طوق نجاة له في ظل المأزق الاستراتيجي الذي حبس نفسه فيه.
وفي سياق ذلك، تحدّث مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، مع وزير الخارجيّة أنتوني بلينكن، أمس (أمس الأول) في واشنطن. وخلال اللقاء، شدّد بلينكن على «أهمية تجنُّب تصعيد جديد في لبنان من خلال حلّ ديبلوماسي يسمح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية التي نزحت بسبب تبادل إطلاق النار على الحدود، بالعودة إلى ديارها».
بدورهأ، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية، أن «وزير الخارجية ديفيد كاميرون تحدّث مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ليعرب عن قلقه بشأن تصعيد التوترات مع «إسرائيل» وزيادة احتمالات الخطأ بالحساب».
وأكد كاميرون، بوضوح على أن «اتساع رقعة الصراع ليس في مصلحة أحد»، مشدداً على أن «بريطانيا تريد أن تشهد حلاً سلمياً عن طريق التفاوض على تسوية».
وكان قد تلقّى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اتصالًا من وزير الخارجيّة البريطانيّة، جرى خلاله البحث في العلاقات بين البلدين والوضع في لبنان والمنطقة.
وأعلن وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، «أننا نعمل مع شركائنا على خفض التصعيد في جنوب لبنان، وهذا سبب آخر لوقف الحرب في غزة»، وقال ألباريس في تصريح اليوم: «حذّرنا مراراً من التصعيد عند الحدود اللبنانية – الإسرائيلية»، مشدداً على أنه «لا يمكن السماح باتساع دائرة العنف في الشرق الأوسط».
بدوره، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي عن القلق البالغ جراء التصعيد العسكري في لبنان.
وأكدت الحكومة القبرصية بأنها تُعتبر مزوداً موثوقاً بالاستقرار ومركزاً إقليمياً معترفاً به في العمليات الإنسانية، مع الحفاظ على علاقات متميزة مع الدول المجاورة كافة. وركزت في بيان على أن قبرص تسعى دائماً إلى تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين من خلال الحوار والوساطة الدبلوماسية، ملتزمة بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وأبرز البيان العلاقات المتميزة بين قبرص ولبنان، مشيراً إلى زيارات عدة لمسؤولين قبرصيين لبيروت وتقديم حزمة مساعدات مالية من الاتحاد الأوروبي لدعم استقرار لبنان.
وفيما سجلت حملة سياسية وإعلامية محلية وعربية وغربية ضد حزب الله وحول استعداد «إسرائيل» لعدوان على لبنان لبثّ الرعب في نفوس اللبنانيين وفي بيئة المقاومة تحديداً، وضرب الموسم السياحيّ، سجّلت حركة مطار بيروت الدولي ارتفاعًا في عدد الرّكاب خلال شهر حزيران الحالي، إذ وصل عدد الوافدين إلى المطار حتّى يوم عيد الأضحى المبارك إلى ما يوازي 17023 وافدًا، بزيادة نسبتها 124% مقارنةً بعدد الوافدين المسجَّل في التّاريخ عينه من شهر أيّار الماضي، إذ بلغ عدد الوافدين إلى لبنان 7577 وافدًا. ويؤكّد معنيّون أنّ هذا الرّقم جيّد جدًّا، إذ أنّ شهر حزيران لا يُعتبر من أشهر الذّروة بالنّسبة لحركة المسافرين.
على الصعيد الميداني، واصلت المقاومة دك مواقع قوات الجيش الإسرائيلي وحصونه، وشنّت المقاومة هجومًا جويًا بسرب من ‏المسيرات ‏الانقضاضية على موقع رأس الناقورة البحري مستهدفة أماكن تموضع واستقرار ضباط وجنود العدو ‏وأصابت ‏أهدافها بدقة، وأوقعت فيهم إصابات مؤكدة ودمّرت جزءًا من الموقع. ‏كما استهدفت موقع «رويسة القرن» في مزارع شبعا ‏اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابة مباشرة، وموقع «الرمثا» في تلال كفرشوبا اللبنانية ‏المحتلة بالأسلحة الصاروخية وأصابته إصابة مباشرة. وموقع «السماقة» في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية ‏وأصابته إصابة مباشرة. كما استهدفت المقاومة ‏موقع «زبدين» في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة الصاروخية ‏وأصابته إصابة مباشرة. وشنّ مجاهدو المقاومة ‏الإسلامية هجومًا جويًا بمسيّرة انقضاضيّة استهدفت مربض مدفعية العدو ‏في الزاعورة وأصابت هدفها بدقة.
الى ذلك، ترأس بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك جلسة السينودوس الختامية بعد خمسة أيام على التئام السينودوس في مركز لقاء الربوة. ودعوا في بيان المسؤولين إلى «يقظة ضمير والمبادرة الى انتخاب رئيس جمهوريّة بأسرع وقت». ولفتوا إلى «خطورة الحصار الاقتصاديّ المفروض تعسّفًا على سورية، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشيّة ودفع الكثير من السوريّين إلى الهجرة بحثًا عن فرص أفضل».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى