بوريل: نتنياهو يرفض مبادرة بايدن… وبراون: لا نستطيع المساعدة بوجه حزب الله برّي: طالبت هوكشتاين بتوازن الانسحاب عن الحدود… و«أمل» في الطليعة للمواجهة حمية فتح مستودعات المطار للدبلوماسيين والإعلام… ونحو الادعاء على «التلغراف»
} كتب المحرّر السياسيّ
على خلفية المعركة التي فتحها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بذريعة المطالبة بدعم تسليحي غير مشروط، تمهيداً للتموضع بعد خطابه أمام الكونغرس الشهر المقبل في الحملة الانتخابية للرئيس السابق دونالد ترامب، تحت شعار رئيس يدعم الكيان بلا شروط، قام نتنياهو بالخطوة الثانية التي كان يؤجلها منذ أسابيع، وهي المجاهرة برفض مبادرة بايدن التي صمّمت أميركياً لخدمة الكيان ونتنياهو شخصياً، كي يتم تحميل حركة حماس مسؤولية رفضها، او إجبارها على قبولها والموافقة على صفقة ليس فيها إعلان نهاية الحرب ولا الانسحاب الكامل للاحتلال من قطاع غزة، قالها نتنياهو بوضوح إنه لا يقبل صفقة شاملة ومستعد فقط لصفقة جزئية تعيد بعض الأسرى ويعود بعدها للحرب، وهو ما لاحظه مفوّض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي الذي قال إن كلام نتنياهو لا يحتمل تأويلاً لجهة رفض مبادرة الرئيس الأميركي التي ساندها الاتحاد الأوروبي، باعتبارها مقترحاً إسرائيلياً.
بالتوازي كان كلام رئيس الأركان في الجيوش الأميركية الجنرال تشارلز براون، حول فرضية حرب بين المقاومة وجيش الاحتلال على حدود لبنان، يتفاعل في لبنان والكيان والأوساط السياسية والعسكرية والإعلامية المتابعة، حيث قال براون إن قدرة الولايات المتحدة على الدفاع عن «إسرائيل» من هجمات «حزب الله» قد تكون «محدودة»، أكثر من قدرتها على المساعدة في اعتراض الهجوم الصاروخي والطائرات المسيّرة الذي شنته إيران على «إسرائيل» في أبريل، وقال براون: «من وجهة نظرنا، واستناداً إلى مكان وجود قواتنا، وقصر المدى بين لبنان و»إسرائيل»، فمن الصعب علينا أن نكون قادرين على دعمهم بالطريقة نفسها التي فعلناها في أبريل».
في لبنان، كان التقرير المفبرك الذي نشرته صحيفة التلغراف البريطانية محور الزيارة التي نظمها وزير الأشغال والنقل علي حمية للسفراء والمؤسسات الإعلامية لمستودعات مطار بيروت، رداً على ما تضمنه التقرير الذي دسّ اسم المنظمة العالمية للطيران المدني (آياتا) زوراً، ما استدعى منها النفي والاستنكار، وطعن بكل صدقية التقرير المهنية، ما يؤكد أنه عمل استخباري للتأثير على صورة المقاومة داخل لبنان رداً على حجم التأييد الذي تحظى به في لحظة يبدو الكيان كما قال رئيس حكومته أمام خطر حرب أهلية، ولإضعاف نجاح موسم الاصطياف والسياحة، حيث الحجوزات في الفنادق تبشر بموسم واعد، بينما أصيبت كل المرافق السياحية في الكيان بالشلل.
وعلى وقع التهديدات الإسرائيلية والغربية بشن عدوان إسرائيلي شامل على لبنان، تصدّر تقرير صحيفة «التلغراف» البريطانية في شأن تخزين حزب الله السلاح في مطار بيروت المشهد الداخلي وشغل الوسطين السياسي والدبلوماسي، حيث كذبت الحكومة اللبنانية ممثلة بوزير الأشغال العامة والنقل علي حمية المزاعم التي ساقتها الصحيفة، وبالتالي أحبطت أهداف التقرير، وأكدت بأن المطار خالٍ من أي أسلحة وصواريخ إيرانية وغير إيرانية من خلال جولة إعلامية ووزارية ودبلوماسية نظمها وزير الأشغال في المطار.
ولفتت أوساط معنية لـ»البناء» إلى أن «الهدف من نشر التقرير إثارة البلبلة والخوف لدى اللبنانيين في ظل الإقبال الكبير الذي شهده مطار بيروت من قبل المغتربين والسياح مع حلول موسم الصيف والاصطياف، ولذلك كان الهدف محاولة ضرب موسم السياحة وإرهاب السياح والمغتربين لعدم السفر الى لبنان، وبالتالي استهداف موسم الاصطياف، اضافة الى ضرب أهم مرفق حيوي في لبنان وهو المطار كرافد مالي بالعملات الصعبة للاقتصاد اللبناني، ويُعدّ مؤشراً للاستقرار في كامل الأراضي اللبنانية رغم الحرب الدائرة في القرى الجنوبية الأمامية، بعكس الوضع على الضفة المقابلة في كيان الاحتلال حيث شمال فلسطين المحتلة بحالة شبه شلل وهجرة مئات الآلاف وتعطيل قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة». كما لفتت الأوساط الى أن العدو يحاول اتخاذ من هذه الإدعاءات ذريعة لشن عدوان واسع على لبنان. فيما وضعت مصادر رسمية عبر «البناء» هذه الادعاءات في إطار الحرب النفسية والضغط على الحكومة اللبنانية لإجبار حزب الله على وقف العمليات العسكرية على كيان الاحتلال وتهدئة الجبهة لكي تتمكن الحكومة الإسرائيلية من استعادة الأمن للشمال وإعادة المستوطنين اليها. وأوضح خبراء عسكريون لـ»البناء» أن «الحديث عن تهريب وتخزين حزب الله أسلحة وصواريخ في المطار أمر مثير للسخرية، فالمطار ليس مكاناً آمناً لتخزين أو نقل السلاح الى مكان آخر، لوجود عدة أجهزة أمنية لبنانية وشركات تجارية وسياحية، إضافة الى أنه ليس مكاناً عملياً من الناحية اللوجستية، علماً أن حزب الله لديه الكثير من الطرق البرية لنقل الأسلحة عبر المدى الجغرافيّ المتصل مع سورية والعراق وإيران ولديه أيضاً مصانع لتصنيع الأسلحة وسلاسل من الجبال الممتدة من الجنوب حتى البقاع إلى الداخل السوري، وبالتالي لا يحتاج لا المطار ولا المرفأ».
وجال وفد من الوزراء والسفراء المعتمدين في لبنان داخل مطار بيروت تلبية لدعوة الوزير حميّة، ردًا على الادعاءات الكاذبة التي وردت في صحيفة «تليغراف» البريطانية، وسط حضور إعلامي كثيف محلي وعربي ودولي.
وكان في الجولة الوزراء في حكومة تصريف الأعمال الإعلام زياد المكاري، والخارجية والمغتربين عبد الله بوحبيب، والسياحة وليد نصار، وسفراء: الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، مصر، الهند، باكستان، الصين، اليابان، كوريا، كوبا، رومانيا، البرازيل، كازاخستان، الأردن، إسبانيا، الجزائر ونيجيريا.
وتفقّد السفراء أقسام المطار برفقة حميّة والوزراء والمدير العام للطيران المدني فادي الحسن، وقائد جهاز أمن المطار العميد فادي الكفوري، وقادة الأجهزة الأمنية والإدارية العاملة في المطار. واستهلت الجولة الميدانية من مستودعات الشحن في المطار وهنغار استيراد البضائع، بعدها انتقل المشاركون إلى مركز الشحن الجويّ، لتختتم الجولة بتفقّد سور المطار.
وأكد وزير الأشغال أنَّ «مطار بيروت يخضع لكافة المعايير الدوليّة»، وأضاف: «لقد تمّ إطلاع السّفراء الذين زاروا المطار على آلية العمل المُعتمدة هناك. خصوصًا على صعيد عمليات النقل والتصدير الملتزمة بكافة المعايير الدوليّة. كذلك، زار السفراء سور المطار للاطلاع على كافة الإجراءات الأمنية المُتخذة هناك». وأضاف: بحثنا مع رئاسة الحكومة في الإجراءات القانونية اللازمة التي سنتخذها بحقّ «التلغراف» لما شكّلته من ضرب معنويّ ليس فقط للمطار بل لكل لبنان واللبنانيين. أضاف «لن نكتفي بجولة اليوم ونحن جاهزون لزيارات ميدانيّة لكلّ سفير في المطار». وأكد «إننا انتقلنا من الخروقات الجويّة إلى حرب نفسيّة عبر مقالات مكتوبة سخيفة». وأجاب ردًّا على سؤال عمّا إذا كان مقال «التلغراف» مقدّمة لعمل ما قد يحصل: لا أعلم بالغيب.
بدوره شدّد بو حبيب على أن المطار آمن وان هذه الشائعات تندرج ضمن محاولات «إسرائيل» لتبرير اعتداءاتها على لبنان، في حين اعتبر المكاري أن «المطار مرفق عام يعني جميع اللبنانيين وهو صورة لبنان ونحن على أبواب صيف واعد للاغتراب لذلك فإن نيات مقال «التلغراف» واضحة جداً». وأكد أن «لا يُمكن أن يُخزّن حزب الله صواريخ في مكان يدخل إليه سفراء العالم فهناك سخافة واضحة في المقال، ولكن نخشى أن يؤثّر الأمر سلباً على الموسم وعلى حياة اللبنانيين وأعتقد أنّ كلّ هذا في سياق الحرب النفسيّة».
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اجتمع مع الوزير حمية الذي قال بعد الاجتماع: «ناقشنا موضوع الإجراءات القانونية التي من المؤكد أن الدولة اللبنانية ستتخذها بحقها، لأن هذا الموضوع يعتبر ضمن إطار الحرب النفسية على لبنان وتشويه سمعته وسمعة المطار، الذي يعتبر المرفق الجوي الوحيد في لبنان».
في غضون ذلك، تواصلت الحملة الإعلامية الإسرائيلية – الغربية – العربية لتهديد لبنان بحرب إسرائيلية شاملة على لبنان، ويجري رسم سيناريوات وتحديد مهل ومواقيت لها، إلا أنه وفق خبراء عسكريين فإن هذه التهديدات تندرج ضمن الحرب النفسية ضد لبنان، لا سيما أن «إسرائيل» لا تستطيع في ظل وضعها الحالي على المستويات العسكرية والسياسية وجبهتها الداخلية والحالة الدولية، خوض جبهة جديدة في ظل الإخفاقات في غزة ورفح»، كما أشار الخبراء لـ»البناء» الى أن خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بلغ أعلى درجات الردع وبالتأكيد سيعدّ أركان الحرب ومركز القرار في «إسرائيل» للألف قبل الدخول بحرب شاملة مع حزب الله الذي أعد مفاجآت كثيرة وكبيرة ستغير مسار الحرب وتحقق انتصاراً كبيراً سيلاقي الإنجازات التي تحققها المقاومة الفلسطينية».
وعلمت «البناء» أن الأميركيين والأوروبيين يبذلون جهوداً دبلوماسية مكثفة مع لبنان والمسؤولين في «إسرائيل» لاحتواء التصعيد ومنع انزلاق الوضع الى حرب شاملة. كما سيزور عدد من المسؤولين الأوروبيين لبنان لهذه الغاية، أبرزهم وزيرة الخارجية الألمانية.
ومساء أمس، أعلن البنتاغون بأن «جهودنا تنصب على التوصل لحل دبلوماسي للتوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية». ولفت البنتاغون الى أن حاملة الطائرات «آيزنهاور» ستظل في شرق المتوسط لفترة وجيزة قبل عودتها إلى الولايات المتحدة، ولفت الى اننا نركز على الحيلولة دون توسّع الصراع في المنطقة.
بدوره، أشار مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الى «دعم جهود فرنسا وأميركا لتفادي نشوب حرب بين «إسرائيل» وحزب الله»، موكداً أن «الاتحاد الأوروبي يتوصل لاتفاق بشأن مزيد من العقوبات على حماس ومستوطنين».
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة في الجيش الأميركي تشارلز براون قال إن الولايات المتحدة على الأرجح لن تستطيع ان تساعد «إسرائيل» في الدفاع عن نفسها بالشكل الذي فعلت عندما نفّذت إيران الهجوم عليها بواسطة الصواريخ والمسيرات في نيسان الماضي.
وخلال دردشة مع الصحافيين في طريقه إلى دولة «بوتسوانا» للمشاركة في لقاء وزراء الدفاع الأفارقة، صرّح براون بأن التصدي لقذائف حزب الله القصيرة المدى سيكون أكثر صعوبة، وأضاف «الولايات المتحدة تواصل الحديث مع المسؤولين «الإسرائيليين» وتحذيرهم من توسيع النزاع»، وشدّد على أهمية النظر في تداعيات أيّة عملية تطال لبنان، وكيف قد تؤثّر ليس على المنطقة فحسب، بل على القوات الاميركية الموجودة في المنطقة أيضًا». وحذّر براون من أن الاجتياح «الإسرائيلي» للبنان قد يضع القوات الاميركية في المنطقة في خطر.
وقالت وسائل إعلام أميركية إن هذه التصريحات تعكس ضغوط إدارة بايدن على الحكومة الإسرائيلية لعدم التحرك ضد حزب الله مع تزايد حدة التوتر.
وكرّرت مصادر في فريق المقاومة كلام السيد نصرالله الذي أكد بأنه إذا شن العدو عدواناً شاملاً على لبنان فإن المقاومة ستقاتل بلا ضوابط وأسقف، موضحة لـ«البناء» أن المقاومة لا تريد الحرب ولن تذهب اليها مبتدئة ولن تمنح الذريعة للعدو لكي يوسّع عدوانه على لبنان للخروج من مأزقه، لكن بحال ارتكب العدو حماقة فإن المقاومة ستذهب الى الحرب المفتوحة حتى النهاية وباتت مستعدة لها ومجهزة لأسوأ السيناريوات وستمنع العدو من تحقيق أهداف عدوانه ولن تسمح له بتحقيق نصر ولو وهمي يغطي على فشله الكبير والتاريخي في غزة. بل سيتكبد هزيمة جديدة تعمق مأزقه الاستراتيجي.
وشدّدت المصادر على أن العدوان الشامل على لبنان سيُشعل كل الجبهات وسيصبح كل الكيان الإسرائيلي في مرمى الصواريخ والمسيرات، إضافة الى القواعد العسكرية والمصالح الأميركية في المنطقة.
وأكد قائد القوات البرية في الجيش الإيراني كيومرث حيدري، أن «محور المقاومة لن يبقى صامتاً أمام أي هجوم إسرائيلي على حزب الله ولبنان».
وفي وقت سابق، ذكرت شبكة «سي أن أن» في تقرير لها نشرته، أن الولايات المتحدة قدمت ضمانات لإسرائيل بالوقوف إلى جانبها في حال اندلاع حرب شاملة مع حزب الله.
بدوره، أكد رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد في الحفل التأبيني الذي أقامه حزب الله في بلدة عدشيت الجنوبية لعنصره جهاد أحمد حايك، أننا «سنبقى نتصدّى لهذا العدو حتى نهزم مشروعه ونمنعه من تحقيق أيٍ من أهدافه». وشدد رعد على أن «رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو مصيره واستمراره في السلطة مرهون بمواصلة عدوانه في غزة والذين يبحثون عن طريقة لوقف العدوان يأتون إلى لبنان، ولبنان لم تكن الحرب فيه إلا تضامناً ومساندة للمظلومين في غزة وعليه ليوقف العدو الصهيوني عدوانه على غزة ولا داعي للبحث مع اللبنانيين».
وأوضح أن «من أراد أن يوقف الحرب، فعليه أن يبدأ بالضغط على الإسرائيلي لوقف عدوانه في غزة والانسحاب منها»، مضيفاً «الإسرائيلي فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافه وهو الآن مأزوم على المستوى السياسي ومنقسم على نفسه وحكومته مفككة واتجاهاته السياسية متناكفة وهناك تظاهرات تطالب باستقالة رئيس الحكومة وبتغيير الحكومة كذلك حصلت استقالات داخل الجيش الإسرائيلي». وقال: «لأهلنا من اللبنانيين الذين ربما لا يوافقون على طريقة التصدي للعدو الإسرائيلي لكن الحل ليس بأن نستسلم لإرادة العدو الإسرائيلي بل بتحقيق مزيد من التماسك الوطني حتى يعرف العدو أننا على قلب رجل واحد في التصدّي له».
على صعيد آخر، وغداة تطويق ذيول التوتر بين لبنان وقبرص بتأكيد الحكومة القبرصية بأنها لن تسمح بأن تكون أراضيها مصدر تهديد للبنان، برز تصريح وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، الذي حاول صبّ الزيت على النار وتحريض قبرص على لبنان، وأشار الى أن «من غير المقبول أن يطلق حزب الله تهديدات ضد قبرص الدولة ذات السيادة في الاتحاد الأوروبي». كما قال إن «الاتحاد الأوروبي يتضامن مع قبرص ضد تهديدات المنظمات الإرهابية».