أولى

هوكشتاين لنتنياهو: هل حضرتَ «المنار»؟

أحمد بهجة‬‬

يتخبّط كيان العدو بين هبّة باردة وهبّة ساخنة، لا يعرف مسؤولوه على مختلف المستويات ماذا يفعلون لردّ الضربات النازلة على رؤوسهم من كلّ الاتجاهات، والضرب على الرأس إنْ لم يكن قاتلاً فهو على الأقلّ يُخِلّ بالتوازن ويجعل مَن يتلقاه يسقط أرضاً إيذاناً بهزيمته المدوية…
لم يمرّ يوم واحد منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلا وصدر في الكيان المؤقت موقف أو أكثر يحمل تهديداً للبنان، ولو أنّ أحداً ما تولى مهمة إحصاء هذه التهديدات لوجد أنّ عددها بالمئات وأنها هي نفسها تتكرّر وتُستعاد يومياً حتى باتت موضع سخرية واستهزاء من اللبنانيين، وموضع تذمّر وإحباط عند «الإسرائيليين»…
ولعلّ أكثر مَن أطلق التهديد والوعيد هو وزير حرب العدو يوآف غالانت الذي وصل به الأمر إلى حدّ أنّ حكومته منعته في فترة ما من الإدلاء بتصريحات بشأن لبنان، إلى أن ذهب في زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة حيث وضع له الأميركيون بعض الماء في كأسه وطلبوا منه أن يهدأ قليلاً لأنّ تهديداته فارغة من أيّ مضمون ولا يستطيع الكيان تنفيذها على الإطلاق، وحين طرح موضوع المستوطنين المهجّرين من شمال فلسطين المحتلة كان الجواب أنّ الأفضل هو التوصل إلى تسوية لأنّ التصعيد قد يزيد أعداد المهجّرين أضعافاً مضاعفة ويعقّد المشكلة بدلاً من أن يحلّها.
وها انّ غالانت بعد عودته من واشنطن نسيَ تماماً مسألة التهديد والوعيد وما عاد يتحدث إلا بالتسوية والتهدئة من أجل عودة المستوطنين المهجرين قبل بدء الموسم الدراسي.
وهذا له أسبابه طبعاً، وهي أسباب غير خافية على أحد، حيث تابع الجميع وقائع زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين الذي وصل إلى لبنان في 18 حزيران الفائت آتياً من تل أبيب حاملاً التهديدات المعتادة بيد وباليد الأخرى العرض القديم الجديد بتهدئة جبهة الجنوب اللبناني مقابل بعض الترتيبات الأمنية التي لم يوافق عليها لبنان في زيارات سابقة، وردّ كما دائماً بأنّ التهدئة على جبهة الجنوب مرتبطة بشكل حاسم بوقف العدوان على غزة. لكن هوكشتاين انطلق في محاولته الجديدة على قاعدة أنّ عدم نجاح هذه المحاولة لا يشكل خسارة سواء للأميركيين أو لـ «الإسرائيليين».
وقبيل اللقاء المقرّر للموفد الأميركي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة أخرجت المقاومة من الجعبة المليئة بالمفاجآت «الحصاد الوفير» الذي عاد به الهدهد من رحلته المريحة والشيّقة في سماء فلسطين المحتلة، الأمر الذي انتزع المبادرة من يد هوكشتاين ولم يعد بمقدوره استخدام ورقة التهديد والوعيد، وحين طرح مسألة تراجع حزب الله 8 كلم عن الحدود لتهدئة الأوضاع في مناطق ما كان يُعرف بالشريط الحدودي أو منطقة جنوب الليطاني، أتت «ضربة المعلّم» من الرئيس بري بالتناغم مع الإنجازات الميدانية، فأكد أنّ لبنان لا يزال متمسكاً يالقرار 1701 على أن يوقف العدو الإسرائيلي خروقاته المستمرة منذ العام 2006، طارحاً في المقابل أن يتراجع جيش العدو عن الحدود مسافة 8 كلم أيضاً».
خرج هوكشتاين من عين التينة مُثقَلاً بما سمعه من وقائع وما تأكد بأنه ثوابت غير قابلة للنقاش والتفاوض، وما شاهده من حيثيات «الهدهد» وغيره برهنت له أنّ لغة التهديد لن تفيده بأيّ شيء، لأنّ لبنان اليوم بمقاومته الشجاعة والقوية وصلابة موقفه السياسي الوطني (رغم بعض أصوات النشاز) هو القادر على ردّ التهديد بمثله بل بفعل أشدّ إيلاماً وتأثيراً…
عاد هوكشتاين إلى حيث أتى… إلى «تل أبيب» حيث كان نتنياهو بانتظاره لمعرفة نتيجة زيارته للبنان، طبعاً نحن لا نعرف تفاصيل ما دار في ذلك اللقاء، لكن بالإمكان كما يبدو لنا اختصار الأمر بجملة واحدة ومُعبّرة جداً عن واقع الحال، حيث يكفي أن يسأل هوكشتناين نتنياهو إذا كان قد شاهد ما قناة «المنار» وما تعرضه من إنجازات للمقاومة وعمالقتها وخاصة ما حمله «الهدهد» و «لمن يهمّه الأمر»…؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى