وقفة العز التي اختصرت معاني الحياة
في الثامن من تموز اختصر سعاده الحياة كلها بوقفة العز فقط وختم رسالته إلى أمته بدمه ورد الوديعة الأثمن والأعز ليقدم نموذجاً حياً على أن الشهادة للحق حياة
عماد عثمان – اللاذقية
صبيحة الثامن من تموز عام 1949 وبوقفة عز اختصرت معاني الحياة، افتدى سعاده أمته وعبّد بدمه الزكي الطاهر طريق مبادئه القومية الاجتماعية، فكانت ملحمة الاستشهاد وكانت إرادة الأمة التي لا تقهر. هوى جسد المعلم كما النسر يهوي من عليائه أما نفسه فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود، وعياً والتزاماً وصراعاً وقدوةً وموتاً هو طريق إلى حياة فيها كل الحق والخير والجمال.
لقد استهدفت المؤامرة سعاده لأنه القائد القومي المميز للحركة القومية الأكثر هجوميّة والأكثر خطراً على المشروع اليهودي والذي وعى أهمية الثورة وضروراتها كإحدى تعبيرات الخطة القومية المعاكسة لهذا المشروع، وهو القائل رداً على خطاب بن غوريون في الأول من حزيران عام 1949 ( نحن مستمرّون في خطتنا، إن الدولة اليهودية تخرّج اليوم ضباطاً عسكريين وإن الدولة السورية القومية الاجتماعية التي أعلنتها عام 1935 تخرّج هي بدورها ضباطاً عسكريين ومتى ابتدأت جيوش الدولة الجديدة الغريبة تتحرّك بغية تحقيق مطامعها للاستيلاء على بقية أرض الآباء والأجداد، ابتدأت جيوشنا تتحرّك لتطهير أرض الآباء والأجداد وميراث الأبناء والأحفاد من نجاسة تلك الدولة الغريبة. وهذا ليس آخر جواب نعطيه لأن الجواب الأخير سيكون في ساحة الحرب متى قرّرت القيادة القوميّة إعلان الحرب).
أما رجل المخابرات الأميركية مايلز كوبلاند فقد كشف في كتابه “لعبة الأمم” الصادر عام 1974 عن علاقة حسني الزعيم بالمخابرات الأميركية والتي هندست له الانقلاب وجيء به رئيساً للشام من أجل ثلاثة أهداف رئيسية:
الأول: التوقيع على هدنة مع الكيان اليهوديّ وفعلها حسني الزعيم.
الثاني: التوقيع على اتفاقية التابلاين وهي خطوط النفط الممتدة من السعودية إلى المتوسط عبر الشام، وقد وقّعها حسني الزعيم وبشروط مجحفة بحق الدولة والشعب في الشام.
الثالث: العمل على اغتيال سعاده وقد نفّذها المجرم حسني الزعيم بتسليمه الزعيم سعاده إلى أعدائه وأعداء الحزب في لبنان، هؤلاء المجرمين الصغار، من بشارة الخوري إلى رياض الصلح حيث أقيمت له محاكمة صورية يندى لها جبين الإنسانية وأعدم سراً وظلماً خلال أربع وعشرين ساعة.
في الثامن من تموز اختصر سعاده الحياة كلها بوقفة العز فقط وختم رسالته إلى أمته بدمه ورد الوديعة الأثمن والأعز ليقدم نموذجاً حياً على أن الشهادة للحق حياة، وأن الإرادة المؤمنة المؤيدة بصحة العقيدة تشقّ طريق الحرية لأمة تعشق الموت متى كان الموت طريقاً للحياة.
إننا أيّها المعلم وفي ذكرى استشهادك نؤكد لك أن العهد هو العهد والوفاء لتعاليمك يتجدّد والنضال من أجل سورية العظيمة لن يتوقف مهما تكالبت قوى الشر والعدوان ومهما كلّفنا ذلك من تضحيات.
إنّ ذكراك ستبقى على مرّ السنين مشعل حق ساطع ومنارة نضال لاستعادة كامل الحقوق السورية في التاريخ والجغرافية والموقع الحضاري.