«الشرق الأوسط الجديد» والسيناريوات المتوقعة!
محمد حسن الساعدي
يشير آخر تقرير أصدرته مؤسسة «ستمسون» الأميركية بشأن الشرق الأوسط إلى أنّ الأخير مقبل على تغييرات كبيرة ومهمة حتى عام 2025، خصوصاً وسط حالة عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة والأحداث في غزة، حيث يؤكد التقرير أنّ هناك ثلاثة سيناريوات محتملة للأوضاع، وهي إبقاء مستوى الاقتتال على ما هو عليه الآن دون تقدّم يُذكر من قبل الجيش «الإسرائيلي»، والثاني هو بقاء كابوس الحرب المفتوحة المتمثل في زيادة مستوى الحرب والعنف والتوغل أكثر في غزة، والثالث إبقاء حالة الترقب والأمل لدى الفلسطينيين التي تنطوي على وقف طويل الأمد لإطلاق النار في غزة وخطة لإعادة الإعمار المادي والسياسي.
المراقبون والمحللون للمشهد في المنطقة يرجّحون الرؤية الأولى والتي تذهب الى بقاء الحرب «المسيطَر عليها» وهي الأكثر مقبولية من الرؤيتين الأخيرتين، ويعتقد المراقبون انّ الرؤية الثالثة لا يمكن تطبيقها الآن بل ربما يمكن أن ترى التطبيق في عام 2026، خصوصاً مع بقاء حرب غزة دون حلّ مع وجود تهديدات متزايدة باندلاع صراع أكثر تدميراً بين «إسرائيل» وحزب الله في لبنان.
بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على «طوفان الأقصى»، لا تزال منطقة الشرق الأوسط في حالة هشة ومتقلبة بشكل كبير، خصوصاً أنّ الحرب في غزة والتوترات الاجتماعية المتزايدة كلها تخلق أوضاعاً غير مسبوقة في المنطقة، وما يزيد تعقيد المشهد هو عدم وضوح الرؤية بشأن من سيفوز في الانتخابات الأميركية، والانتخابات المحتملة في «إسرائيل» حيث تتزايد الانقسامات السياسية والمجتمعية وسط تعالي الأصوات من الداخل الاسرائيلي وخارجه المنادية بإنهاء الحرب في غزة.
التكهّنات تشير إلى أنّ نتنياهو لن يقبل أيّ خطة تحدّ من قدرة «إسرائيل» على الاستمرار في إنهاء وجود حماس على الأرض ورفضه أيّ دور لحماس أو السلطة الفلسطينية في الإدارة المستقبلية لغزة، في المقابل فإنّ إدارة بايدن تحاول عدم جرّ المنطقة الى صراع طويل الأمد يستنزف قدراتها ونفوذها في المنطقة، من خلال حجب بعض شحنات الأسلحة عن «إسرائيل» بسبب ارتفاع عدد الشهداء المدنيين في غزة، إذ يلعب نتنياهو على عامل الوقت لحين إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في 5 تشرين الثاني فإذا فاز ترامب في الانتخابات فمن المتوقع أن يكون أكثر دعماً لـ «إسرائيل» من بايدن.
مع وجود الأزمة الاقتصادية الخانقة في «إسرائيل» وانخفاض تصنيفها الائتماني والذي قد تؤدّي إلى إنهاء الاستثمار الأجنبي خاصة في قطاع التكنولوجيا الرائد عالمياً في «إسرائيل»، وحالة السخط المنتشرة بين أوساط المجندين الإسرائيليين فيما إذا كانت تل أبيب قادرة على تحمّل حرب على جبهتين حتى مع بقاء استراتيجية نتنياهو في غزة المتمثلة في النصر الكامل غير قابلة للتحقيق، وازدياد أعداد «الإسرائيليين» بالهجرة الى خارج «إسرائيل» وشعور عوائل الأسرى بالغضب من حكومة نتنياهو التي أعطت الأولوية لإنهاء حماس على حساب إنقاذ أقاربهم، فإنّ الوضع في الشرق الأوسط قابل للتغيّر وان يتخذ منحى التهدئة والذهاب الى الحوار في أهمّ الملفات تعقيداً هو الملف النووي الذي ينتظر إعادة فتحه في ظلّ الحكومتين الجديدتين في إيران والولايات المتحدة، ومع كل هذه الاحتمالات فإنّ المتغيّرات على الأرض تشير بصورة واضحة إلى أنّ الشرق الأوسط المقبل سيكون أكثر أستقراراً ويسير نحو التهدئة والتنمية…