ماذا وراء تصريحات القائد العسكري الإيراني؟
ناديا شحادة
بينما يغيب في الأفق أي مؤشر على وقف السعودية لضرباتها الجوية على الشعب اليمني وحل الأزمة اليمنية التي أرخت بظلالهما على العلاقات المتوترة أصلاً بين السعودية وإيران، التي بدأت منذ انتصار الثورة الايرانية عام 1979 واستمرت حتى الآن بخاصة بعد جملة التغيرات في الخريطة السياسية العربية والدولية، باتت السعودية تخشى منذ وقت طويل وحتى الآن من تصدير الثورة الاسلامية الايرانية الى الدول العربية وفقدان دورها الاقليمي والعالمي، ومن أكثر الملفات المختلفة عليها بين البلدين والتي كانت سبباً في توتر العلاقات: الأزمة اليمنية إذ واصلت السعودية في سياستها المتبعة باليمن بالعدوان على الشعب اليمني وهي تخطت جميع المبادئ الاسلامية بسياستها تلك التي لم ترضَ عنها إيران، ونفد صبر الأخيرة التي كانت تتبع مبدأ الحوار مع السعودية الذي يؤدي بالبلدين الى المزيد من التفاهم والتقارب الذي تسعى اليه طهران وهذا ما أكده مبعوث الرئيس الايراني الى بيروت نائب وزير الخارجية مرتضى سرمدي في 10 نيسان 2015 حيث صرح «إننا نعتقد أنه لا بد من أن تتجه العلاقات بين إيران والسعودية نحو الافضل وضرورة إزالة بعض جوانب سوء الفهم وتبديد المشاكل في العلاقات بين الطرفين».
إيران التي استفدت جميع الخيارات ثار غضبها بعد الحلم الطويل على السعودية، حيث اتهمت طهران النظام السعودي بالخيانة وانه يمضي على خطى «إسرائيل»، وان المملكة آيلة للسقوط كما جاء ذلك على لسان القائد العام لقوات الحرس الثوري الايراني الاثنين الماضي، ويؤكد المتابعون للعلاقة السعودية – الإيرانية ان التصريحات الأخيرة التي أدلى بها القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني تدل على كسر حاجز مراعات إيران للسعودية على مدى السنوات الماضية وهذا ما أكده اللواء محمد علي الجعفري حيث قال ان المسؤولين في البلاد كانوا يتجنبون الحديث عن السعودية لبعض الاعتبارات الخاصة.
السعودية التي استمرت في عدوانها على الشعب اليمني واستهداف المدنيين بكل وحشية بعد إعلانها عن انتهاء «عاصفة الحزم» بعد 27 يوماً من انطلاقتها والتي اعتبرها المراقبون انها اجراءً تكتيكياً يهدف أساساً الى تخفيف الأعباء السياسية عن السعودية وتحالفها فقط لا غير وبالذات بعد الضغوطات التي تعرضت لها المملكة وما يؤكد ذلك الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس الاميركي باراك أوباما والعاهل السعودي في 15 نيسان الجاري. هذا الاتصال الذي يؤكد المراقبون انه بلا شك له علاقة بإعلان انهاء «عاصفة الحزم» لا سيما وقد سبقته بيوم دعوة الامين العام للامم المتحدة بان كي مون كافة الاطراف في اليمن الى الوقف الفوري لجميع العمليات القتالية، الأمر الذي أدى بالسعودية الى إعلان ايقاف «عاصفة الحزم». لكنها استمرت في قصف اليمنيين وفرض الحصار على الشعب اليمني والتحرش بإيران التي حاولت الأخيرة أن لا تبدي أي ردود فعل تجاه المملكة كي لا تزيد من توتر العلاقة بين البلدين.
ويؤكد المتابعون ان السعودية بسياستها المتبعة بملفات المنطقة أدت الى علاقة شائكة ومعقدة بين المملكة والجمهورية الاسلامية الإيرانية، وساهمت في تعميق الخلافات لتخرج من السياسة إلى الاديان والمذاهب والطوائف في قوس أمني ملتهب من العراق الى اليمن وسورية ولبنان، حيث كانت السعودية تسعى الى تأزيم تلك البلدان من خلال دعم الجماعات الارهابية بالمال والسلاح، ويرى العديد من المراقبين ان هذا الدعم يتعلق بمصالح السعودية المبنية على عدائها مع إيران التي كانت تداري السعودية طيلة السنوات الماضية وتتبع دبلوماسيتها أسلوب الحوار ولكن بعد تصريحات القائد العسكري الإيراني محمد علي جعفري التي وجهها الى السعودية التي تعد إيران منافساً كبيراً لها، بل وعدواً لدوداً على الصعيد السياسي والاقتصادي والاستراتيجي والايديولوجي، ووضعت استراتيجية واضحة وهي مقارعة إيران بخاصة بعد وقوفها في وجه التقارب الاميركي – الإيراني في موضوع الملف النووي، لأنها ترى هذا الملف يعطي نفوذاً اقليمياً ودولياً لإيران.
يبقى السؤال بعد تلك التصريحات وسياسة السعودية العدائية لإيران: العلاقة بين البلدين الى أين…؟