أولى

عودة داعش والاحتلال الأميركي

قال بيان للقيادة المركزية للقوات الأميركية إنها لاحظت تصاعداً في عمليات تنظيم داعش خلال عام مضى بالقياس مع عام سبق، بحيث بلغت العمليات ضعف ما كانت عليه، ورأت مصادر عراقية في البيان نوعاً من التبرير الذي تتم الاستعانة به للقول إن مهمة القوات الأميركية المبنية على مواجهة تنظيم داعش لم تنته.
الجواب الأول على البيان الأميركي هو أن هذا النمو في وضع داعش وعملياته تمّ في ظل وجود القوات الأميركية، وبالتالي لا يمكن اعتبار النمو سبباً لطلب بقاء هذه القوات التي لم تفلح في منع النمو، ما يعني أن نمو التنظيم يُبطل مبرر الحديث عن بقاء القوات.
الجواب الثاني أن بقاء الاحتلال بذاته يحفّز شرائح عراقية على قتاله، والقراءة الأميركية التي ظهرت في وثائق رسمية لنمو تنظيم القاعدة في العراق قبل عقدين تقول إن شرائح عراقية تريد قتال الأميركيين انضمت الى تنظيم القاعدة لهذا الغرض، ولا شيء يمنع وفقاً لهذا التحليل الأميركي أن يكون وراء هذا النشاط المضاعف انضمام مجموعات مناهضة للاحتلال الأميركي إلى عمل التنظيم، بحيث صار البقاء الأميركي عامل تحفيز وتنشيط لاستقطاب التنظيم جماعات جديدة.
الجواب الثالث مستمدّ من كلام الرئيس السابق دونالد ترامب وهو مرشح قويّ للعودة رئيساً، ويقول إن داعش اختراع أميركي، وهو يتهم إدارة الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون برعايته، وإذا كان مطلوباً تصديق البيان الأميركي فلا يمكن مطالبتنا بعدم تصديق رئيس أميركي سابق وقادم، وهذا يعني أن ما جرى هو تنشيط تنظيم داعش أميركياً لتبرير بقاء القوات الأميركية.
بكل الأحوال تقول القوات العراقية إنها قادرة على التعامل مع تحدّي وجود داعش، ولا حاجة لها بالقوات الأميركية، والأميركي موجود باتفاق رسميّ مع الحكومة العراقية التي وجهت طلباً رسمياً بالانسحاب، وسبق للقيادة الأميركية أن قالت إنها لا تحتاج إلى قوات قتالية للتعامل مع تحديات القاعدة وداعش، لأنه يمكن معالجة تهديداتها عن بُعد بواسطة طائرات دون طيار.
المناورة الأميركية للتملّص من الانسحاب ضعيفة ومكشوفة، والأميركيون يضعون قواتهم أمام مخاطر مواجهة عمليات المقاومة، والأفضل لهم أن ينسحبوا بموجب اتفاق يحفظ ماء الوجه من المغادرة بطريقة مهينة ومذلة مثل أفغانستان، التي علّمت الشعوب الطريق الذي يجب سلوكه كي يرحل الأميركيون.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى