وصول مُسيّرة يافا اليمنية إلى تل أبيب يقلب معادلة الصراع ويؤثر على مجرى الحرب
حسن حردان
مفاجأة اليمن بالأمس كانت بنجاح مُسيّرة يافا الجديدة الانقضاضية، التي أطلقتها القوات المسلحة اليمنية، بالوصول إلى قلب تل أبيب وتنفيذ عملية نوعية أسفرت عن إصابة مبنى في وسط المدينة، وأدّت إلى إحداث انفجار كبير وقتل وجرح العديد من المستوطنين… وترافق ذلك مع إعلان الناطق العسكري اليمني انّ منطقة يافا، المسماة إسرائيلياً تل أبيب، أصبحت بعد الآن منطقة غير آمنة…
هذه العملية النوعية قلبت المعادلة وكان وقعها على الكيان ومستوطنيه وقادته كوقع الصاعقة، وأحدثت حالة من الهستريا الصهيونية، وأثارت قلق المعلقين والمحللين من هذا الاستهداف للعمق الصهيوني وعدم القدرة على حمايته، بعد فشل القوات البحريتين الأميركية والبريطانية في منع وصول المُسيّرة اليمنية الى قلب تل أبيب… على أنّ هذه العملية وتداعياتها الإسرائيلية عكست ما يلي:
أولاً، نجاح المقاومة اليمنية بخرق أجواء فلسطين المحتلة وفشل دفاعات ورادارات العدو الصهيوني في كشف مُسيّرة «يافا» ومنع وصولها إلى هدفها.. مما يؤكد مدى الإخفاق الأمني «الإسرائيلي» من ناحية، وتطوّر قدرات المقاومة اليمنية من ناحية ثانية، التي تمكّنت من إيجاد حلّ لضرب العمق الصهيوني من مسافات بعيدة، لرفع منسوب استنزاف الكيان وتدفيعه ثمن استمراره في شنّ حرب الإبادة ضدّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية…
ثانياً، نجاح المقاومة اليمنية ممثلة بـ أنصار الله والقوات المسلحة اليمنية في تطوير صناعة المُسيّرات القادرة على قطع هذه المسافة الطويلة التي تتجاوز الـ 2500 كلم واستهداف منطقة غوش دان، وتجنّب كشفها من قبل أجهزة الرادار «الإسرائيلية» الأكثر تطوراً، وبالتالي ضرب العمق الأمني للكيان، يجعل الكيان كله في حالة استنزاف مستمرّ في الوسط والشمال والجنوب وفي الضفة الغربية والقدس، ايّ في كلّ أنحاء فلسطين المحتلة التي باتت عرضة لضربات قوى محور المقاومة من كلّ الاتجاهات.. على أنّ هذا التطور الهام في أداء وقدرات المقاومة اليمنية سيكون له تأثيره الهام على مجرى الحرب في قطاع غزة على الصعد التالية:
1 ـ دفع المستوطنين الصهاينة إلى تصعيد ضغطهم على حكومة نتنياهو لقبول صفقة توقف الحرب وتحقق تبادلاً للأسرى، حيث من المتوقع أن ينضمّ المزيد من المستوطنين إلى صفوف عائلات الأسرى والجنود والمحتجين ضدّ سياسة نتنياهو الذي يضع العراقيل في طريق الصفقة.. كما من الطبيعي ان تؤدّي العملية إلى تكريس القناعة «إسرائيلياً» ان لا أمن واستقرار في كلّ الكيان ما لم يتمّ وقف الحرب في غزة.. وانّ جيش الاحتلال فقد القدرة على توفير الحماية والأمن للصهاينة في كلّ فلسطين المحتلة.
2 ـ كشفت العملية مدى عجز منظومة الأمن الصهيونية في حماية أجواء الكيان المحتل من هجمات قوى المقاومة الجوية والصاروخية، وهو ما يعتبر تحولّاً هاماً في مسار الصراع، يحصل لأول مرة على هذا النحو، ويعكس تنامي قدرات المقاومة التي أصبحت عملياً تحاصر كيان الاحتلال من خلال تأكيد قدرتها على توجيه الضربات له حتى من مناطق بعيدة جغرافيا عن فلسطين المحتلة.
3 ـ تعزيز موقف المقاومة الفلسطينية التفاوضي، وكذلك صمود الشعب الفلسطيني، في مواجهة تشديد الحصار الإسرائيلي على القطاع، ومواصلة العدو ارتكاب المجازر اليومية ضدّ المدنيين في محاولة يائسة لزيادة الضغط على المقاومة للتخلي عن مطالبها في المفاوضات والرضوخ للشروط الإسرائيلية لعقد صفقة تبادل للأسرى..
رابعاً، فقدان العدو قدرة الردع بما يدلل على فشل وضعف الدفاعات الجوية للكيان في حمايته، مما يؤدّي إلى زيادة تراجع نفوذه وهيبته وسطوته في المنطقة… وارتفاع شعبية المقاومة في عموم المنطقة لأنها تبرهن على قدرتها وبراعتها في كسر شوكة العدو وشلّ منظومته الأمنية، والتأكيد بأنّ المقاومة المسلحة تستطيع ردع العدوانية الصهيونية، عندما تتوافر لديها قيادة ثورية تتمتع بالجرأة والشجاعة وتملك إرادة صلبة على خوض الصراع وتوفير مستلزماته وتطوير قدراتها بصورة دائمة..
من هنا يمكن فهم أسباب الهستيريا التي أصابت الصهاينة وقادتهم أثر انفجار المُسيّرة في تل أبيب من دون أن يجري اكتشافها والتصدّي لها من قبل القبة الحديدية وغيرها من منظومات الدفاع الجوي…