أولى

انسحاب بايدن بين خطاب ترامب وزيارة نتنياهو

بغضّ النظر عن النتائج الغامضة لما سوف تسفر عنه الانتخابات الرئاسية الأميركية، جاء انسحاب الرئيس جو بايدن من الانتخابات سبباً للارتباك في الخطاب لمعسكرات مناوئيه وفي طليعتهم ضمن المعسكر نفسه، دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو.
خسر ترامب كل حملته الإعلامية وخطابه السياسي والنص الذي يشكل عصب حملته الانتخابية، فليس لدى ترامب أي وعود جدّية تجاه التحديات التي تواجهها أميركا، ومَن يستمع إليه يقول إنه لو كان رئيساً لما شنت روسيا حرباً في أوكرانيا ولما قامت حماس بشن هجوم طوفان الأقصى، سوف يضحك ساخراً، لأنه يدرك بأن وراء تلك الأحداث الكبرى أسباباً أكبر بكثير من شخص الرئيس الأميركي، ويدرك أن هذا الكلام من ترامب يمر دون تعليق من المتابعين لأن لحملته الانتخابية وخطابه السياسي محوراً رئيسياً يقع في مكان آخر، وهو حتى في المجال الاقتصادي ونظرية أميركا أولاً لم يقدم سوى كلام عام عن الازدهار والادعاء أن فترة حكمه كانت أفضل بينما تقول الإحصاءات والأرقام العكس تماماً.
تقوم حملة ترامب وخطابه على ثلاثيّة، أولاً كم عمرك أيّها الرئيس بايدن؟ ولماذا لا تنتبه أنك هرم جداً بالقياس لما يجب أن يكون عليه الرئيس؟ وثانياً هل قمتَ بفحص صحتك العقلية وسألت الأطباء عن هفواتك المخزية وما إذا كنت قادراً على تحمل مسؤولية الرئاسة؟ وثالثاً أنت تريد الوصول إلى الرئاسة بأي ثمن، ولذلك استخدمت القضاء بهدف إقصائي عن السباق، ولا أعلم إن كانت لك يد في محاولة الاغتيال؟.. وقد أصيبت كل هذه النصوص بالخلل، حيث تستطيع كمالا هاريس أن تسأل ترامب أسئلته ذاتها لبايدن الآن، وأن تقول له إنه صاحب ملفات جنائيّة مخجلة لمرشح رئاسي، وإنه يسعى للرئاسة لتجنب السجن والملاحقة وضمان مصالحه والتهرب من القانون المالي والضرائب والحصول على الحصانة، بينما لن يستطيع ترامب مجاراتها باتهامات مماثلة.
يصل نتنياهو إلى واشنطن وكانت في ذهنه خطة ابتزاز بايدن، وخطاب وألاعيب وفخاخ، وكلها تتمحور حول لقائه مع بايدن، يحاول ابتزازه انتخابياً مقابل الحصول على المزيد من الدعم الذي لم يبخل به بايدن على نتنياهو وحكومته وجيشه وكيانه، وقد أعلن مراراً أنه صهيونيّ عقائديّ قبل أي شيء آخر وأن إدارته صهيونية قبل أي شيء آخر، لكن نتنياهو باعتباره صهيونياً أيضاً يمارس مع بايدن أحد ألاعيب الهوية الصهيونية الملازمة للانتماء، وهي الاحتيال والربا والابتزاز، تماماً مثلما فعل تاجر البندقية شايلوك، لكن بايدن صار متحرراً من الحاجة للديون والمساومة على الفائدة، فعاد صهيونياً نقياً، كما تقول العقيدة.
يصل نتنياهو وقد فقد النص الذي أعدّه للبحث المرمّز والمشفّر مع بايدن، بوعود انتخابيّة، مقابل وعود ماليّة وعسكرية وسياسية، ولن يحتاج بايدن إلى استخدام الخبث وادعاء عدم الفهم على نتنياهو وهو يعرض ابتزازه ومساومته. وقد صار بايدن خارج الحلبة الرئاسية وتحرّر من قيود الترشيح ومستلزماته وحاجاته وأدواته. يكفي بايدن أن يترك لموهبة الخرف أن تتصرّف، وقد كان لها الفضل في تنحّيه، لتكمل فضلها بإغاظة نتنياهو وإحباط الهدف من رحلته التي لن تجلب للكيان من أي إدارة أميركية ديمقراطية او جمهورية أكثر من ثلاثية المال والسلاح والحماية القانونية من الملاحقة، لأن هذا أقصى ما تستطيع أي إدارة أميركية تقديمه، كما قالت عهود بوش الإبن وأوباما وترامب وبايدن.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى