بعد إدلب: وزيرا الدفاع والداخلية إلى الحلفاء در
عامر نعيم الياس
شهر كان كافياً لكي يتحرك الوزراء السياديون العسكريون في الحكومة السورية باتجاه الحلفاء، وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم الشعار في روسيا، ووقع اتفاقيات مع الجانب الروسي تهدف وفقاً لوكالة الأنباء السورية الرسمية، «سانا» إلى «تركيز الجهود والقدرات على مكافحة الجرائم الخطرة بما فيها الإرهاب وإزالة أسبابه ومنابعه».
يومٌ واحد بعد زيارة وزير الداخلية، وتنشر «سانا» أيضاً على موقعها خبر وصول وزير الدفاع السوري ونائب القائد العام للجيش والقوات المسلحة، العماد فهد جاسم الفريج، إلى العاصمة الإيرانية طهران في زيارة رسمية تستمر ليومين. فهل تواتر الزيارتين أمرٌ عابرٌ أم فرضته التطورات الميدانية الأخيرة في سورية؟
صمت الحلفاء، ميّز المشهد السياسي المواكب للتطورات الميدنية الأخيرة على الجغرافيا السورية خصوصاً في شمال البلاد، وهو ما ألقى بتداعياته على المزاج الشعبي وبالتالي على الوضع الاقتصادي في سورية. وبدأت التساؤلات حول أسباب الصمت، وعدم وجود أي ردّ فعل يفرض نفسه على المشهد العام في سورية، خصوصاً على مستوى النخب والقواعد المؤيدة للدولة السورية، على رغم نزوع بعض النخب، غير المبرر، إلى مهاجمة أي انتقاد للحلفاء بحجة عدم امتلاك الشارع للمعلومات، أو مزاجيته في التعامل مع الحلفاء بين مهلل لهم تارة ومنتقد لهم تارة أخرى، متناسين أن حجم الضغوط وشراسة المعركة يدفعان البعض إلى التساؤل المشروع، وأن الاكتفاء بالمعلومات لدى بعض النخب لا يعني أبداً منع الطرف الآخر من التساؤل. مع أن الأساس في التحليل السياسي والميداني يبقى ربط صور متفرقة من المشهد العام على الأرض هنا أو هناك وطرحها على الرأي العام والنخب المسؤولة التي تملك زمام القرار.
واليوم تأتي الزيارتان الاستثنائيتان في توقيتهما لوزيري الدفاع والداخلية السوريين إلى طهران وموسكو لتضعا النقاط على الحروف وتعزّزا التوجه الذي تساءل منذ الشهر الماضي عن غياب الحلفاء عن دائرة الفعل. من دون أن يعني ذلك أن الحلفاء وحدهم مسؤولون عن أمن البلاد، إنما الداخل يتحمل قسطاً أساسياً من المسؤولية.
سيناريوان لا ثالث لهما تندرج في إطارهما زيارة العماد الفريج واللواء الشعار إلى الحلفاء:
الأول، الحاجة الملحة إلى تنفيذ اتفاقات تتعلق بالجانب التقني العسكري والتدريبي المرتبط مباشرةً بملف مكافحة الإرهاب على الأرض السورية. وهو المصطلح الذي استخدمته «سانا» ووزير الداخلية الروسي في توصيف الاتفاقية الموقعة مع الجانب السوري في موسكو بين وزيرَي داخلية البلدين.
الثاني، وضع القيادتين العسكرية والأمنية الروسية والإيرانية من جانب أرفع مسؤولين حكوميين عسكريين في صورة التطورات الميدانية الأخيرة وطرح الطلبات السيورية من الحلفاء مباشرةً. من دون اللجوء إلى الطريق السياسي. بمعنى آخر تبيان التهديدات الأمنية والعسكرية التي تحيط بالمشهد الميداني في سورية بغض النظر عن أيّ رهان سياسي تفرضه أجندة الحلفاء الخاصة على الدولة السورية.
مما لا شك فيه أن هذا النمط من الزيارات في هذه الظروف وهذا التوقيت بالذات لا يمكن أن يمر مرور الكرام. فالواضح أن الحاجة إلى رفع حجم التعاون والدعم إلى مستويات أكثر جدّية وفاعلية، هي الدافع الأساس وراء هاتين الزيارتين. بانتظار النتائج على أرض المعركة. في الوقت الذي يواصل فيه الجيش السوري الدفاع عن خياراته الوطنية التي تمثّل في جزء منها أحد خطوط الأمن القومي للحلفاء من موسكو إلى طهران.
كاتب ومترجم سوري