مقالات وآراء

اليمن بأنصاره: شعبٌ لا يُقهر خلافاً للكيان المؤقت الذي «تورّط مع اليمن»

ميرنا لحود

واضحٌ أنَّ الكيان المؤقت يتخبّطُ ويتهاوى عسكرياً ولا نقول أخلاقياً لأنه أصلاً لا أخلاق له. ويحتلّ الكيان الصهيوني أعلى مرتبة الإجرام منذ ما قبل وبعد الاستيلاء على فلسطين بعصاباته النازية الصهيونية. وفي إطار الإسناد اليمني لقطاع غزّة، لقد وصلت المُسيّرة اليمنية «يافا» إلى عمق «تل أبيب» دون أنْ تُرى من قبل الرادارات الصهيونية والمتصهينة معها. ووثب العدو للردّ لكنْ قبل تحركه حصل عطلٌ عالميٌ في تطبيق مايكروسفت المستخدم في مجالاتٍ عدة منها الأمن والعسكر والمال والصحة والاقتصاد وغيرها. وتسبّب هذا العطل بفوضى عارمة في الرحلات الجوية في عدد من بلدان العالم. وتعطّلت مستشفياتٌ ومطاراتٌ وراداراتٌ وأجهزة عسكرية كبيرة.
ففي اليوم التالي، نفذّ الصهيوني ردّه في على منشآت الحديدة بسلسلة غاراتٍ مساء السبت والتي تسبّبت باشتعال نيران كثيفة لتسفر عن سقوط شهداء. لقد أدخل الكيان المؤقت نفسه في ورطة مع اليمن، ما أكدّه السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي. وبذلك توسّعت الأهداف أمام اليمن ليصبح الكيان في دائرة الخوف المستدام حتى يزداد الضغط على نتنياهو المسؤول الأول عن الضعضعة الصهيونية الضاغطة على التفكك الداخلي.

صِدفةٌ أم عملٌ مفتعلٌ؟
لقد عبَرت الطائرات الحربية الصهيونية لتشن سلسلةَ غارات على المنشآت النفطية في الحديدة اليمنية ما أدّى إلى اشتعال النيران بشكل كبير جداً ووُصف في الداخل الصهيوني بالاستعراض. فبعد أنْ انطلقت الطائرات الصهيونية من أمّ الرشراش (إيلات) دخلت محلقةً فوق خليج العقبة ملامسةً الأردن لتمرّ فوق جزر تيران التابعة اليوم للسيادة السعودية. وتمَّ تزويد الطائرات بالوقود فوق البحر الأحمر حتماً من مكانٍ يُعتقد أنّه بموازاة جدة السعودية والذي يعود لأحد حلفاء الغرب. فأفرغت الطائرات الحربية للعدو «أف 35» غاراتها الكثيفة بذخائرها الذكية من البحر الأحمر ضاربةً منشآت لليمن وأماكن مأهولة بالسكان قبل أنْ تعودَ إلى فلسطين المحتلّة. وبسبب العطل الذي ضرب النظام الإلكتروني العالمي، لم تلتقط الرادارات لكلّ من مصر والسعودية والأردن أيَّ مؤشرٍ على تحركٍ عسكري صهيوني.
يثير توقيت تعطل النظام الإلكتروني تساؤلات وقد يكون صدفةً. لكن في فيديو لنتنياهو منتشرٍ عبر مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد فيه بأنَّ «تركيعَ أمةٍ ما لا يحتاج إلاَّ للضغط على الزر الإلكتروني المناسب». وكتبت «جروزاليم بوست» بأنّ مايكروسوفت «إسرائيلي بقدر ما هو أميركي». ففي فرنسا، إبان حكم ساركوزي لقد فرض الأخير استخدام التطبيق في إدارة الجيش الفرنسي، ومع وزيرة في حكومة هولاند فُرض مايكروسوفت في مجال التربية ليمتدّ إلى مجالات أخرى. ويَستخدم التطبيق طريقة التأثير نفسها التي تستخدمها «سي أي آي» لقبول السّلع التي تريدها الدولة العميقة في الداخل الفرنسي. لكن ماذا بعد الضربة الصهيونية على اليمن؟

سقوط الإمبراطورية الصهيونية والانفصال عن الواقع
لقد أصبح من المُسلّمات بعد «طوفان الأقصى»، بأنَّ الإمبراطورية الصهيونية انتهت إلى غير رجعة ولم يبقَ لديها إلاَّ دولتها العميقة التي تبحث عن إنجاز ما. وتتراكم الهزائم بدل الإنجازات. وأغرب ما في الأمر هو أنَّ الذين حوربوا وتمَّت مقاتلتهم في الحربين العالميتين الأولى والثانية تولّوا إدارة العالم غداة هزيمتهم. وها هي اليوم قوى المقاومة تحارب من جديد أبناء أبالسة القرن الماضي. إلاَّ أنَّه هذه المرة تختلف الظروف والوسائل والوعي. و»جيش المقاومة» جيش جبارٌ لا يخطو إلَّا بخطى ثابته وإيمان متجذّر في القلوب فتصبح كلُّ تضحيةٍ كبركةٍ تنزل على الأمة جمعاء وينعم بها حتى الحمقى الحقودين لكنَّ الخير من عند الله سبحانه تعالى وهو أسمى وأعلى من شرّ إبليس وأتباعه.
معروفٌ أنَّ الأفعى الجريحة تؤذي بشكل كبير من شدة ألمها لخسارتها ولا تستسلم إلاَّ بالموت. والأفعى الجريحة هي الدولة العميقة للصهاينة المترامية الأطراف التي لا إنجاز لديها إلاَّ الإجرام والإبادة الجماعية والقتل عمداً والضغط من هنا وهناك للحصول على شيء ما كرئاسة في الأرجنتين والمكسيك وأوكرانيا وفرنسا أو انتخابات تشريعية مثل فرنسا وبريطانيا. واضح بأنَّ الدولة العميقة خسرت هيمنتها على العالم وهي تعاني الكثير لاستعادة دورها القديم لكنَّها تقف فارغة الأيدي إزاء التغيّرات العالمية. فالعالم القديم الذي «تلألأ» بالهيمنة الصهيونية الأميركية ولّى ويشهد بزوغَ عالمٍ جديد لم يتبلور بعد بشكل جلّي. والدليل على ذلك هو ما جرى في القمتين الأخيرتين لمجموعة الدول السبع سواء كان في سويسرا أم في إيطاليا. لقد دُعيَ إلى القمتين خاصةً الأولى عددٌ من الدول ولم يحضر منها إلاَّ 91 دولةً. وفي البيان الختامي السخيف والذي تبدّل مقارنةً بجدول الأعمال الذي كان مخصصاً للتحشيد ضدّ روسيا والاصطفاف وراء الأطلسي، لم يوقع عليه إلاَّ 75 دولةً أو أقلّ والذي تناول مسألة الأمن الغذائي خلافاً لجدول الأعمال المُعلَن. ويشير ذلك إلى أنَّ الدولَ لا تريد التورّط مع حماقة الدولة العميقة «لإمبراطورية صهيونية نازية» منهارة…
يحجز «جيش المقاومة» المتمثل بدول فقيرة ومقاومة مثل اليمن مقعداً أساسياً في هذا العالم الجديد ويشكل رأس حربة في محاربة الصهيونية النازية ومن معها مثل حزب الميم (متحور جنسياً، مُتَصهين، مستهبل، مستعرب إلخ…) والمجرمين أصحاب القتل سواء كان بالأسلحة المباشرة أو التجسّس والغدر أو عبر العقاقير والاغتيالات، أو الدعارة والمخدرات أو باستخدام الأمن الغذائي كسلاحٍ لها. فإذا جاهر «النتن ياهو» وشيطنته على أمةٍ ما بضغط زرٍّ إلكتروني فها هو اليمن من البحر الأحمر وبضربة واحدة يقلع أثر الأزرار ويجفف الموارد المزوّدة للكهرباء ويُبقى على زرّ العويل لمغتصبي الأرض من أم الرشراش إلى أعلى الجليل. وهذا جزءٌ يمنيٌ صغيرٌ من «الأيام والليالي والميدان».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى