«إسرائيل» الخاسر الأكبر إنْ فُرضت الحرب على لبنان…
د. إبراهيم العرب
نتقدّم بخالص التعازي والمواساة لعائلات الضحايا الذين قضوا في مجدل شمس، ولعموم أبناء الجولان السوري المحتلّ صهيونياً، مؤكدين أنه لا يوجد هنالك عاقل واحد صدّق الادّعاء الإسرائيلي بأنّ المقاومة الإسلامية اللبنانية أطلقت صاروخاً على ملعب أطفال في مجدل شمس؛ أو أنها لم تحترم طيلة الفترة الماضية قواعد الاشتباك في العمليات التي تنفذها لعدم توسعة الحرب، لا سيما أنّ الحزب لا يردّ إلا عندما تخرق «إسرائيل» أجواء لبنان وأرضه وبحره، وتقتل أبناءه وتستهدف مساكنهم وبنية دولتهم التحتية؛ في حين أنّ الجميع يعرف أنّ «إسرائيل» هي التي تهاجم وتقتل الأطفال والنساء والشيوخ، وهي التي تدمّر في كلّ لحظة بيوت الغزاويين والفلسطينيين واللبنانيين والسوريين على رؤوس قاطنيها، وتسعى للقضاء على روح المقاومة عندهم، ولذلك ترى بأنّ أغلبية سكان مجدل شمس سوريين رفضوا جنسية الدولة التي تحتلهم وكلّ الإغراءات المادية التي قدّمتها لهم .
وعموماً، فإنّ تاريخ وحاضر العدو الصهيوني حافل بالمجازر التي ارتكبها ويرتكبها ضدّ الأطفال دون هوادة، ولهذا فإنّ أهالي الجولان يدركون ذلك، ولن ينزلقوا أو يُستغلوا في سياق مشروع العدو بسلخهم عن هويتهم السورية والعربية، من قبل حفنة صهاينة عنصريين لا يكترثون إلا لإعادة المستوطنين في شمالي فلسطين المحتلة إلى مستوطناتهم من خلال سعيهم لاحتلال أراضي جنوبي الليطاني اللبنانية، كما احتلوا أرضهم السورية الأبية، وضمّوها لدولة يهودية لا تعترف بحقوق لا المسلمين ولا المسيحيين، وبالأخص الدروز؛ مؤكدين أنّ حزب الله نفى علاقته بما حصل، وحذّر ونبّه من الكمين الذي يعدّه له العدو الإسرائيلي منذ زمنٍ بغية إشعال الفتنة بين العرب أنفسهم وتفتيت المنطقة واستهداف مكوّناتها، وقد أُسقط هذا المشروع في السابق في المنطقة، ولكنه للأسف عاد ليطل برأسه من جديد من خلال اليمين الإسرائيلي المتطرف، القاتل الحقيقي لأطفال الجولان المحتل، ولذلك فإننا ندعو أهالينا العرب الرازحين تحت الاحتلال، لأن يكونوا بالمرصاد إلى جانب المقاومة وكلّ المقاومين بوجه المجرم والقاتل الحقيقي لأبنائهم؛ وهم كذلك، فلا عجب ان ترى أبناء مجدل شمس يطردون وزير المالية الصهيوني سموتريتش وأعضاء في حزب الليكود الذين يذرفون دموع التماسيح على أبناء الجولان، في الوقت الذي يعلم به هؤلاء بأن الصاروخ الذي أصاب أبناء المنطقة، مصدره القبة الحديدية الإسرائيلية، وأنّ «إسرائيل» هي من قتلت الأطفال السورييناليوم، كما قتلت الأطفال الفلسطينيين بالأمس، وهذا ما صرحت به مراسلة التلفزيون العربي على الهواء مباشرة، إثر تلقيها شهادات من شهودٍ عيان من مجدل شمس، هدّدهم الجيش الإسرائيلي بالاعتقال والإيذاء في حال كرّروا شهاداتهم تلك مجدّداً للمراسلة.
كما نستنكر في الوقت ذاته ما نقل عن الموفد الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط آموسهوكشتاين بأنه هدّد باسم «إسرائيل» أنّ الحرب ستتوسّع على لبنان في ضوء جريمة مجدل شمس، في حين كان عليه أن يسعى للوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان ومجدل شمس، وأن يكون وسيطاً حيادياً في مواجهة لبنان لهذا العدوان الصهيوني على منطقة الشرق الأوسط بِرُمَّتها، مشيرين إلى أن لا فرق بين الشهداء في غزة وجنوب لبنان والعراق واليمن والجولان المحتلّ وسائر الأراضي السورية، الذين يسقطون من جرّاءِ القصف الإسرائيلي الشرس.
كلمة حق تقال، إنّ «إسرائيل» هي المسؤولة الوحيدة عن الصاروح الذي أوقع 12 شهيداً سورياً في بلدة مجدل شمس المحتلة في الجولان، وكيان الاحتلال الإسرائيلي هو المجرم الإرهابي الذي اقترف هذه الجريمة البشعة في تلك المدينة المحتلّة منذ عام 1967، ولن يتمكن العدو من تحميل وزر جريمته للمقاومة الإسلامية في لبنان، لكي يصعّد من دائرة عدوانه على لبنان. لا سيما أنّ أهالي الجولان كانوا وما زالوا وسيبقون جزءاً أصيلاً من مقاومة المحتل ومقاومة سياساته العدوانية التي تستبيح الأرض والهوية العربية والإسلامية.
ونحذّر «إسرائيل» من أنّ أيّ خطوة حمقاء من جانب الكيان الصهيوني تجاه لبنان، سوف تلحق هزيمة أشدّ به من تلك التي مُني بها جيشه إبّان اجتياحه للعاصمة بيروت عام 1982، ومن ثم لاحقاً في عدوان 2006، لا سيما أنّ حزب الله اليوم أقوى بعشرات المرات من حماس، ولديه المدى المفتوح إضافة إلى الخبرة والجهوزية العسكرية بما يفوق التوقعات.
فضلاً عن أنّ الكيان الصهيوني الذي لا يملك شيئاً من الأخلاق والإنسانية، غارق في وحول غزة، ولم ولن يتمكن من القضاء على المقاومة الفلسطينية بعد نحو 10 أشهر من عدوانه على القطاع الفلسطيني، وبالتالي كان بالأحرى بـ «إسرائيل» إبرام صفقة تبادل أسرى ووقف إطلاق نار مع حماس، عوضاً عن ارتكاب جريمة مجدل شمس وتحميلها لحزب الله لتوسعة الحرب شمالاً، لا سيما أنها مسؤولة عن 130 ألف شهيد وجريح غزاوي، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود.
أما مواصلة تل أبيب حروبها على غزة ولبنان متجاهلة قرارات مجلس الأمن الدولي وتحذيرات الدول من وجوب عدم توسعة الحرب على لبنان، ومتجاهلة أيضاً أوامر وقرارات محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وللخروج من الأراضي المحتلة عام 1967 وتحسين الوضع الإنساني المزري بالقطاع الفلسطيني، فكله سوف تدفع ثمنه في القريب العاجل بإذن الله.
خاتمين بالقول، إننا نعوّل على جهود دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري في التوصل مع الموفدين الدوليين لوقف إطلاق نار جدّي في جنوب لبنان، بعد إفهامهم أنّ حزب الله مقاومة لبنانية وجزء لا يتجزأ من الكيان اللبناني، وبالتالي فهو باقٍ باقٍباق…