الراعي يغسل يديه من «الأربعة الكبار»
هتاف دهام
يجزم أكثر من مصدر مطلع في فريقي 8 و14 آذار أنّ الفراغ في سدة الرئاسة بات واقعاً لا محال. التطورات الإقليمية تؤثر في البلد، والفراغ المؤكد حتى شهر تموز المقبل، ربما يتمدّد لآخر العام أو لسنتين، من شأن ذلك أن يطيح بالمجلس النيابي، ليصبح المؤتمر التأسيسي واقعاً يقود اللبنانيين إلى نظام سياسي جديد.
ويؤكد مصدر مطلع أنّ مسألة استبعاد المؤتمر التأسيسي نوع من الحماقة، فهذا المؤتمر قد يمثل الإنقاذ الوحيد للبنان، الذي ستبقى كرسيّ رئاسته خالية في المدى المنظور.
ينتظر استحقاق بعبدا أن تفتح قنوات التواصل الجدية بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأن تثمر المفاوضات النووية الإيرانية التي ستنعكس إيجاباً على طبيعة العلاقة الإيرانية الأميركية. الانتخابات العراقية وعودة نوري المالكي إلى السلطة، والانتخابات الرئاسية السورية، مع الإشارة إلى أنّ هذا الملف هو الأسهل، حيث الأمور محسومة لمصلحة الرئيس بشار الأسد.
وإلى ذلك الحين، فإنّ أسماء كثيرة يتمّ التداول بها في الصالونات السياسية، لن يحسم أيّ اسم منها، ولن يستبعد منها أحد باستثناء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فحظوظه ورئيس حزب الكتائب أمين الجميّل بالوصول إلى قصر بعبدا قبل 25 أيار وبعده معدومة، لا سيما أنّ ورقة أي مرشح من 14 آذار ساقطة، ولا تتعدّى اللعب في الوقت الضائع بانتظار أن تنضج الطبخة الإقليمية التسووية.
اجتمع رئيس مجلس النواب نبيه بري بالنائب عن حزب القوات انطوان زهرا. سارع الأخير إلى الإشادة برئيسه الذي أعلن استعداده للانسحاب لمرشح من 14 آذار يمكنه أن يأتي بـ أكثر من 48 صوتاً، فقال له الرئيس بري ممازحاًً: «يعني بدو ينسحب… بس لمين، إذا كان الانسحاب للرئيس أمين الجميّل، فالأخير جربناه فخلينا نجرّب جعجع». وفي السياق تؤكد مصادر مطلعة في 14 آذار أن جعجع والجميّل يكذبان على بعضهما، وما يفعلانه لا يتعدّى المناورة، أما الحقيقة فهي أنهما يسعيان خلف العماد ميشال عون بغية تحسين وضعهما الشعبي وانتزاع أكبر حصة من التمثيل في الساحة المسيحية المارونية.
في موازاة ذلك، يؤكد مصدر مقرّب من وزير الاتصالات بطرس حرب أنّ الأخير لم يترشح للانتخابات الرئاسية ولن يتنطح للترشح مستقبلاً، فهو لا يريد أن يتشاجر مع أحد في فريق 14 آذار، وبالتالي فإنّ بطرس لن يخوض حرباً نتائجها معروفة سلفاً، إلا في حال وقعت عليه القرعة وتمّ التوافق على اسمه، عندها لن يرفض ذلك، فالانتخابات الرئاسية وفق مصادر حرب هي بمثابة التجنيد الإجباري، فبعض الأسماء التوافقية قد تكون الحلّ في ظلّ الترشيحات التصادمية، لا سيما أنّ ترشيح جعجع ليس إلا لتحدي العماد عون.
في غضون ذلك، بدا من الأجواء المحيطة ببكركي أنّ البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أخذ يغسل يديه من «الأقطاب الموارنة الأربعة»، وبدأ بالترويج لبعض الأسماء المؤهّلة برأيه لتولي منصب رئاسة الجمهورية، وأخذ يستمزج الآراء في شأن وزير الداخلية السابق زياد بارود، وقد كشفت الأمر سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجلينا إيخهورست خلال لقائها أحد السياسيين والبحث معه في ملف الانتخابات الرئاسية، حيث سألت إيخهورست محدثها عن الوزير بارود قائلة: «البطريرك الراعي يوصي به جيداً»، على رغم نفي البطريرك ذلك مراراً.
في مجالسه الخاصة يطرح البطريرك الراعي بعض الأسماء المارونية على غرار جوزيف طربية وعبد الله بو حبيب وروجيه ديب، إلا أنّ هذه الأسماء لا تحظى على غرار الأسماء التصادمية بالتوافق من الفريقين، فهي لا تمثل شيئاً في البيئة المسيحية كما تقول مصادر في 14 آذار التي تعتبر طرح سيد بكركي «نوعاً من الهودسة».
وتستبعد هذه المصادر ترشيح قائد الجيش العماد جان قهوجي راهناً، فالقيادات المسيحية اتفقت على استبعاد العسكر عن الرئاسة الأولى، كما تستبعد أيضاً ترشيح الوزير السابق جان عبيد، الذي يعمل لوصوله الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، على رغم معرفتهما بأن الجو السياسي الحالي لا يشجع على الخوض في أسماء لا أرضية مسيحية مارونية كبيرة لها.
يؤكد فريق 14 آذار أنّ أيّاً من الأسماء المطروحة توافقياً لا يحظى بشعبية مسيحية كبيرة تؤهّله لأن يكون رئيساً للجمهورية، وفي الوقت عينه يضعون «فيتو» على العماد ميشال عون الذي يحوز على ثقة شعبية لبنانية عموماً ومسيحية خصوصاً تمكنه من أن يكون الرئيس الوفاقي والتوافقي.