نقاش غير تقليديّ للإطار القانونيّ للعبور!
ناصر قنديل
– كلما دقت طبول الحرب وطرحت الاحتمالات بخروجها عن السيطرة، يحضر عنوان العبور الى الجليل، في أدبيات ونقاشات قادة وخبراء كيان الاحتلال، باعتباره مصدر القلق الأهم من فقدان السيطرة على مسارات الحرب، انطلاقاً من اعتبار التوازن الناري بين حزب الله وجيش الاحتلال يتكفل بإقامة حسابات متبادلة لعدم الدخول في حرب تدمير متبادل بين المدن والبنى التحتية والتجمّعات السكنية، بينما لا يثق قادة الكيان والخبراء فيه بأن هناك توازناً مشابهاً في القدرة على التهديد بخيار العبور البريّ، بمقارنة وضع حزب الله اليوم بما كان عليه عام 2006 وتضاعف قدراته البشرية والمعنوية والتسليحية عدة مرات، مقابل التطور المعاكس السلبي لواقع قدرات جيش الاحتلال البرية المادية والبشرية والمعنوية، ولذلك تتجه النقاشات في الكيان إلى الإطار القانوني المانع لقيام حزب الله بالعبور إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
– بالطبع من المعلوم أن اللحظة المناسبة للعبور قد تتوفر وقد لا تتوفر، لكن نقاش الإطار القانوني للعبور نظرياً لا يضرّ بشيء سوى أنه قد يفتح الباب لإسقاط وهم الاحتماء في الكيان وراء الفرضية القانونية للمخاطرة بحرب يعتقدون أن العبور خلالها مستبعَد. وهنا لا حاجة للإيضاح أن العبور إلى مزارع شبعا لا يحتاج الى نقاش قانوني، لأن التذرع الإسرائيلي بربط مصيرها مع الجولان لا ينفي كونها أرضاً محتلة، والتوهم بأن قرار ضمّ الجولان والاعتراف الأميركي به يقدّمان حماية قانونية للاحتلال يجيب عليه غياب أي تعديل في الموقف القانوني الدولي من اعتبار كل إجراءات الاحتلال في تغيير واقع الأراضي المحتلة عام 67 غير قانونية وغير شرعية، وفقاً للقرار الاستشاري الأخير الصادر عن المحكمة الدولية في لاهاي.
– وما يصح في مزارع شبعا يصح في الجولان، لكن ماذا عن الجليل، والسؤال هنا يحتاج الى العودة للبحث عن الإطار القانوني الذي يستند إليه الاحتلال، حيث لا حدود مرسمة بعد للكيان يمكن تسميتها أسوة بسائر الدول بالحدود الدولية المعترف بها، بسبب أطماع الاحتلال الاحتفاظ بالأراضي المحتلة عام 67 من جهة، وعجز المنظمة الأممية عن الاعتراف بالأراضي المحتلة عام 67 جزءاً من الكيان، وهذا قد يوحي للبعض بأن لا إشكالية قانونية حول وجود شرعية دولية لإقامة الكيان في الأراضي المحتلة عام 48 باعتبارها أرضه المعترف بها دولياً، والانطلاق من اتفاقيات الهدنة، أو من سواها من عمليات ترسيم حدودية. وهذا خلط خطير بين تمسك لبنان على سبيل المثال بحدوده الدولية مع فلسطين واعتبار فلسطين هي “إسرائيل”، لأنه في القرارات الدولية وفي القانون الدولي الأمر ليس كذلك، في ظل نزاع قائم ومفتوح منذ عقود.
– واقعياً توجد وثيقة واحدة في الأمم المتحدة تحمل صفة قرار صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 تتحدّث بوضوح وبالتفصيل عن حدود دولة يهودية وحدود دولة عربية في فلسطين، هي القرار 181، ولم تصدر بعد هذا القرار أي وثيقة او قرار يثبت حدوداً أخرى لكيان الاحتلال. وبالتالي الأمم المتحدة لا تملك منح الشرعية لإقامة الكيان إلا ضمن الحدود التي نص عليها القرار 181، بحيث لا يكون احتلال القدس الشرقية غير شرعي فقط، بل في القدس الغربية أيضاً يعتبر وجود جيش الاحتلال غير شرعي، باعتبار أن القرار 181 تضمن إعلان منطقة القدس كلها تحت السيطرة الأممية، كمدينة عالمية مفتوحة لأتباع الأديان السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام.
– يرسم القرار 181 حدود الدولة العربية شمالاً من جهة الحدود مع لبنان كما يلي، “يحد منطقة الدولة العربية في الجليل الغربي من الغرب البحر الأبيض المتوسط، ومن الشمال حدود لبنان من رأس الناقورة إلى نقطة شمالي الصالحة، ومن هناك يسير خط الحدود في اتجاه الجنوب تاركاً منطقة الصالحة المبنية في الدولة العربية فيلاقي النقطة الواقعة في أقصى جنوبي هذه القرية. من ثم يتبع خط الحدود الغربية لقرى علما والريحانية طبطبة، ومنها يتبع خط الحد الشمالي لقرية ميرون فيلتقي بخط حدود قضاء عكا/ صفد. ويتبع هذا الخط إلى نقطة غربي قرية السموعي، ويلاقيه مرة أخرى في نقطة في أقصى شمالي قرية الفراضية. ومن هناك يتبع خط حدود القضاء إلى طريق عكا/ صفد العام، ومن هنا يتبع الحدود الغربية لقرية كفر عنان حتى يصل خط حدود قضاء طبريا/ عكا، مارا بغربي تقاطع عكا/ صفد ولوبية/ كفر عنان، ومن الزاوية الجنوبية الغربية لقرية كفر عنان يتبع خط الحدود الغربية لقضاء طبريا إلى نقطة قريبة من خط الحدود بين قريتي المغار وعيلبون، ومن ثم يبرز إلى الغرب ليضم أكبر مساحة من الجزء الشرقي من سهل البطوف لازمة للخزان الذي اقترحته الوكالة اليهودية لري الأراضي إلى الجنوب والشرق. وتعود الحدود فتلتقي بحدود قضاء طبريا في نقطة على طريق الناصرة/ طبريا إلى الجنوب الشرقي من منطقة طرعان المبنية، ومن هناك تسير في اتجاه الجنوب، تابعة بادئ الأمر حدود القضاء، ثم مارة بين مدرسة خضوري الزراعية وجبل تابور إلى نقطة في الجنوب عند قاعدة جبل تابور. ومن هنا تسير إلى الغرب، موازية لخط التقاطع العرضي 230 إلى الزاوية الشمالية الشرقية من أراضي قرية تل عداشيم. ثم تسير إلى الزاوية الشمالية الغربية من هذه الأراضي ومنها تنعطف إلى الجنوب والغرب حتى تضم إلى الدولة العربية مصادر مياه الناصرة في قرية يافا. وحين تصل جنجار، تتبع حدود أراضي هذه القرية الشرقية والشمالية والغربية إلى زاويتها الجنوبية الغربية، ومن هناك تسير في خط مستقيم إلى نقطة على سكة حديد حيفا/ العفولة على الحدود ما بين قريتي ساريد والمجيدل، وهذه هي نقطة التقاطع. ثم تتخذ الحدود الجنوبية الغربية من منطقة الدولة العربية في الجليل خطاً من هذه النقطة ماراً نحو الشمال على محاذاة حدود ساريد وغفات الشرقية إلى الزاوية الشمالية الشرقية من نهلال، ماضياً من هناك عبر أراضي كفار هاحوريش إلى نقطة متوسطة على الحدود الجنوبية لقرية عيلوط، ومن ثم نحو الغرب محاذياً حدود تلك القرية إلى حدود بيت لحم الشرقية، ومنها نحو الشمال فالشمال الشرقي على حدودها الغربية إلى الزاوية الشمالية الشرقية من ولدهايم، ومن هناك جنوب الشمال الغربي عبر أراضي قرية شفاعمرو إلى الزاوية الجنوبية الشرقية من رامات يوحانان. ومن هنا يسير شمالاً فشمالاً شرقياً إلى نقطة على طريق شفاعمرو/حيفا، إلى الغرب من اتصالها بطريق عبلين. ومن هناك يسير شمالاً شرقياً إلى نقطة على الحدود الجنوبية من طريق عبلين للبروة. ومن هناك يسير على تلك الحدود إلى أقصى نقطة غربية لها، ومنها ينعطف إلى الشمال فيمضي عبر أراضي قرية تمرة إلى أقصى زاوية شمالية غربية، وعلى محاذاة حدود جوليس الغربية حتى يصل إلى طريق عكا/صفد. بعد ذلك يسير صوب الغرب حتى يصل إلى طريق عكا/صفد إلى حدود منطقة الجليل/حيفا، ومن هذه النقطة يتبع تلك الحدود إلى البحر.
– يمكن النظر للخريطة المرفقة للتعرّف على التفاصيل المذكورة بدقة جغرافية لا تقبل الالتباس، بحيث يكون الجليل الغربي والجليل الأعلى جزءاً من الدولة العربية، وإصبع الجليل ضمن الدولة اليهودية، ما يعني أنه في حرب تخرج عن السيطرة، يكون شرعياً للقوات الفلسطينية التي تمثل اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان والمنتمين إلى قرى وبلدات ومدن الجليل أن يقوموا بدعم من لبنان شعباً وجيشاً ومقاومة بالدخول الى الجليل الأعلى بما في ذلك ميرون، والناصرة وصولاً الى جنين، والجليل الغربي بما في ذلك نهاريا وعكا، وإعلان إقامة الدولة العربية الفلسطينية تنفيذاً للقرار 181، وضمان عودة اللاجئين تنفيذاً للقرار 194، وأن يتواصلوا مع إخوتهم في الضفة الغربية من جهة الناصرة نحو جنين.