أولى

المعركة على سورية

منذ قررت واشنطن وتل أبيب إطلاق الحرب على سورية ونجحت خطة اجتذاب حلفاء عرب وإقليميّين لخوضها بأوهام السلطنة وتعويض خسارة العراق، ونجحت خطة تجنيد التنظيمات الإرهابية لجعل حربها بوهم تكرار تجربة أفغانستان. والعقل الجمعي الذي يدير حروب المنطقة في واشنطن وتل أبيب بمعزل عن تغير الحكومات في الكيان والإدارات الأميركية، يدرك أن أمن الكيان يحفظ ويخسر في سورية، وأن النفوذ الأميركي يتحقق ويفشل من سورية.
وصلت الحرب على سورية إلى نقطة استعصاء اللاعودة، والرهان على ربح هذه الحرب بات استحالة وفوق طاقة كل الذين خاضوا غمارها، حتى الرهان على تقاسم سورية، فوق طاقتهم، لكن بمستطاعهم كما هو الحال منذ سنوات مواصلة الضغط في سورية وعلى سورية ومنع تعافيها، وحرمانها من استعادة قوتها وحضورها وسيادتها الكاملة، وبالتالي دورها الإقليمي.
جاء طوفان الأقصى والحرب التي شنتها تل أبيب وواشنطن معاً لإسقاط المقاومة في غزة وتطويع قوى المقاومة في المنطقة، والوضع في سورية في هذه المنطقة الوسط، استحالة إسقاط سورية، وامتلاك أوراق ضغط وقوة لإزعاج سورية واستنزافها ومنع تعافيها، وفيما تقدّمت قوى المقاومة على كل الجبهات وفرضت استعصاء موازياً على كيان الاحتلال، دون وهم بحرب تحرير شاملة أو حرب إسقاط الكيان، أو ربح بالضربة القاضية، شبيه بالوهم الاميركي الإسرائيلي بإسقاط سورية، نجحت قوى المقاومة برسم سقف لدور سورية في هذه الحرب لا يتيح تحويلها إلى خاصرة رخوة، وصار على واشنطن وتل أبيب القبول بحل في غزة يحقق شروط المقاومة هناك للحصول على جواز عبور السفن من البحر الأحمر نحو موانئ الاحتلال، وجواز عبور للمستوطنين المهجرين للعودة إلى مستوطنات شمال فلسطين، فيما تستمر المعركة المفتوحة من قوى المقاومة لإخراج قوات الاحتلال الأميركي من سورية والعراق.
الأكيد أن قوى المقاومة لا تربط بين التوصل إلى اتفاق حول غزة، وبين انسحاب قوات الاحتلال من سورية والعراق، لكن القراءة الأميركية الإسرائيلية تقول إن قوى المقاومة الخارجة من حرب الطوفان بفائض قوة مادي ومعنوي لن تتأخر حتى تصرف كل ذلك لتسريع معركة حسم أمر الاحتلال الأميركي في سورية والعراق، ومحوره سورية كما قال الأميركيون للحكومة العراقية، وأن الانسحاب الآن أو لاحقاً من سورية والعراق سيخلق ديناميكيات جديدة في المنطقة، تنفتح فيها الحدود بين دول محور المقاومة، وتتغيّر معه البيئة الجيواستراتيجية المحيطة بالأردن، وبالتالي فإن خطر هذا التحوّل على أمن الكيان أكبر من خطر أي اتفاق ينهي الحرب في غزة بشروط المقاومة.
جاء الأميركي والإسرائيلي الى هذه الجولة بخطة، تناهت الى مسامع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعض خيوطها وخطوطها فتحدّث عنها قبل أن تنطلق الخطوة الأولى فيها بمجزرة مجدل شمس بحق فتيتها واتهام المقاومة بقتلهم لتبرير الاندفاع في الاعتداءات بداعي الرد الذي سمته واشنطن بلا تردّد بالدفاع عن النفس، والمعادلة هي اعطونا صكّ شرعية للاحتلال نفرج عن اتفاق غزة، ولذلك صار بوتين هنا!

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى