أولى

مفاوضات الخميس وموقف حماس

لم يكن في حساب مَن قرّر قتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، أن يكون يحيى السنوار هو مَن سوف تؤول إليه رئاسة الحركة. والقرار بالتخلص من هنية في طهران لا يمكن أن يتخذ على عاتق تل أبيب وحدَها لأن التورط بمواجهة مع إيران يحتاج إلى موافقة أميركيّة مسبقة باعتبار ما جرى خلال الرد الإيرانيّ وما ظهر من اعتماد إسرائيلي كامل على الدعم الأميركي ما دفع بالرئيس الأميركي جو بايدن الى القول للإسرائيليين لو لم نقم بحمايتكم لكانت نتيجة الضربة الإيرانيّة تدميراً كاملاً لـ«إسرائيل”.
أي اسم آخر في رئاسة حماس غير يحيى السنوار كان يمنح تل أبيب فرصة التشدّق بالردع، والتحدّث عن صورة نصر، والرهان على مسار تفاوضيّ مختلف ولو بالبيانات الإعلاميّة، لكن اختيار السنوار جعل رد الفعل عكسياً، حتى داخل الكيان حيث الكلام عن ورطة مزدوجة جلبها الاغتيال، فمن جهة التعامل سيكون تفاوضياً من الآن فصاعداً مع السنوار المقيم في أنفاق غزة حيث لا نفوذ لمصر أو قطر كوسيطين ولا لأي طرف تملك واشنطن القدرة على استخدام علاقتها به للضغط على المفاوض الفلسطينيّ، ومن جهة وضع الكيان في مرمى النار مع ردّ إيراني مؤكد قد لا تنفع الحشود الأميركيّة في توفير فرصة جدّية لتفادي مخاطره على الكيان.
حركة حماس أظهرت ذكاءها الاستراتيجيّ مرة أخرى بإسناد رئاستها إلى السنوار رداً على اغتيال هنية، والقول للقتلة تتخلصون من هنيّة فإليكم بالسنوار رئيساً ومفاوضاً، والسنوار رئيساً لحماس وقائداً للمقاومة يحمل دم هنيّة كمسؤوليّة تستدعي أن يدفع القتلة ثمن فعلتهم، من خلال إفهامهم أولاً أن لا نزول عن السقف الذي رسمه هنيّة للتفاوض، وإفهامهم ثانياً أنه بعد ما قاله هنية لا كلام يُقال وقد لا تكون حاجة للتفاوض.
البيان المؤلف من سطر واحد الذي صدر عن حركة حماس تعليقاً على الدعوة للتفاوض يوم الخميس المقبل الصادرة عن بيان رئاسيّ وقعه الرئيس الأميركي ومعه أمير قطر والرئيس المصريّ، جاء بعد أيام على الدعوة، ليقول إن الحركة لا ترى حاجة للتفاوض بل لـ “خطة لتنفيذ ما قبلته الحركة في الثاني من يوليو/تموز الماضي بدلاً من الانخراط في مفاوضات جديدة”.
ما لم يقله البيان لبنيامين نتنياهو الذي تعهّد بإرسال وفد للتفاوض حول البنود وإطار الاتفاق وليس على خطة تنفيذيّة، كما ورد في البيان الثلاثي، إن عليه التفاوض مع الوسطاء وعندما يقرّ بالبنود والإطار، يصبح وقت البحث بخطة تنفيذيّة، وحتى ذلك الحين بيننا الأيام والليالي والميدان.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى