أولى

غزة الجريحة تواصل المقاومة… والاحتلال يغوص في رمال غزة المتحركة

حسن حردان

غزة الجريحة تأبى رفع راية الاستسلام، رغم المجازر الصهيونية النازية المتواصلة دون توقف، والتي كان آخرها مجزرة مدرسة التابعين، المماثلة في وحشيتها لمجزرة مستشفى المعمداني… العدو الذي عجزت قوّته العسكرية الأحدث والأكثر قتلاً وتدميراً في سحق المقاومة، او إضعاف قدراتها ومعنويات مقاتليها، او النيل من إرادتهم وتصميمهم على مواصلة المقاومة بعزم وقوة وكأنهم في اليوم الأول للحرب المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر.. هذا العدو يعمد إلى الانتقام من المدنيين في محاولة للنيل من صمودهم وثباتهم ورفضهم التخلي عن مقاومتهم، والرضوخ للمخطط الإسرائيلي بتكرار نكبة 1948 بالهجرة إلى سيناء هرباً من إرهاب المجازر الصهيونية…
وفيما جيش الاحتلال ينتهج هذه السياسة الإرهابية النازية ضدّ الشعب الفلسطيني الأعزل… تكشف المقاومة يومياً عن مدى فشله في تحقيق أهدافه، وتظهر للعالم انه لا يقوى سوى على قتل المدنيين وتعذيب الأسرى بوحشية تذكر بوحشية قوات الاحتلال الأميركي في سجن أبو غريب في العراق، ومعسكرات الاعتقال النازية والفاشية في الحرب العالمية.
لقد كشفت عمليات وكمائن المقاومة ضد جيش الاحتلال في الأيام الأخيرة والمستمرة دون توقف، وأكدت جملة من الحقائق:
أولاً، استمرار رؤية دبابات ومدرّعات العدو وهي تحترق وتدمر بصواريخ وعبوات المقاومين، وكذلك الكمائن التي نصبتها المقاومة لجنود الاحتلال أثناء تحركهم أو خلال دخولهم الأبنية، وتفجير العبوات بهم وايقاعهم قتلى وجرحى، ومشاهدة مروحيات العدو وهي تنقل جثث وجرحى الجنود.. وهي مشاهد باتت تعرضها المقاومة كجزء من الحرب النفسية التي أحسنت خوضها منذ بداية الحرب لكشف كذب بيانات جيش الاحتلال من جهة، والتأثير على معنويات الجنود والمستوطنين من جهة ثانية، ورفع معنويات الجمهور الفلسطيني والعربي وزيادة ثقته بصدقية المقاومة وقدرتها على مواجهة جيش الاحتلال وإحباط أهداف حربه من جهة ثالثة.
ثانياً، التأكيد بالدليل القاطع مدى فشل جيش الاحتلال في القضاء على المقاومة أو النيل من قدرتها على مواصلة القتال.. على أنّ هذا الفشل اعترف به أخيراً ضباط صهاينة قاتلوا في غزة، في رسالة وجهوها إلى رئيس الأركان هرتسي هليفي، واكدوا فيها، حسب ما ذكرت القناة 14 الاسرائيلية، “انّ الوضع في غزة لا يزال بعيداً عن النصر وانهم مندهشون إزاء تصريحات متكررة من رتب عسكرية رفيعة بأن النصر قريب”.. مؤكدين انه “لا تزال لدى العدو (المقاومة) قدرات عابرة للحدود ومُسيّرات وبنية تحتية ضخمة للأنفاق”.
وقد دعم أقوال هؤلاء الضباط المسؤول السابق في الموساد رامي ايغرا الذي نقلت عنه صحيفة “معاريف الإسرائيلية” قوله: “إنّ رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار لم يضعف بل ازداد قوة خلافاً لكل التقديرات”.
على أنّ هذه الاعترافات تشكل تكذيباً لادّعاء رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو بشأن تحقيق تقدّم في مواجهة حركة حماس وباقي حركات المقاومة.
ثالثاً، نجاح المقاومة في الاستمرار في امتلاك القدرة على التحكم والسيطرة في إدارة حرب استنزاف وفق قواعد حرب العصابات وحرب المدن وتكبيد جيش الاحتلال خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد فاقت حروبه السابقة (بلغت حسب اعترافاته 10 آلاف بين قتيل وجريح، و10 آلاف معاق)، رغم ما يمتلكه من تفوق كبير ونوعي في الأسلحة والتقنيات الأحدث في الترسانة الأميركية…
رابعاً، تأكيد جديد بأنّ المقاومة عندما شنّت هجومها النوعي والمباغت ضدّ جيش الاحتلال في غلاف غزة في 7 تشرين الأول 2023، كانت قد أعدّت جيداً لخوض حرب استنزاف طويلة النفس، تجعل جيش الاحتلال يغرق في رمال غزة المتحركة.. وهو ما حصل ويحصل منذ أكثر من عشرة أشهر.
من هنا فقد فاجأت المقاومة العدو الصهيوني ومن ورائه أميركا، بقدراتها واستعداداتها ومهارة مقاتليها على الصمود والاستمرار في خوض وإدارة حرب استنزاف بهذه القوة والكفاءة.. وهو ما أدخل كيان العدو وقادته في مأزق كبير غير مسبوق.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى